أحمد عاطف (تونس، القاهرة)
يستعد القضاء التونسي لبدء محاكمة المتهمين باغتيال المعارضين السياسيين شكري بلعيد ومحمد البراهمي، ما يرفع الغطاء والحماية عن عدد من المتصدرين السابقين للمشهد السياسي من أعضاء حركة «النهضة» الإخوانية، ويكشف النقاب عن المحاولات المستميتة لدفن القضية وتشويهها.
وقال الخبراء لـ«الاتحاد»، إن إصدار حكم قضائي حول هذه القضية قد ينهي الجدل السياسي الذي رافقها طوال السنوات الماضية، وأن الحكم قد يفتح ملف الاغتيالات السياسية التي طالما طالب التونسيين بكشف الغموض عنها، وعن من يحيكون المخططات السرية ضد البلاد.
وحدّدت هيئة الدائرة الجنائية الخامسة المختصة في قضايا الإرهاب بالقطب القضائي لمكافحة الإرهاب في تونس العاصمة، 5 أبريل المقبل موعداً لبداية محاكمة المتهمين في ملف اغتيال محمد البراهمي في 25 يوليو 2013.
واعتبر الخبير السياسي التونسي فيصل الشريف، أن محاكمة مرتكبي جريمتي اغتيال شكري بلعيد ومحمد البراهمي ستبدأ من دون انتظار الأطراف التي تقدمت بالقضية، والتي ركزت أكثر على البعد السياسي للقضيتين، مشيراً إلى أنه تم التعرف على مرتكبي الجريمة، ومنهم من سيمثل أمام هيئة المحكمة، إلا أن المعضلة الأساسية تكمن لدى التحقيق في الأشخاص الذين خططوا وقاموا بإعطاء الأوامر بالاغتيال.
وقال الشريف لـ«الاتحاد»: «في حين تركز هيئة الدفاع عن بلعيد والبراهمي على الدور المحوري لحركة النهضة الإخوانية التي كانت تحكم البلاد آنذاك ووقعت عمليتي الاغتيال في عهدها، بعدم توفير الحماية اللازمة للشخصيتين المهمتين في المشهد السياسي ومسؤولية وزير الداخلية علي العريض، التي تتهمه الأطراف التي رفعت القضية بالتخاذل وربما بتوفير الظروف اللازمة للقيام بالعملية الإجرامية رغم وصول معلومات من جهات استخباراتية أجنبية بالتحضير لعملية اغتيال إلا أن وزير الداخلية حينها غض الطرف عنها».
وأشار الشريف إلى أن «الملفين المتعلقين بالاغتيال تمت متابعتهما من قبل البشير العكرمي، والذي تتهمه اللجنة المشكلة للدفاع عن الشخصين بالتلاعب بالملف وإخفاء الحقائق، وعدم التحقيق مع أشخاص لهم ارتباط بالموضوع، مع التنصيص على أن هذا القاضي عينته حركة النهضة وفعل كل ما في وسعه لطمس معالم الجريمة وتبرئة الحركة، وعلى رأسهم راشد الغنوشي، والذي تعتبره اللجنة الفاعل الرئيس، والذي أعطى الأوامر بالاغتيال».
بدوره، أوضح الباحث السياسي التونسي، منذر ثابت، أن ملف الاغتيالات مرتبط عضوياً بملف الإرهاب بصفة عامة، وخاصة بمرحلة سادتها العمليات الإرهابية في المناطق الجبلية، وبعضها في المناطق الحضرية، وهذا الملف متكامل ومتشابك، ولا يمكن الفصل بين عناصره، لاسيما أن الأدوات المحلية تم إثباته، ولا تنفصل عن مخططات دولية تستهدف أن يكون فكر «الإخوان» هو السائد في تونس.
وأضاف ثابت في تصريحات لـ«الاتحاد» أن «المخططات الدولية لها أذرع عسكرية اقتحمت تونس ليلة سقوط نظام الرئيس السابق زين العابدين بن علي، وهي التي كانت وراء جملة من الأعمال التخريبية والإرهابية»، مشيراً إلى «وجود مناخ عام إلى جانب وجود الأدوات المحلية، والتي ساعدت على العنف السياسي الذي اتخذ عدداً من الأشكال، منها القيادة السياسية لكن في كل الحالات لابد من أن سيناريو الربيع العربي هو بالأساس سيناريو خارجي تم تصديره إلى تونس بتواطؤ من أطراف داخلية».