أبوظبي (الاتحاد)
42 عاماً مرت على إنشاء مجلس التعاون لدول الخليج العربية الذي يعد أنجح تجربة تكاملية في المنطقة وركيزة أساسية للأمن والاستقرار وصوتاً للحكمة والاتزان.
ومازال المجلس الذي تأسس في 25 مايو عام 1981 أهم كيان إقليمي استطاع أن يحقق الكثير من المكتسبات لصالح دوله وشعوبه.
وفي ذلك اليوم التاريخي، اتفقت إرادة أصحاب الجلالة والسمو قادة دول مجلس التعاون الـ 6 في اجتماعهم الذي عقد في أبوظبي، على صيغة توافقية للتعاون بينهم وكان من أهم أهدافها تحقيق التنسيق والتكامل والترابط بين شعوب دول المجلس في جميع الميادين وصولاً إلى وحدتها.
ولعل ديباجة النظام الأساسي للمجلس جاءت منطلقاتها واضحة، إذ شددت على ما يربط بين الدول الست من علاقات خاصة وسمات مشتركة وأنظمة متشابهة أساسها الإيمان بالمصير المشترك ووحدة الهدف وأن التعاون فيما بينها إنما يخدم الأهداف السامية للأمة العربية والنظام الأساسي للمجلس.
وخلال العقود الأربعة الماضية، شهدت مسيرة مجلس التعاون إنجازات كبرى في مختلف المجالات انعكست على المواطن الخليجي وحققت تطلعاته على الصُعد الاقتصادية والسياسية والعسكرية والأمنية وعلى الساحتين الإقليمية والدولية.
واستطاع المجلس من خلال حكمة قادته وسداد رؤيتهم أن يمثل إطاراً قوياً للأمن الجماعي وسياجاً لحماية مكتسبات دوله والتصدي للأخطار التي تعترضها وأصبح يؤدي دوراً مؤثراً في إدارة الأزمات التي تشهدها المنطقة.
وتأتي الذكرى السنوية الـ 42 لمجلس التعاون وهو يسعى إلى تحقيق أهدافه والحفاظ على مكتسباته والبناء للمستقبل بكل ثقة واقتدار في ضوء تحديات متسارعة في كل المجالات الأمر الذي يحتم التعامل الجماعي مع تلك التحديات وتحصين أمن واستقرار دول المجلس والاستمرار في التعامل الإيجابي والفعال مع المجتمع الدولي لتعزيز السلم والأمن الإقليمي والعالمي.
وانطلاقاً من الأهداف النبيلة التي تأسس عليها المجلس، فقد استطاعت دوله الست تحقيق العديد من الإنجازات خلال مسيرتها الطويلة في العديد من مجالات التعاون المشترك.
ففي مجال السياسة الخارجية، أسهم التجانس بين دول مجلس التعاون في تبني مواقف موحدة تجاه القضايا السياسية ترتكز على مبادئ حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية واحترام سيادة كل دولة على أراضيها ومواردها واعتماد مبدأ الحوار السلمي وسيلة لفض المنازعات الأمر الذي أعطى مجلس التعاون قدرا كبيرا من المصداقية كمنظمة دولية فاعلة في هذه المنطقة الحيوية للعالم بأسره.
وفي مجال التعاون الاقتصادي، يمثل النظام الأساسي لإنشاء مجلس التعاون المرجعية الأولى نحو تحقيق تكامل اقتصادي بين دول الخليج الست بدءاً من الاتفاقية الاقتصادية الموحدة التي وقعت عام 1981 مروراً بالاتفاقية الاقتصادية لعام 2001 والاتحاد النقدي والعملة الموحدة والتعاون التجاري والاتحاد الجمركي وجهود إنشاء السوق الخليجية المشتركة وتعزيز المواطنة الاقتصادية. أما في مجال التعاون الإعلامي بين دول مجلس التعاون، فقد استطاع هذا المجال خلال العقود الأربعة الماضية تحقيق العديد من أهدافه كإنجاز ميثاق الشرف الإعلامي ووضع الاستراتيجية الإعلامية والتعاون في مجال الإعلام الخارجي والتعاون التلفزيوني والإذاعي والصحفي وفي مجال وكالات الأنباء.
وعلى صعيد التعاون القانوني والقضائي، عملت دول المجلس على التقريب بين أنظمتها وقوانينها وصولا إلى توحيدها كما عملت على تحقيق المزيد من التقارب والصلات بينها في المجالات التشريعية والقضائية وإعداد مشروعات الأنظمة الموحدة وتعزيز التنسيق فيما بين الأجهزة العدلية والقضائية وتوحيد أنواعها ودرجاتها وإجراءاتها. واشتملت مجالات التعاون والتنسيق بين دول مجلس التعاون الخليجي على جوانب عديدة من أبرزها التعاون في مجال الطاقة والكهرباء والماء والتعاون في المجال الصناعي والغذائي والصحي والبيئي ومجال النقل والمواصلات والاتصالات والتخطيط والإحصاء والتنمية والتعليم والخدمات الاجتماعية والشباب والرياضة.
وفي مجال التعاون الإقليمي والعالمي والعلاقات الاقتصادية مع الدول والتجمعات الإقليمية والعالمية الأخرى، أدى مجلس التعاون دورا فاعلا في إثراء هذا المجال سواء مع الدول العربية أو الأجنبية إضافة إلى المجموعات والمنظمات والتكتلات الإقليمية والعالمية.