دينا محمود (لندن)
«ما أبعد الليلة عن البارحة»، هكذا بدا لسان حال الكثيرين في الشارع العراقي، في غمار الذكرى الـ20 لاندلاع الحرب التي أسقطت نظام الرئيس السابق صدام حسين، ووضعت أسس دولة جديدة، حفلت سنواتها الأولى بالاضطرابات، قبل أن تشهد أوضاعها، استقراراً نسبياً بعد ذلك.
فرغم أنه لا يزال في العراق، من يعتبر أن إسقاط صدام، فتح الباب لنشوب أعمال عنف دموية، دارت على أساس طائفي، وحصدت أرواح عددٍ كبير من الأبرياء، خاصة في النصف الثاني من العقد الأول من القرن الحالي، فإن هناك من العراقيين، من يرون أن البلاد، باتت الآن مهيأة لأعوام من الهدوء والازدهار، خاصة بعد أن تمكنت السلطات من احتواء الخطر الإرهابي بشكل كبير.
ويشير هؤلاء، والغالبية العظمى منهم من الشبان، إلى أن تحرير الأراضي التي كانت خاضعة لسيطرة تنظيم «داعش» الإرهابي، وتقلص نفوذ إرهابيي «القاعدة»، بما قاد إلى تراجع وتيرة الهجمات التي كان العراق يشهدها بشكل شبه يومي، أدى إلى أن تنعم أراضيه باستقرار نسبي، حتى وإن كان التخوف من خطر الميليشيات الطائفية لا يزال قائماً، جنباً إلى جنب مع تواصل المعاناة من المشكلات المعيشية.
ومن بين أسباب هذا الشعور بالتفاؤل، برأي خبراء، أن نسبة كبار السن ممن لا يزالون يتذكرون عهد صدام، أو يشعرون بحنين له، بدأت في التراجع، مقابل تزايد عدد الشبان الذين يشكلون في الفترة الحالية، أكثر من 50%، من نحو 40 مليون نسمة، هم تعداد الشعب العراقي.
ويرى كثير من أبناء الجيل الجديد في العراق، أن الحرب التي أفضت لسقوط النظام السابق، قد وضعت أوزارها بما لها وما عليها، وأنهم باتوا يتمتعون في الوقت الحاضر بالفرص الكفيلة بتحقيق أحلامهم، وطي صفحة سنوات ظلت فيها الدولة العراقية نهباً لصراعات داخلية وخارجية، وساحة للمواجهات الطائفية.
ويأمل أولئك الشبان، ممن شارك عدد كبير منهم في الانتفاضة الجماهيرية التي وقعت أواخر عام 2019، في أن يصبح بمقدورهم الإسهام في تغيير الوضع القائم الذي تُتهم فيه الطبقة الحاكمة، بالتقصير في توفير الخدمات العامة كالكهرباء وغيرها والعجز عن الاستفادة من موارده النفطية الهائلة.
ونقل موقع «نيوز تراك لايف» الإلكتروني، عن عددٍ من هؤلاء الشبان قولهم، إن حرب عام 2003، بمشاهدها الدموية لا تزال باقية، ولكن في الذاكرة، وأن وقائعها تراجعت في الوعي العام، بفعل تزايد الاهتمام بمشكلات الحياة اليومية، ومعارك الحياة السياسية، رغم ما يشوبها من ثغرات. ووفقاً للمتابعين للشأن العراقي، يتسنى لمن يزور بغداد في هذه الأيام، أن يلحظ أن أنحاءها باتت تزخر بمظاهر الحياة، وأن سكانها يتمتعون بلحظة نادرة من السلام والهدوء، ما انعكس على صورة المجمعات التجارية والأسواق التي باتت تكتظ بزبائنها، من جميع الأعمار والمستويات الاجتماعية والاقتصادية.