دينا محمود (مقديشو، لندن)
تسببت فيضانات عارمة اجتاحت إقليم غدو بولاية جوبالاند جنوب الصومال، في حدوث موجة نزوح جماعية للسكان المحليين في المناطق التي شهدت تدفق مياه الأنهار، ما أدى إلى تدمير مساحة واسعة من الأراضي الزراعية، وجرف مختلف المحاصيل، وتضرر مئات المنازل.
وناشد مهد علمي، رئيس قرية قرطي بإقليم غلغدود، المغتربين والحكومة المركزية الصومالية وإدارة غلمدوغ ورجال الأعمال ووكالات الإغاثة تقديم المساعدة الفورية للمحتاجين في قرطي، من بينها الخدمات الطبية والمعونات في أسرع وقت ممكن لمواجهة الكارثة.
مع نزوح الملايين من ديارهم خلال عام 2022 وحده، هرباً من الظواهر الجوية المتطرفة والفيضانات التي تجتاح العالم بفعل التغير المناخي، تتصاعد الدعوات، لتصنيف هؤلاء الأشخاص، على أنهم لاجئون، ما يكفل لهم الحصول على ما يحتاجون إليه، من دعم وحماية وخدمات.
فبعد نحو 40 عاماً على دخول مصطلح «لاجئو المناخ» قاموس العلاقات الدولية، أصبح الداعون لمنح أولئك الأشخاص صفة «لاجئ»، أعلى صوتاً من ذي قبل، وذلك على ضوء أن الاحتباس الحراري وتبعاته، باتا يُحدثان تحولات بيئية، تؤثر بشكل مباشر، على سبل العيش، من خلال تدمير المحاصيل، ونضوب مصادر المياه، وإغراق المناطق الساحلية وغيرها.
وتؤدي مثل هذه الصدمات المناخية، ومن بينها أيضاً الأعاصير وحرائق الغابات والجفاف والفيضانات، إلى جعل المناطق التي كانت صالحة للسكنى في السابق، غير مؤهلة لذلك، ما لا يترك أمام سكانها، سوى خيار البحث عن مكان آخر للإقامة فيه.
وقد يكون هذا التوجه نحو الفرار من الديار، ناجماً عن أحداث مفاجئة، مثل الانفجارات البركانية أو الفيضانات التي تشكل تهديداً مباشراً لحياة القاطنين في المناطق المتضررة، أو ربما ينتج عن تطورات تحدث بشكل تدريجي، كالتصحر أو ارتفاع منسوب سطح البحر، بما يقود في نهاية المطاف، إلى جعل حياة البشر مستحيلة.
ويتوقع الخبراء، أن تصبح القارة الأفريقية، التي تدفع ثمناً باهظاً للتغير المناخي يفوق حجم تسببها في حدوثه، مسرحاً لحركة نزوح ولجوء واسعة في السنوات المقبلة، وذلك بفعل تسارع وتيرة الظواهر الجوية المتطرفة، بما قد يُحوِّل نحو 86 مليوناً من أبنائها، بحلول عام 2050، إلى نازحين داخليا، وربما لاجئين بسبب المناخ.
وتستند هذه التوقعات، إلى وقائع سابقة، من بينها ما أسفر عنه الجفاف في العام الماضي، من إجبار 180 ألف شخص على الأقل من سكان الصومال وجنوب السودان، على الفرار إلى كينيا وإثيوبيا.
ويحذر الخبراء، في تصريحات لموقع «مَني ويب» الإلكتروني، من أن القوانين والاتفاقيات المعمول بها حالياً، لا تنص على اعتبار من يفرون من بُلدانهم بسبب الطقس لاجئين، وهو ما يعرقل نيلهم حق اللجوء، الذي يكفل لهم التنقل بحرية، والحصول على فرص العمل، والخدمات الصحية والتعليمية، وغيرها.
ويشيرون إلى أن ذلك يوجب إجراء تغييرات على القوانين الدولية والوطنية المعنية بملف اللاجئين، لتشمل بشكل صريح مَنْ أجبرتهم الصدمات المناخية على الفرار من بلادهم. أما بالنسبة لأفريقيا، فيدعو هؤلاء، إلى بحث إضافة بروتوكول، يتناول مسألة النزوح الناجم عن المناخ، إلى اتفاقية منظمة الوحدة الأفريقية بشأن اللاجئين لعام 1969.