دينا محمود (لندن)
جاء إعلان النيجر ومالي وبوركينا فاسو تشكيل قوة عسكرية مشتركة لمحاربة الإرهاب والجماعات المتطرفة في منطقة الساحل، بمثابة تدشين لنهج مختلف في التعامل مع التهديدات الأمنية التي تحفل بها هذه البقعة الواقعة في غرب أفريقيا، والتي باتت على مدار السنوات القليلة الماضية، أحد المعاقل الرئيسة للتنظيمات الإرهابية في العالم بأسره.
فالخطوة التي كشفت الدول الثلاث النقاب عنها في نهاية الأسبوع الأول من الشهر الجاري على لسان قادة جيوشها، تمثل خروجاً عن النهج السابق، الذي كانت بلدان المنطقة تعتمد في إطاره على الدعم الخارجي، للتعامل مع الجماعات الإرهابية الناشطة فيها، والتي أدت هجماتها إلى أن يشهد ذلك الجزء من القارة الأفريقية، سقوط قرابة 43% من عدد ضحايا الإرهاب على الصعيد الدولي.
ويؤكد خبراء ومحللون أن تشكيل هذه القوة، التي قال مسؤولو البُلدان المشاركة فيها إنها ستبدأ عملها في أسرع وقت ممكن، يفتح الباب أمام دول «الساحل الأفريقي»، للاضطلاع بدورها والإمساك بزمام الحملة المناهضة لما تعاني منه من إرهاب، وأن تحظى كذلك بقدر أكبر من الاستقلالية في هذا الصدد.
وتفيد تقديرات بأن الهجمات التي شنتها التنظيمات الإرهابية في المنطقة الحدودية المشتركة بين مالي والنيجر وبوركينا فاسو أوقعت، على مدار سنوات قليلة، أكثر من 20 ألف قتيل، كما تسببت في تشريد ما يقرب من 4.2 مليون آخرين.
في الوقت نفسه، يعكس الإعلان عن تشكيل تلك القوة المشتركة، تسارع وتيرة التعاون بين النيجر ومالي وبوركينا فاسو، التي سبق أن دشنت في سبتمبر الماضي، تكتلاً إقليمياً يحمل اسم «تحالف دول الساحل»، كما قررت في أواخر يناير من العام الحالي، الانسحاب من المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا المعروفة باسم «إيكواس».
ولدى انسحابها من المجموعة، اتهمت هذه الدول «إيكواس»، بالفشل في تقديم الدعم لها، في حربها ضد تنظيميْ القاعدة وداعش، والجماعات الإرهابية المنبثقة عنهما.
من جهة أخرى، يؤكد مضي الدول الثلاث قدماً على طريق توحيد جهود جيوشها من أجل محاربة الإرهاب، وجود إجماع في دوائر صنع القرار في بلدان مختلفة بمنطقة الساحل، على خطورة التنظيمات المتطرفة، وعصابات الجريمة المنظمة، المنخرطة في كثير من الأنشطة غير القانونية هناك، بما في ذلك تهريب السلاح والاتجار بالبشر.
مشكلة متجذرة
في تصريحات نشرها موقع «أتلايار» الإخباري الإلكتروني اعتبر الخبراء أن الافتقار إلى الموارد المالية الكافية دفع دولاً أفريقية إلى اللجوء لمقايضة ما تتمتع به من ثروات طبيعية بالحصول على الأسلحة التي تحتاج إليها في حربها ضد الإرهاب، خاصة وأنه بات يمثل «مشكلة متجذرة» في منطقة الساحل، التي تمتد على مساحة تقارب ستة آلاف كيلومتر، وتتوزع على 10 دول أفريقية، يقطنها ما يزيد على 150 مليون نسمة.