دينا محمود (لندن)
مع توالي جولات الانتخابات التمهيدية بداخل الحزب الجمهوري لتحديد هوية الفائز ببطاقة الترشح عنه للسباق الرئاسي المقبل في الولايات المتحدة، تتزايد المؤشرات على أن مساعي القيادية الجمهورية نيكي هايلي لحسم المعركة لصالحها، قد لا تُكلل بالنجاح، في مواجهة المنافسة الشرسة التي تلقاها من الرئيس السابق دونالد ترامب.
فحتى الآن، ترتكز حملة هايلي - المندوبة السابقة لبلادها لدى الأمم المتحدة - على القول إن ترشح ترامب في انتخابات 2024، سيُفقد الجمهوريين فرصتهم في العودة إلى البيت الأبيض، بدعوى أن المواجهة التي ستكون في هذه الحالة تكراراً لما حدث عام 2020، ستقود إلى فوز آخر للرئيس الديمقراطي الحالي جو بايدن، على حساب الملياردير الجمهوري. ورغم أن استطلاعات الرأي التي أُجريت حتى الآن في الولايات المتحدة، تفيد بأن غالبية الأميركيين يُبدون، بوجه عام، فتوراً واضحاً إزاء إمكانية تكرار سيناريو الانتخابات الرئاسية الأخيرة في الرابع من نوفمبر المقبل، بل وتشير إلى أن هايلي قد تكون أفضل أداءً من ترامب، في أي مواجهة محتملة مع بايدن، فإن هذا الأمر لا يبدو مقنعاً، بالنسبة للقاعدة العريضة من الجمهوريين.
فالانتخابات التمهيدية التي أُجريت في أوساطهم حتى الآن في ولايتيْ آيوا ونيوهامشير، أظهرت تفوق ترامب بشكل واضح على هايلي. كما أن السياسية الجمهورية ذات الأصول الآسيوية، تعاني الأمرّيْن لتأمين الدعم لها حتى في ولايتها الأصلية، ساوث كارولينا التي سبق أن شغلت منصب حاكمها، في الفترة ما بين عاميْ 2011 و2017.
ففي هذه الولاية التي ستجري فيها الانتخابات التمهيدية في الرابع والعشرين من الشهر الجاري، تُظهر استطلاعات الرأي أن 7 من كل 10 ناخبين جمهوريين يدعمون ترامب، في مواجهة 50% منهم أو أكثر قليلاً يعربون عن تأييدهم لهايلي. وبينما قال 70% من هؤلاء الناخبين، إنهم يؤمنون بأن بوسع الرئيس السابق التغلب على بايدن، لا يتجاوز من يرون أن المندوبة السابقة في الأمم المتحدة قادرة على ذلك، سوى 63% تقريباً.
وتشكل هذه النتائج إشارة إلى عدم قناعة غالبية الجمهوريين، بالتحذيرات التي دأبت هايلي على إطلاقها، من أن استحواذ ترامب على بطاقة الترشح الرئاسية، تعني استمرار الهيمنة الديمقراطية على البيت الأبيض، وذلك عبر قولها مراراً وتكراراً «إنه ليس بمقدور المرء، مواصلة القيام بالأمر نفسه، وتوقع نتيجة مختلفة»، في إشارة واضحة إلى إمكانية خوض الرئيس السابق لانتخابات الرئاسة للمرة الثانية على التوالي، رغم خسارته فيها قبل بضع سنوات.
وتتعزز رؤية أنصار ترامب في هذا الصدد، بفضل كثير من استطلاعات الرأي التي أُجريت في الولايات المتأرجحة، وأظهرت تفوقه على الرئيس الديمقراطي، حتى وإن أشار مراقبون إلى أن ذلك قد لا يستمر خلال الأشهر التي تفصلنا عن موعد الانتخابات مطلع نوفمبر المقبل.
ويعزو مراقبون ما تواجهه نيكي هايلي من مصاعب، فيما يتعلق بإقناع الناخبين الجمهوريين، بأحقيتها بتمثيلهم في السباق الرئاسي المرتقب إلى تغييرات طرأت على بنية الحزب الجمهوري نفسه. فقبل عقد من الزمان، كان المانحون وذوو الرؤى الأقرب للمؤسسة الجمهورية التقليدية، هم أصحاب الكلمة العليا في الحزب، ما قاد مثلاً إلى أن ينتزع جون ماكين بتوجهه المحافظ بطاقة الترشح للرئاسة في انتخابات 2008، وهو ما تكرر مع ميت رومني بعد أربع سنوات، وذلك على حساب مرشحين آخرين، أكثر تشدداً في نزعتهم الجمهورية.
لكن خسارة الاثنين الاقتراعيْن واحداً تلو الآخر، قاد إلى أن يصبح نموذج ترامب هو الأكثر تفضيلاً، من جانب القاعدة الجمهورية في 2016، ما أدى إلى أن يحكم هذا الرجل سيطرته على الحزب، خاصة أن من بين الجمهوريين من يرى، أن الملاحقات القضائية الجارية بحقه، ما هي إلا محاولة لعرقلة عودته إلى المكتب البيضاوي.
غير أن محللين يشيرون في تصريحات نشرتها صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية على موقعها الإلكتروني، إلى أن إمكانية خسارة هايلي فرصتها هذه المرة، في تمثيل الجمهوريين في السباق الرئاسي، ربما لن تمنعها من معاودة المحاولة في 2028.