شعبان بلال (القاهرة)
رغم جهود المجتمع الدولي المستمرة للحد من نشاط ظاهرة الإرهاب بالقارة الأفريقية، إلا أن المؤشرات تؤكد زيادة نشاط الجماعات الإرهابية في القارة بشكل كبير خلال العام 2023، الذي شهد هجمات واسعة وخسائر غير مسبوقة نتيجة العمليات الإرهابية.
وشهد عام 2023 هجمات متعددة في دول أفريقية تسبب في مقتل الآلاف ونزوح ملايين الأشخاص من مناطق سكنهم إلى أخرى آمنة، وسط حالة من عدم الاستقرار الأمني والسياسي.
جنوب الصحراء
ومثلت منطقة جنوب الصحراء مركز جاذبية الأنشطة الإرهابية في العام الجاري، بعد جهود المجتمع الدولي في القضاء على قواعده في الشرق الأوسط، حيث تنشط في الوقت الحالي الجماعات الإرهابية في غرب أفريقيا وأبرز هذه الجماعات «داعش» و«القاعدة» و«الشباب» والجماعات مسلحة أخرى، ليتم تصنيف منطقة «الساحل الأفريقي» كأخطر البؤر الإرهابية في العالم.
وكشف تقرير مؤشر الإرهاب العالمي 2023، عن زيادة بنسبة 50 % في الوفيات العام الماضي من جانب الجماعات المسلحة في أفريقيا، كما ارتفعت العمليات الإرهابية في المنطقة بأكثر من 2000 % خلال السنوات الـ 15 الماضية.
غرب أفريقيا
وبحسب المنظمة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا «الإيكواس»، فإن منطقة غرب أفريقيا سجلت أكثر من 1800 هجوم في الأشهر الستة الأولى من عام 2023، مما أدى إلى مقتل ما يقرب من 4600 شخص مع عواقب إنسانية وخيمة في دول المجموعة المكونة من 15 دولة يوجد بها نصف مليون لاجئ وما يقرب من 6.2 مليون نازح داخلياً.
وأوضح التقرير أنه في الفترة من يناير إلى 30 يونيو، وقع 2725 هجوماً في بوركينا فاسو، و844 في مالي، و77 في النيجر، و70 هجوماً في نيجيريا، أدت جميعها إلى مقتل 4593 شخصاً، مضيفاً أن الهجمات في بنين وتوغو اللتين تطلان على المحيط الأطلسي هي مؤشر صارخ على توسع الإرهاب إلى الدول الساحلية، وهو الوضع الذي يشكل تهديداً إضافياً للمنطقة.
وذكرت النسخة العاشرة من مؤشر الإرهاب العالمي للعام 2023 أن النيجر تعد الأكثر تضرراً من الإرهاب على مستوى العالم، فحدودها الشمالية تواجه مخاطر تمدد العناصر المرتبطة بتنظيم «القاعدة»، وخطر تنظيم «داعش» الذي ينشط على حدودها الشمالية الشرقية، كما تواجه تهديد جماعة «بوكو حرام» الممتدة على طول حدودها الجنوبية الشرقية مع تشاد ونيجيريا.
وتؤدي هذه الهجمات الإرهابية الناتجة عن عدم الاستقرار الأمني والسياسي إلى نتائج كارثية على شعوب الدول الأفريقية.
وحسب تقارير رسمية، فهناك ما يقرب من 30 مليون شخص بحاجة إلى مساعدات غذائية وملايين النازحين نتيجة تلك العمليات الإرهابية.
التدهور البيئي والإرهاب
بحسب تقرير لمعهد الاقتصاد والسلام الدولي، فإن تدهور الأمن البيئي كان من أسباب انتشار التنظيمات الإرهابية، حيث دفع تدهور الأوضاع البيئية الأفراد للانتقال والبحث عن مناطق للرعي والزراعة ومصادر للمياه والطعام.
فوفقًا للتقرير، تبلغ معدلات الصراع في المناطق ذات الاستخدام الرعوي والزراعي المختلط 54% مقارنة بـ17% بالمناطق غير المختلطة. ويشمل تدهور الأمن البيئي عددًا كبيرًا من المؤشرات، أبرزها تدهور الأمنين المائي والغذائي، مما يؤدي إلى حدوث مجاعات وصراعات دموية على موارد ضعيفة، بالتوازي مع نمو سكاني مرتفع وضعف الإمكانيات، وعدم قدرة الدول على تلبية احتياجات السكان.
وتوقع التقرير استمرار ارتفاع درجات الحرارة التي تؤدي لحالات من الجفاف المؤثرة بشكل مباشر على إنتاجية المحاصيل الزراعية، الأمر الذي أدى لنشوب صدامات بين الرعاة والمزارعين، من ثم تزايد معدلات الوفيات الناتجة عن حالة الصراع على الموارد.
تصاعد الصراع
قال الباحث في الشأن الأفريقي، محمد عزالدين: إن تصاعد الصراع في منطقة الساحل والصحراء تزيد من فرص انتشار الإرهاب والحركات المسلحة، موضحاً أن ذلك بالفعل ما تشهده الكثير من الدول في غرب ووسط أفريقيا نتيجة الانقلابات والصراعات السياسية بين مختلف القوى.
وأوضح عزالدين في تصريح لـ «الاتحاد» أن تصاعد الإرهاب أثر على استقرار تلك المناطق، مشيراً إلى أن دول غرب ووسط أفريقيا تشهد بصورة دورية الكثير من الهجمات الإرهابية التي تودي بحياة المئات.