دينا محمود (بيروت، لندن)
بمرور الشهور والسنوات، تبدو الأزمة التي تعصف بلبنان حالياً، أشبه بجبل جليد، يختفي الجانب الأكبر منه تحت الماء، فلا يستطيع الكثير من المحللين والمعنيين، تقدير حجمه، وتحديد خطورته بدقة، بالتبعية.
فبرأي المتابعين للشأن اللبناني، لا تقتصر محنة هذا البلد وسكانه، على الفراغ الذي تعانيه سلطته التنفيذية بجناحيْها الرئاسي والحكومي، أو على الانهيار الاقتصادي المتصاعد في أراضيه، والذي وصل إلى ذروته اعتباراً من أكتوبر 2019، بما ترتب على ذلك من تدهور الأوضاع المعيشية، وبدء موجة هجرة هي الأكبر، منذ إسدال الستار على صفحة الحرب الأهلية، مطلع تسعينيات القرن الماضي.
فالخبراء يؤكدون أن خروج لبنان من المأزق المتصاعد الذي يتردى فيه في الوقت الحاضر، يتطلب حلولاً جذرية، لا تقف عند حد التوافق على رئيس حكومة فاعلة، أو انتخاب رئيس جديد خلفاً لميشال عون، الذي غادر قصر بعبدا أواخر أكتوبر الماضي، من دون أن يتمكن مجلس النواب من اختيار خليفة له، بسبب مناورات ميليشيات «حزب الله» الإرهابية.
وينبغي أن تستهدف هذه الحلول، كما يؤكد الخبراء والمحللون، وضع حد لظواهر مُدمرة مثل الطائفية والفساد، أجهزت على جهود التقدم والإصلاح والتنمية في لبنان، لعشرات السنوات، وأدت إلى تعطيل مؤسساته الحاكمة، وإبقاء قراره السياسي والعسكري، مختطفاً، من جانب تنظيمات دموية، مثل «حزب الله» وحلفائه، في الداخل والخارج.
وشدد المحللون على أن تأجج النزعات الطائفية، وإمعان النخبة الحاكمة في بيروت، وفي القلب منها «حزب الله»، في ممارسات الفساد والمحسوبية منذ 4 عقود على الأقل، أديا إلى أن تصبح القيادة اللبنانية عاجزة عن التعامل بكفاءة، مع التحديات المختلفة التي تواجهها البلاد.
فـ«الحزب» وغيره من القوى الطائفية، قادوا لبنان إلى الخراب، بما يجعل أي حلول قصيرة الأمد غير كافية، لإخراجه من حالة «السقوط الحر» المستمرة منذ أكثر من 3 سنوات، والتي أسقطت الغالبية العظمى من سكانه، بما يصل إلى 75% على الأقل منهم، تحت خط الفقر، وأفضت لهروب الاستثمارات الأجنبية من البلاد، واستنفاد احتياطيات العملة الصعبة، وانهيار النظام المصرفي.