دينا محمود (لندن)
قبل بضعة أشهر من الانتخابات المرتقبة للبرلمان الأوروبي مطلع يونيو المقبل، كشفت دراسة حديثة النقاب عن تزايد حظوظ القوى اليمينية العازمة على خوض هذا المعترك، إلى حد يجعل منها تهديداً جدياً للأحزاب السياسية الكبرى في القارة، التي تهيمن منذ عقود على الجانب الأكبر من مقاعد البرلمان.
وأشارت الدراسة، التي استندت إلى بيانات تم جمعها من الدول الـ 27 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، إلى أن كتلة «حزب الشعب الأوروبي» اليمينية المعتدلة، والتي تمثل ائتلافاً شعبوياً يضم سياسيين ذوي توجهات يمينية متشددة بجانب آخرين أقل تشدداً، ربما تحصل على الأغلبية في انتخابات البرلمان، للمرة الأولى على الإطلاق.
وبحسب نتائج الدراسة، التي أعدها مركز «المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية» للأبحاث؛ من المنتظر أن تحتفظ تلك الكتلة على أقل تقدير، بسيطرتها على غالبية المقاعد، دون أن يلغي ذلك توقعات أخرى، تشير إلى إمكانية أن تنتزع منها الصدارة، قوى يمينية أكثر تشدداً.
ووفقاً للنتائج نفسها، قد تصبح كتلة «الهوية والديمقراطية»، التي تأسست عام 2019، وتضم نواباً يمثلون أحزاباً يمينية متشددة، الرابح الأكبر في الانتخابات المقبلة، وأن يزيد عدد مقاعدها بواقع 40 على الأقل، لتحتل بذلك المركز الثالث، على قائمة الكتل الرئيسة، في المجلس التشريعي الأوروبي. وتعكس هذه التوقعات ما يصفه مراقبون بتراجع بدأ منذ أمد بعيد في مستوى شعبية الأحزاب الكبرى في أوروبا، وذلك بموازاة صعود نجم القوى السياسية الأصغر والأشد يمينية في مختلف أنحاء القارة، وهو التوجه الذي رُصِدَ على المستوييْن الوطني والقاريّ، خلال السنوات القليلة الماضية.
ويحذر المراقبون من أن ذلك الوضع بات يمثل تحدياً كبيراً للأحزاب التقليدية، ذات توجهات اليمين المعتدل ويسار الوسط، والتي تجنبت حتى الآن بلورة أي تحالفات مع القوى اليمينية المتشددة، ما يستدعي من هذه الأحزاب «الاستيقاظ»، والإنصات بشكل أكبر لمطالب الناخبين وأولوياتهم.
وفي تصريحات نشرها موقع «جيو تي في نيوز» الإلكتروني، شدد المحللون على أن الهيمنة المتوقعة للتيارات الأشد يمينية على البرلمان الأوروبي ستؤثر على عملية صنع السياسة في أروقة الاتحاد، لا سيما حيال الملفات الشائكة، كالهجرة والتغير المناخي، بما يتطلب من القوى التقليدية استنفار قواها لتأكيد أنها القادرة على حماية الحقوق الأساسية للأوروبيين، وليس قوى اليمين المتشدد. وبالنظر إلى أن البرلمان الأوروبي، الذي يُنتخب مرة كل 5 سنوات، يتولى إصدار التشريعات وإقرار الميزانية التي تقترحها عليه المفوضية الأوروبية، تتوقع الدراسة أن يقود أي تغيير كبير في تشكيلته إلى إحداث تأثيرات ملموسة، على الأجندة السياسية للاتحاد الأوروبي، والاتجاه المستقبلي للتشريعات الصادرة عنه. ووفقا لتوقعات الدراسة ذاتها، يُنتظر أن تتصدر الأحزاب الشعبوية المناوئة للاتحاد الأوروبي الانتخابات التشريعية في 9 من الدول الأعضاء فيه، بما في ذلك فرنسا، في حين يُتوقع أن تأتي هذه القوى في المركز الثاني أو الثالث في بُلدان مثل ألمانيا وإسبانيا والسويد.