القاهرة (وكالات)
يواجه السودانيون في الخرطوم أزمة شديدة في السيولة النقدية اللازمة لمعيشتهم، مع إغلاق المصارف وتعطل العديد من ماكينات الصرف الآلي في ظل استمرار المعارك بين الجيش وقوات الدعم السريع منذ أسبوعين.
وقال رئيس تحرير صحيفة إيلاف السودانية خالد التيجاني: «في الأسابيع المقبلة سيواجه الناس أزمة حقيقية»، في إشارة إلى الافتقار إلى النقد المحلي.
وتابع: «لم يتحسب الناس لما حدث.. لقد فوجئوا بالتطورات والتصعيد».
وتدور المعارك في العاصمة ومدن سودانية عديدة منذ 15 أبريل بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو.
وقالت خلود خير، مؤسّسة مركز «كونفلوانس أدفايزوري» البحثي في الخرطوم: «المصارف مغلقة منذ 15 أبريل، وهو ما يعني أنه حتى من كان لديه مدخرات لن يستطيع الوصول إليها».
وتابعت: «إضافة إلى ذلك، فإن العاملين في القطاع غير الرسمي الذين يحصلون على أجرهم يومياً لم يتمكنوا من الحصول على أي نقود» منذ اندلاع القتال.
ودفعت المواجهات قاطني الخرطوم البالغ عددهم أكثر من خمسة ملايين نسمة، من مواطنين أو أجانب، إما إلى الفرار إلى ولايات أخرى أو خارج البلاد، وإما إلى البقاء خلف جدران المنازل، في ظل نقص الغذاء وانقطاع المياه والكهرباء وخدمات الهاتف والإنترنت من جهة أخرى.
ودفع إقبال السودانيين على تدبير ما يلزمهم من نقد محلي إلى استغلال بعض المستفيدين لهذه الظروف الصعبة من خلال بيع العملة المحلية مقابل الدولار بسعر مرتفع.
وقال التيجاني: «قبل الأحداث كان سعر الدولار في السوق السوداء يصل إلى 610 جنيهات، وقبل يومين قمت بتبديل الدولار مقابل 580 جنيهاً»، موضحاً أن الفارين من الخرطوم يقومون بتغيير العملة الأميركية بسعر أقل من ذلك.
وبات الفرار من الخرطوم في ظل هذه الظروف «بالغ الصعوبة لأن هذا يتطلب سيولة كثيرة بالعملة السودانية».
وعاش أشرف التجربة عندما قرر أن يغادر مع عائلته الخرطوم إلى مصر، على بعد أكثر من ألف كيلومتر شمال العاصمة السودانية، واضطر إلى الخضوع لشروط سائق الحافلة.
وقال: «لم يكن معي سوى دولارات وكان يريد جنيهات سودانية، لأنه يستخدمها في شراء الوقود، وفي نهاية المطاف وافق على أن يأخذ دولارات، ولكنه اشترط أن يكون سعر الصرف 400 جنيه لكل دولار في حين أن السعر الرسمي للدولار هو 600 جنيه».
وأوضح الباحث السوداني حامد خلف الله، أن «الفرار من الخرطوم أو البلاد يتطلب الكثير من المال نقداً، وهو ما لا يملكه الناس في الوقت الحالي» في بلد يعيش نحو 65 في المئة من سكانه تحت خط الفقر، بحسب ما أفاد تقرير للأمم المتحدة صدر في 2020.
وأشار خلف الله إلى أنه عندما اندلعت المواجهات «لم يكن قد تم سداد رواتب شهر أبريل بعد، وكنا في اليوم الخامس عشر فقط».
وفيما يعاني المواطنون نقص السيولة، ارتفعت الأسعار وخصوصاً تعرفة الحافلات العامة التي زادت، بحسب خير، «بنسبة 500% بسبب الحاجة»، مشيرة إلى أن ذلك يعود أيضاً إلى «نقص الوقود وصعوبة توفيره».