أحمد شعبان (عدن، القاهرة)
حذر خبراء بقضايا حقوق الإنسان من الآثار الخطيرة الناجمة عن تقليص المساعدات الغذائية المقدمة من المنظمات الدولية والأممية في اليمن، وتأثير ذلك على ملايين اليمنيين الذين يعانون من سوء التغذية الحاد، وشددوا على أن هذا القرار سيكون له تداعيات سيئة على الأطفال والنساء والمرضى.
وقد أعلن برنامج الأغذية العالمي أن أكثر من 4 ملايين يمني سيتلقون مساعدات غذائية أقل نهاية سبتمبر بسبب أزمة تمويل حادة، ما يفاقم إحدى أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، وقال البرنامج إن نقص التمويل سيؤثر على جميع برامجه الرئيسية، بما في ذلك المساعدة الغذائية العامة والتغذية المدرسية وأنشطة بناء القدرة على الصمود، ولن يتمكن البرنامج إلا من مساعدة 128 ألف شخص من 2.4 مليون طفل وامرأة حامل ومرضع وفتاة تم استهدافهم في بادئ الأمر.
وأشار مدير عام حقوق الإنسان بأمانة العاصمة صنعاء فهمي الزبيري، إلى أنه بحسب تقديرات منظمات الأمم المتحدة، فإن أكثر من 21 مليون يمني بحاجة إلى مساعدات إغاثية في الجانب الغذائي والصحي، لأن الحالة المعيشية تدهورت منذ سيطرة جماعة الحوثي على صنعاء والاستيلاء على مؤسسات وأجهزة الدولة، وتضاعفت المعاناة بعد أن أغلقت ونهبت أكثر من 3 آلاف مؤسسة وجمعية خيرية كانت تعمل على إغاثة المحتاجين بالغذاء والدواء.
وقال الزبيري في تصريح لـ«الاتحاد» إن الاحتياجات الإنسانية والغذائية في اليمن تزايدت خلال سنوات الانقلاب الماضية نتيجة النزوح المتواصل والتهجير القسري بسبب الانتهاكات الحوثية واستخدام المقذوفات الصاروخية والطائرات المسيرة وزراعة الألغام في مختلف المحافظات.
وحذر من أن «تقليص المساعدات الغذائية سيؤثر على ملايين الأشخاص وأصبحت الاستجابة العاجلة ضرورة مُلحة لإنقاذ المدنيين والأطفال والمرضى، كما يجب على المنظمات الأممية العمل بالشفافية والوضوح وتقليص المصروفات الإدارية».
وشدد الزبيري على ضرورة نقل المراكز الرئيسية للمنظمات الأممية من مناطق سيطرة الحوثي إلى مناطق أكثر أمناً في المحافظات المحررة للتخلص من الضغوط الحوثية التي تنهب جزءاً كبيراً من المساعدات لصالح مقاتليها، وتفرض الموظفين التابعين لها في هذه المنظمات ليتقاضوا رواتب عالية، وهذا كله يؤثر على تقديم المساعدات من الدول المانحة.
وكان ممثل برنامج الأغذية العالمي في اليمن ريتشارد راجان قد قال: «نواجه واقعاً صعباً يتمثل في اتخاذ قرارات تُفضي إلى أخذ الطعام من أفواه أناس جياع لإطعام أناس جياع آخرين، بينما يستمر ملايين اليمنيين في الاعتماد علينا للبقاء على قيد الحياة، نحن لا نتعامل مع هذا القرار باستخفاف، وندرك تماما المعاناة التي ستنجم عن هذه التخفيضات».
من جانبه، شدد رئيس «مركز اليمن والخليج للدراسات» وليد الأبارة، على أن «إعلان برنامج الغذاء العالمي تقليص المساعدات الإنسانية والغذائية له تداعيات كبيرة على ملايين اليمنيين لاسيما في المناطق التي تسيطر عليها جماعة الحوثي، خاصة أنه في مطلع العام الجاري كانت هناك فجوة كبيرة بين حجم الاحتياجات والأموال المقدمة بلغت 75%، وطالبت الأمم المتحدة بـ4.3 مليار دولار لتمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن، ومع ذلك لم تستطع جمع سوى مليار و200 مليون دولار، وبالتالي هذا المبلغ لم يغط سوى 27% من الاحتياجات».
وقال الأبارة في تصريح لـ «الاتحاد» إن الأزمة الأوكرانية ضاعفت المأساة الإنسانية في اليمن، وكانت لها تداعيات عدة على كثير من دول العالم، وأدت إلى ارتفاع أسعار الغذاء والوقود والنفط، وبالتالي فإن الكثير من الأموال التي تم تخفيفها من المساعدات ذهب جزء منها إلى تغطية التكاليف المرتفعة مع انخفاض الدعم والتمويل الموجه لليمن.
ويرى الأبارة أنه يجب على الحكومة اليمنية إجراء اتصالات مع المجتمع الدولي لتغطية تكاليف المعيشة حتى نهاية العام 2023، للوصول إلى خطة الاستجابة الإنسانية في العام 2024 ورفع سقف التمويل مع إيجاد ضمانات حقيقية لكي تذهب هذه المبالغ إلى المحتاجين، وتقليص الفجوات، وعدم وصول جماعة الحوثي لهذه المساعدات والسيطرة عليها كما حدث في السنوات الماضية.
وذكر برنامج الأغذية العالمي أنه يحتاج خلال الأشهر الستة المقبلة إلى تمويل 1.05 مليار دولار، ولم يتمكن حتى الآن سوى من تأمين 28 % فقط من هذه الأموال، وخلال مايو الماضي، خصص صندوق الأمم المتحدة المركزي 18 مليون دولار لتلبية الاحتياجات العاجلة للمتضررين من الأزمة الإنسانية في اليمن، ومنع المجاعة ومعالجة انعدام الأمن الغذائي.