أحمد مراد (أبوظبي، القاهرة)
أكد معالي الدكتور أنور بن محمد قرقاش المستشار الدبلوماسي لصاحب السمو رئيس الدولة، أن الإمارات في عمق التوافق العربي، مثمناً زيارة وزير الخارجية السوري فيصل المقداد إلى مصر، معتبراً أن الزيارة تعتبر خطوة إيجابية في اتجاه عودة سوريا إلى محيطها العربي وتجاوز الفوضى.
وقال معالي الدكتور، في تغريدة نشرها على حسابه الرسمي بموقع «تويتر»: «زيارة وزير الخارجية السوري معالي فيصل المقداد إلى مصر الشقيقة خطوة إيجابية أخرى في اتجاه عودة سوريا الشقيقة إلى محيطها العربي وتجاوز تداعيات عقد الفوضى، ترسيخ البعد العربي يتعزز مع كل خطوة والإمارات في عمق هذا التوافق الخيّر».
وأمس الأول، وصل وزير الخارجية السوري فيصل المقداد، للقاهرة في أول زيارة رسمية يقوم بها وزير خارجية سوري لمصر منذ أكثر من 10 سنوات.
وقالت الخارجية المصرية في بيان، إن المقداد ونظيره المصري سامح شكري اتفقا على تكثيف قنوات التواصل بين البلدين على مختلف الأصعدة خلال المرحلة المقبلة، بهدف تناول القضايا والموضوعات التي تمس مصالح البلدين. وتزامنت زيارة وزير الخارجية السوري إلى القاهرة مع نشاط دبلوماسي مكثف في سبيل إعادة دمشق إلى محيطها العربي.
وأشار خبراء ومحللون سياسيون إلى وجود رغبة قوية في عودة دمشق للمجتمع الدولي، ويرعى هذا التوجه الأمم المتحدة ومؤسساتها الدولية والإنسانية.
وأوضح المحلل السياسي السوري ومدير مؤسسة «غنوسوس للأبحاث» في بريطانيا، عمار وقاف، أن كارثة الزلزال الذي ضرب سوريا في شهر فبراير الماضي وتوابعها الإنسانية، أعادت سوريا إلى واجهة الأحداث، وأجبرت العديد من الدول على تغيير مسارها، من جهة تقديم الدعم كما كانت لتفعل مع أي بلد مصاب آخر، وشكل الحدث فرصة أمام دول أخرى ترغب بالأساس في إعادة تطبيع العلاقات مع دمشق.
وقال وقاف، في تصريح لـ«الاتحاد»، إن «ما رأيناه في الأيام الماضية من تقديم مساعدات كان براغماتية من قبل الدولة السورية في التعاطي مع الجهد الدولي، من جهة الموافقة على فتح معابر إضافية لتمرير المعونات للشمال غير الخاضع لسيطرة الدولة، وشاهدنا تفاعلاً سهلاً وسريعاً مع مطالب دولية معينة، وتفاعلاً دولياً مقابلاً لجهة إرسال المبعوثين والقوافل الإغاثية».
ويرى وقاف أن «فرصة استدامة هذا التحول ليست بالأمر المضمون، ورغم ذلك هناك العديد من الشواهد تشير إلى ازدياد عدد الدول والمنظمات الدولية التي ترغب في التعاطي مع الشأن السوري عبر البوابة الرسمية في دمشق، وربما يكون هذا التحول، وإن بدا خجولاً، بداية لتسليم دولي باستحالة تحقيق التغيير الذي لطالما دعا إليه جناح الصقور في المجتمع الدولي، وإقراراً بأن الضغوط الناتجة عن مصاعب معيشية يعانيها السوريون قد بلغت حداً لا يمكن الاستمرار فيه».
من جانبها، اعتبرت الدكتورة نادية حلمي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة بني سويف المصرية، والخبيرة في الشؤون الآسيوية، التحركات العربية بعد كارثة الزلزال التي تعرضت لها سوريا بداية انفراجة سياسية، خاصةً بعد المطالبات العديدة من المجتمع الدولي بضرورة رفع العقوبات عن دمشق.
وبدأت الانفراجة بهبوط مئات الطائرات المحملة بمساعدات إنسانية عاجلة في سوريا.
وقالت الخبيرة في الشؤون الآسيوية لـ«الاتحاد»، إن «خطوة الولايات المتحدة بفتح طريق إيصال المعونات إلى سوريا، رغم الحظر والعقوبات، قد تفتح الباب أمام دول أخرى للتقارب مع دمشق، فعندما تقوم وزارة الخزانة الأميركية بوقف قانون قيصر للعقوبات كي تصل المعونات الإنسانية والغذائية إلى سوريا، من شأنه أن يفتح الباب لدول أخرى لإعادة التواصل والتقارب مع سوريا، سواء عن طريق المساعدات أو عبر الطرق الدبلوماسية».
وأعربت حلمي عن اعتقادها بأن التنازلات السورية من جهة، والتنازلات من الدول الغربية من جهة أخرى، ستحدد طريقة علاقة سوريا بالمجتمع الدولي في المرحلة المقبلة، إلا أنه حتى الآن لا توجد طاولة مفاوضات واضحة ومحددة بين سوريا والمجتمع الدولي للتفاوض بشأنها. وأشارت إلى وجود رغبة غير مباشرة في عودة دمشق للمجتمع الدولي، ويرعى هذا التوجه منظمة الأمم المتحدة ومؤسساتها، وكل تلك المؤسسات لم تقطع علاقاتها مع الحكومة السورية خلال الأزمة الممتدة على مدار 12 عاماً.