شعبان بلال (الخرطوم، القاهرة)
تسببت الأزمة في السودان إلى تسرب ملايين التلاميذ من مدارسهم نتيجة للنزوح إلى مناطق أخرى، وسط تحذيرات واسعة من استمرار النزاع الدائر في تدمير العملية التعليمية وانقطاع الطلاب عن الدراسة.
وتشير تقديرات أممية إلى أن 19 مليون طفل في السودان هم خارج المدارس بسبب العنف وانعدام الأمن في مناطقهم، فيما أغلقت نحو 10400 مدرسة، وينتظر أكثر من 5.5 مليون تلميذ ممن يقيمون في مناطق أقل تأثراً من الأزمة تأكيد السلطات المحلية ما إذا كان من الممكن إعادة فتح الفصول الدراسية. وحذر خبراء ومحللون سياسيون من تداعيات الأزمة على العملية التعليمية، مؤكدين أن استمرار الوضع الحالي يهدد مستقبل تعليم ملايين الطلاب، خاصة في المناطق التي تشهد تزايد وتيرة القتال. وقالت الباحثة السياسية السودانية أسمهان إبراهيم: «إن الصراع الدائر بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع ألقى بظلاله على العملية التعليمية، وتسبب في أضرار بالغة في التعليم الذي يعاني أصلاً من عدم استقرار في بلد يعاني الفقر، حيث أدى القتال الذي بدأ في أبريل الماضي إلى إغلاق المدارس وانقطاع ملايين الطلاب عن التعليم الذي تعطل كلياً في الخرطوم وعدد من الولايات بسبب تضرر المدارس أو لأسباب أمنية ونزوح العديد من الأسر».
وأوضحت أسمهان إبراهيم لـ«الاتحاد» أن الحكومة السودانية لم تتمكن من فتح المدارس في الولايات الآمنة حتى الآن، ما يهدد العام الدراسي الحالي، ويهدد مشاركة أكثر من 500 ألف تلميذ بامتحان الشهادة الثانوية، وأن استمرار الوضع الحالي يجعل من الصعب مواصلة العملية التعليمية، ما يهدد بتعرض الأطفال للتجنيد الإجباري، خاصة في مناطق الحركات المسلحة في دارفور. وشددت أسمهان على أن السودان يمر بأسوأ أزمة تعليمية في العالم بسبب الصراع، ولا يمكن علاج مشكلة التعليم في السودان إلا بالاستماع إلى صوت العقل وإنهاء الصراع ليدرس الطالب في بيئة صحية بعيداً عن الآثار النفسية المدمرة.
من جانبها، كشفت أستاذة العلاقات الدولية في مركز الدراسات الدبلوماسية بجامعة الخرطوم، الدكتورة تماضر الطيب، عن التوقف التام للعملية التعليمية في السودان بجميع المراحل الأساسية والجامعية، مشيرة إلى أن المدارس تحولت لمراكز للإيواء وأصبحت مليئة بالنازحين.
وقالت تماضر لـ«الاتحاد»: «إن بعض الجامعات تقوم بالتدريس افتراضياً عبر الإنترنت للتغلب على الأزمة، خاصة في ظل عدم القدرة على التكهن بوقت انتهاء الصراع».
وفي السياق نفسه، اعتبر المحلل السياسي السوداني عثمان عبد الحليم أن العملية التعليمية في السودان تأثرت بالقتال بشكل مباشر وتوقفت بالكامل، وكان من المقرر أن تبدأ الدراسة من الشهر الماضي، حيث لا يستطيع التلاميذ العودة مرة أخرى في ظل الوضع المتأزم.
وحذرت منظمتا «اليونيسف» و«إنقاذ الطفولة» من أن الأطفال في السودان لن يتمكنوا من العودة إلى المدرسة، خلال الأشهر المقبلة، إذا استمر القتال، الأمر الذي يعرضهم لمخاطر حالية وطويلة الأجل، بما في ذلك النزوح والتجنيد من قبل الجماعات المسلحة والعنف.
وحذرت مانديب أوبراين، ممثلة «اليونيسف» في السودان من أن «السودان على وشك أن يصبح موطناً لأسوأ أزمة تعليمية في العالم».