شعبان بلال (القاهرة)
طالبت الجمعية العامة للأمم المتحدة، أمس، بغالبية كبيرة بـ «هدنة إنسانية فورية»، في اليوم الحادي والعشرين من الحرب في غزة، وذلك بعيد إعلان الجيش الإسرائيلي «توسيع» عملياته البرية في القطاع.
والقرار، غير الملزم، أيده على وقع التصفيق 120 عضواً وعارضه 14، فيما امتنع 45 عن التصويت، من أصل 193 عضواً في الجمعية العامة.
وأعلن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هاغاري، مساء أمس، أن الجيش «سيوسع عملياته البرية» في قطاع غزة. وقال الجيش الإسرائيلي، إن القصف الكبير الجاري الآن على غزة مرحلة جديدة في الحرب على القطاع.
وحذر المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا» فيليب لازاريني، أمس، من أن غزة بحاجة إلى مساعدات «متواصلة»، بينما تكثف إسرائيل قصفها على القطاع. ووصف لازاريني المساعدات التي تدخل القطاع حالياً بـ«الفُتات».
وقال خلال مؤتمر صحفي في القدس، إن «النظام القائم حالياً مصيره الفشل، وهناك حاجة لتدفق مساعدات متواصلة، وتحدث فرقاً، ولينجح ذلك، نحن بحاجة إلى وقف إطلاق نار إنساني، لضمان وصول هذه المساعدات للمحتاجين إليها».
كما أكد المفوض مقتل 57 من موظفي الوكالة في قطاع غزة، منذ اندلاع الحرب في السابع من أكتوبر. وقال: «تأكد مقتل 57 من زملائي على الأقل.. أشخاص رائعون كرّسوا حياتهم من أجل مجتمعاتهم».
وعلّق لازاريني على الجدل المرتبط بحصيلة القتلى المدنيين التي أعلنت عنها وزارة الصحة في القطاع، مشيراً إلى أن الأرقام التي قدمتها الوزارة خلال نزاعات سابقة أثبتت صحّتها.
وقال للصحافيين: «في الماضي، وعلى مدى جولات النزاع الخمس أو الست في قطاع غزة، اعتُبرت هذه الأرقام ذات مصداقية، ولم يسبق لأحد أن شكك فيها». يأتي ذلك فيما أفادت مصادر فلسطينية أمس، بانقطاع كامل لخدمات الاتصالات والإنترنت.
وأعلنت وزارة الصحة مقتل أكثر من سبعة آلاف شخص معظمهم مدنيون، وبينهم نحو 3000 طفل.
وقتل أكثر من 1400 شخص في الجانب الإسرائيلي، معظمهم مدنيون قضوا في اليوم الأول، وفق السلطات الإسرائيلية.
وذكر فيليب لازاريني: «بينما نتحدّث، يموت الناس في غزة.. لا يموتون من القنابل والقصف فحسب، بل سيموت العديد من الأشخاص قريباً أيضاً جراء تداعيات الحصار المفروض على قطاع غزة»، مضيفاً أن «الخدمات الأساسية تنهار والأدوية تنفد والمواد الغذائية والمياه تنفد، وبدأت شوارع غزة تفيض بمياه الصرف الصحي».
من جهتها، قالت منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة لين هاستينجز: «إن من المتوقع عبور ثماني شاحنات أخرى تحمل المواد الغذائية والأدوية والمياه إلى قطاع غزة، وذلك في الوقت الذي تعيق فيه مشكلات فنية وسياسية وأمنية نقل المساعدات».
وأضافت هاستينجز للصحفيين في جنيف: «سجلنا دخول نحو 74 شاحنة، ونتوقع ثماني شاحنات أخرى أو نحو ذلك اليوم».
وقالت إن مفاوضات مستفيضة جارية مع إسرائيل في محاولة لتوفير المزيد من المعابر الإنسانية في القطاع المكتظ بالسكان. وتابعت هاستينجز قائلة: «إضافة إلى القضايا الفنية والأمنية، هناك قضايا سياسية أيضاً، وهناك قدر معين من الضغوط على حكومة إسرائيل فيما يتعلق بسياساتها الداخلية».
ولم يتم الاتفاق بعد على إيصال الوقود إلى غزة، وقالت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين التابعة للأمم المتحدة «الأونروا»، إن عدم توافر الوقود يعرض العمليات الإنسانية المنقذة للحياة هناك للخطر. ويواجه المسؤولون مشكلة في تحديد طريقة توزيع المساعدات الضئيلة.
وقالت هاستينجز: «نحن على علم بوجود ألف مريض يحتاجون إلى غسيل الكلى، وأكثر من 100 طفل ورضيع في الحضانات، لذلك نبذل قصارى جهدنا لمحاولة تحديد الأولويات بما يتوافق مع الاحتياجات الأكبر».
وفي هذه الأثناء، قال مسؤول في منظمة الصحة العالمية، أمس، إن المنظمة تلقت تقديرات بأنه لا يزال هناك 1000 جثة تحت الأنقاض في غزة لم يتم التعرف عليها، ولم يتم تسجيلها بعد ضمن عدد القتلى.
وقال ريتشارد بيبركورن، ممثل المنظمة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، رداً على سؤال حول عدد القتلى في غزة: «حصلنا أيضاً على هذه التقديرات التي تشير إلى أنه لا يزال هناك أكثر من 1000 شخص تحت الأنقاض لم يتم التعرف عليهم بعد». ولم يحدد المصدر.
من جهتهم، دعا قادة دول الاتحاد الأوروبي إلى «ممرات إنسانية وهدنات» للحرب في غزة، لإدخال مساعدات إلى سكان القطاع المحاصر، حيث أكدت الأمم المتحدة أن «لا أحد في أمان».
وأعرب رؤساء ودول وحكومات البلدان الـ27 عن «قلقهم العميق بشأن الوضع الإنساني المتدهور في غزة»، في بيان مشترك، طالب بـ«ممرات إنسانية وهدنات» لإيصال المساعدات.
وكان البيت الأبيض دعا الثلاثاء الماضي، إلى «هدنات إنسانية محدودة» لتسهيل إيصال المساعدات بدل وقف إطلاق نار، وأيد القادة الأوروبيون عقد «مؤتمر دولي للسلام قريباً» لبحث حل الدولتين، فيما تدخل الحرب يومها الـ21.