دينا محمود (لندن)
أزمة في قلب أخرى يكابدها اللاجئون السوريون في لبنان، ممن اضطرتهم الأزمة التي اندلعت في بلادهم قبل أكثر من 12 عاماً إلى النزوح إلى هذا البلد المجاور الذي تضربه حالياً عاصفة اقتصادية ومالية هوجاء، أوقعته في حالة «سقوط حر»، يبدو أنها لن تنتهي قريباً.
فهؤلاء اللاجئون الذين يُقدر عددهم بنحو مليون شخص وتذهب بعض المصادر للقول: إن العدد ربما يناهز المليون ونصف المليون، يعانون أكثر من غيرهم، من تفاقم معدلات البطالة وارتفاع تكاليف المعيشة والفقر الشديد للخدمات الأساسية، وشُح المواد الغذائية والأدوية، ما أجبرهم على العمل في وظائف وحرف، يصفها البعض في لبنان بـ «الوضيعة»، وذلك كي يتسنى لهم كسب قوت يومهم.
ومن بين هذه المهن التي تندرج غالبيتها في إطار القطاع غير المنظم في الاقتصاد اللبناني، جمع المواد البلاستيكية المستعملة، وهو عمل لا يتجاوز دخل من يعملون به الدولارين يومياً للواحد منهم في المعتاد، بما لا يكفيه سوى لدفع قيمة إيجار مكان إقامته.
ويؤكد المتابعون لأوضاع اللاجئين السوريين في لبنان، أن الكثير منهم يعجزون عن إلحاق أطفالهم بالمدارس، ولا يستطيعون كذلك تحمل نفقات الإقامة في مساكن ملائمة، وهو ما يجبر عدداً كبيراً من العائلات السورية، على أن تتقاسم شقة واحدة، بكل ما يترتب على ذلك من تبعات نفسية واجتماعية وصحية سلبية.
وسبق أن أظهرت دراسة أجرتها منظمة العمل الدولية، التابعة للأمم المتحدة، أن العمال السوريين في لبنان، يحصلون على أجور أدنى بكثير من نظرائهم اللبنانيين، إلى حد أن متوسط الدخل الشهري للاجئ السوري، يقل بنسبة تصل إلى 40%، عن الحد الأدنى للأجور في لبنان.
وتزداد حدة هذه الأزمة بين اللاجئات السوريات، باعتبار أنهن عرضة بشكل خاص للبطالة، في ظل بيانات تفيد بأن أكثر من ثلثيهن عاجزات عن الحصول على أي وظيفة، ما يجعلهن، هن وباقي اللاجئين، في أسفل السلم الاجتماعي في لبنان، بالنظر إلى أنهم جميعاً يفتقرون لأي وظائف أو ممتلكات أو وسائل مستدامة لكسب الرزق.
وفي تصريحات نشرها موقع «إيجيا ميديا» الإلكتروني، حذر خبراء من أن الأوضاع الراهنة على الساحة اللبنانية اقتصادياً واجتماعياً تضع اللاجئين السوريين هناك في مأزق معقد، لأنهم لا يستطيعون أن ينعموا بحياتهم في منفاهم الاختياري، كما أنهم غير قادرين في الوقت نفسه على العودة إلى ديارهم.