دينا محمود (عدن، لندن)
أعلن مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى اليمن هانس غروندبرج، أمس، عقد مباحثات متعددة، لخفض حدة التصعيد في اليمن.
وذكر المبعوث الأممي، في بيان أمس، أنه التقى بالأمين العام لمجلس التعاون الخليجي جاسم البديوي، والسفير السعودي لدى اليمن محمد آل جابر، موضحاً أنه التقى كذلك سفراء الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن، المعتمدين لدى اليمن.
وأوضح جروندبرج أن «المباحثات ركزت على التطورات الأخيرة في اليمن، لاسيما التصعيد العسكري، وضرورة دعم الحوار البنّاء بين الأطراف لخفض حدة التوتر، وإحراز تقدم نحو عملية سياسية جامعة».
وتأتي هذه النقاشات مع عودة التوتر العسكري في اليمن، بعد حالة تهدئة مستمرة منذ حوالي عام. وعلى الرغم من التفاؤل الحذر الذي أبداه بعض المراقبين إزاء إمكانية تمهيد الطريق أمام تسوية الصراع اليمني، تعرب أوساط إعلامية وتحليلية غربية عن تشككها في احتمال حدوث ذلك، بالنظر إلى تشبث ميليشيات «الحوثي» الإرهابية بالخيار العسكري، وإصرارها على نسف كل الجهود المبذولة، لوقف ممارساتها العدوانية.
ويؤكد الخبراء الغربيون، أن هذه الممارسات تركت بصمتها الإجرامية، على كل جزء في اليمن، من صنعاء، العاصمة المنكوبة بحكم الانقلابيين شمالاً، إلى عدن العاصمة المؤقتة جنوباً، مروراً بمحافظة مأرب ذات الأهمية الاستراتيجية، والتي لا تزال الميليشيات، تواصل محاولاتها المحمومة، للاستيلاء عليها.
ويحذر الخبراء، من أن نهج جماعة «الحوثي» القائم على الاحتكام للقوة العسكرية وحدها وتجاهل دعوات التهدئة الإقليمية والدولية، يجعل السلام حلماً بعيد المنال، كما يقول كثير من اليمنيين، ممن يؤكدون أن الحرب الدائرة في وطنهم، منذ الانقلاب «الحوثي» على الحكومة الشرعية عام 2014، لن تضع أوزارها قريباً، وأن لا تسوية قريبة في الأفق.
وفي تقرير مطول نشرته شبكة «سكاي نيوز» البريطانية على موقعها الإلكتروني باللغة الإنجليزية، أكد إعلاميون ومدونون يمنيون، أن المسلحين الانقلابيين، هم رجال حرب لا سلام، ولا يؤمنون سوى بالعنف والسلاح، ويوقنون بأن إسدال الستار على الصراع الراهن، يعني انتفاء أهميتهم، ونشوب صراعات داخلية في صفوفهم.
واستعرض التقرير، الممارسات القمعية والتمييزية التي تنخرط فيها الميليشيات الحوثية، في مختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها، وخاصة تلك التي تُمارس ضد الصحفيين والأكاديميين والمدافعين عن حقوق الإنسان، ممن زج الانقلابيون بكثير منهم وراء القضبان، بل وحكموا على بعضهم بالإعدام بتهم ملفقة، بعد إخضاعهم لتعذيب وحشي.
وشدد الخبراء الغربيون، على أن هذه الاعتقالات والأحكام الجائرة، تمثل مؤشراً على حملة قمعية واسعة النطاق، تشنها الميليشيات «الحوثية» ضد معارضيها، ما قاد لإسكات أصوات كل وسائل الإعلام المستقلة، في المناطق التي يحكمها الانقلابيون، بفعل التهديد والترهيب الذي يتعرض له الصحفيون.
وشملت حملات الاعتقال «الحوثية» كذلك، عدداً من رجال الأعمال والنشطاء، وذلك بالتزامن مع فرض قيود تمييزية على تنقل النساء، وإلزامهن بلبس أردية بعينها، وحرمانهن من حقوقهن الأساسية، في العمل والمشاركة المجتمعية. كما أشار الخبراء إلى الجرائم والانتهاكات «الحوثية» الصارخة التي تودي بحياة اليمنيين الأبرياء، خاصة في مدن مثل تعز، التي تُطبق عليها هذه الميليشيات الإجرامية الخناق منذ عدة سنوات، ما يحرم سكانها من المواد الأساسية، والسلع الحيوية، وذلك بجانب إقدام الانقلابيين على زرع الألغام بشكل عشوائي في الأحياء السكنية هناك، بما قاد إلى بتر أطراف عدد لا حصر له من المدنيين.
ونقلت «سكاي نيوز» البريطانية، عن مسؤول طبي في تعز قوله إن أكثر من ألف من قاطنيها، أصيبوا بمثل الإعاقات منذ بدء الصراع، وذلك في حين أجبر العدوان «الحوثي»، أكثر من 200 ألف من سكان المدينة، على النزوح منها، إذ لم يتبق سوى من يفتقرون لأي خيارات أخرى، بخلاف الإقامة قرب جبهات القتال.
ونتيجة لاستمرار العدوان «الحوثي»، وإفشال الميليشيات الانقلابية جهود إعادة إرساء الهدنة الأممية التي استمرت لستة أشهر كاملة العام الماضي، ارتفع عدد اليمنيين الذين يحتاجون لمساعدات غذائية، إلى زهاء 80 في المئة من السكان، البالغ عددهم ما يناهز 33 مليون نسمة.
وشدد الخبراء الغربيون على أن اليمنيين يواجهون الآن عدواً جديداً بجانب الميليشيات الحوثية، يتمثل في ما يصفه بعضهم بـ«لا مبالاة المجتمع الدولي» بأزمتهم الإنسانية، المُصنّفة على أنها الأسوأ من نوعها في العالم بأسره.