أسماء الحسيني (الخرطوم)
استأنف طرفا النزاع السوداني المفاوضات، أمس، في مدينة جدة برعاية أميركية - سعودية لوضع حد للأزمة المستمرة منذ 7 أشهر والتي أودت بحياة أكثر من 9 آلاف شخص، حسبما أعلنت وزارة الخارجية السعودية أمس. ورحبت المملكة العربية السعودية باستئناف المحادثات بين ممثلي القوات المسلحة، وممثلي قوات الدعم السريع في مدينة جدة، داعية طرفي الأزمة إلى استئناف ما تم الاتفاق عليه بينهما في إعلان جدة «الالتزام بحماية المدنيين في السودان» في 11 مايو، وعلى اتفاق وقف إطلاق النار قصير الأمد الموقّع من الطرفين في مدينة جدة في 20 مايو 2023.
وأكدت المملكة حرصها على وحدة الصف وأهمية تغليب الحكمة ووقف الصراع لحقن الدماء ورفع المعاناة عن الشعب السوداني، وصولاً إلى اتفاق سياسي يتحقق بموجبه الأمن والاستقرار والازدهار للسودان وشعبه، وفق بيان الخارجية السعودية. ويشارك في مفاوضات جدة أيضاً ممثل مشترك لكلٍ من الاتحاد الأفريقي والهيئة الحكومية للتنمية (إيجاد)، التكتل المعني بالتنمية في شرق أفريقيا. وأكدت القوات المسلحة السودانية في بيان أنه «استجابة لدعوة كريمة من دولتي الوساطة بمنبر جدة (المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأميركية) باستئناف العملية التفاوضية مع قوات الدعم السريع، وإيماناً من القوات المسلحة السودانية بأن التفاوض من الوسائل التي ربما تنهي الأزمة، قبلنا الدعوة بالذهاب إلى جدة».
كما أعلنت قوات الدعم السريع أنها أرسلت وفداً إلى السعودية للتفاوض بناء على دعوة من المملكة والولايات المتحدة.
وعشية بدء المفاوضات، أعلن نائب رئيس مجلس السيادة السوداني مالك عقار، أن الحكومة طرحت خريطة طريق لإنهاء الأزمة عبر 4 مراحل، وهي الفصل بين القوات، والعملية الإنسانية، ودمج قوات الدعم السريع وإنشاء جيش واحد، تنتهي بعملية سياسية بالاتفاق على دستور يحدد كيفية حكم البلاد.
وأعرب خبراء وسياسيون سودانيون لـ«الاتحاد» عن أملهم أن تسفر الضغوط الدبلوماسية في دفع طرفي الأزمة للتجاوب مع منبر جدة والالتزام بالوقف الفوري والشامل لإطلاق النار لإنهاء الأزمة الحالية وفتح ممرات إنسانية لإيصال المساعدات الإغاثية العاجلة للمتضررين.
كما أعربوا عن مخاوفهم من محاولة كلا الطرفين عرقلة المفاوضات، مما يعقد الأزمة ويفاقم المعاناة الإنسانية، مؤكدين أن مستقبل المفاوضات يتوقف إلى حد كبير على مدى جدية المجتمع الدولي في التعامل مع القضية من ناحية، ومدى قدرة المكونات المدنية في طرح نفسها كطرف أساسي في المعادلة، ثم الدعم الذي يمكن أن تقدمه المبادرات المطروحة في الإقليم لمنبر جدة من أجل تعزيزه وتقويته ودفعه قدماً إلى الأمام.
وعلى مدى أكثر من سبعة أشهر من القتال، سقط أكثر من 9000 قتيل، وفق حصيلة للأمم المتحدة، كما ترك أكثر من 6.5 مليون سوداني منازلهم ونزحوا داخل بلادهم أو لجأوا إلى دول مجاورة.
وقالت منظمة الصحة العالمية ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة «اليونيسيف» إن عدد الأسر التي تعاني من الجوع تضاعف تقريباً في السودان بعد 6 أشهر من الأزمة التي أدخلت البلاد في حالة من الفوضى.
ووفق الأمم المتحدة، يحتاج أكثر من نصف السكان إلى مساعدات إنسانية للبقاء على قيد الحياة.
وقالت منظمة الصحة العالمية واليونيسيف، إن «عدد الأسر التي تعاني الجوع تضاعف تقريباً». ونبهتا في بيان صحافي إلى أن «700 ألف طفل يعانون سوء التغذية الحاد الشديد، ويحتاج 100 ألف طفل إلى علاج منقذ للحياة بسبب سوء التغذية الحاد المصحوب بمضاعفات طبية».
وقال متحدث باسم «اليونيسيف» مؤخراً إن أكثر من 20.3 مليون شخص، أو أكثر من 42% من سكّان البلاد، يواجهون مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد، خصوصاً في المناطق التي تحتدم فيها الاشتباكات وهي دارفور والخرطوم وجنوب كردفان وغرب كردفان.