عدد اليوم
دينا محمود (لندن)
ربما يبدو مبرراً أن تصف بعض الدوائر التحليلية عام 2023، بـ «سنة الانتخابات الرئاسية بامتياز في أفريقيا»، على ضوء أنه من المنتظر أن تشهد شهوره، عمليات اقتراع لاختيار حكام جدد، لما قد يصل إلى 20% من دول القارة السمراء، إلا إذا أدت عوامل قاهرة، إلى إرجاء التصويت.
وبحسب خبراء في الشؤون الأفريقية، يتطلب الوصول بهذه الاستحقاقات الانتخابية إلى بر الأمان وتذليل أي تحديات قد تواجهها، اتخاذ إجراءات وتدابير استباقية، تشترك فيها مختلف الأطراف المعنية بعملية الاقتراع، لضمان المصداقية، وأن تنال نتائجه اعترافاً من قوى الداخل والخارج.
ومن بين هذه التدابير، وفقاً لما قاله الخبراء في تصريحات نشرها موقع «ذا نيو هيومانيتريان» الإلكتروني، العمل على بلورة شراكات حقيقية بين السلطات والأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني والشركاء الإقليميين والدوليين للدول المرتقب إجراء الانتخابات فيها، لكي يتسنى تهيئة الأجواء اللازمة، لتنظيم العملية الانتخابية في ظروف مواتية.
كما يتعين وضع آليات واضحة لمراقبة عمليات التصويت، والاتفاق على اتخاذ إجراءات فعالة، من أجل التصدي لأي انتهاكات محتملة، ومساءلة الأطراف المتورطة أيا كانت هوياتهم أو انتماءاتهم، وهو ما سيقود على الأرجح، لتبديد أي مخاوف ربما تساور الناخبين، حيال استقلالية وحياد السلطات المسؤولة عن إجراء الاقتراع.
وينبغي على هذه السلطات في الوقت نفسه، أن تُدرك مبكراً طبيعة الصعوبات التي تكتنف الانتخابات المزمعة، خاصة وأنها ستجري وسط تفاقم حالة عدم اليقين على الساحة الدولية، في خضم أزمة في إمدادات الطاقة والمواد الغذائية الرئيسة، بفعل تبعات الأزمة الأوكرانية، وهو ما يلقي بظلاله على البُلدان الأفريقية بطبيعة الحال.
وطالب الخبراء كذلك، بضرورة التصدي لخطاب الكراهية، ووضع قواعد صارمة للحيلولة من دون أن تشهد الحملات الدعائية في الدول التي ستُجرى فيها استحقاقات انتخابية، أي محاولات للعزف على أوتار عرقية أو طائفية، بغرض كسب مزيد من الشعبية، من دون اكتراث بما قد يفضي له ذلك، من إشعال للفتنة وإثارة الانقسامات بين أبناء الوطن الواحد. وتشمل قائمة الدول الأفريقية، التي يُتوقع أن تُنظم في أراضيها انتخابات رئاسية خلال ما تبقى من شهور 2023، بُلدانا عربية مثل السودان وليبيا، على الرغم من عدم حسم هذا الأمر، على نحو قاطع حتى الآن، وذلك بجانب ليبيريا وسيراليون، ونيجيريا والجابون وجمهورية الكونغو الديمقراطية، ومدغشقر.
وحذر الخبراء، من أن الأوضاع المتوترة في دول مثل جمهورية الكونغو ونيجيريا، ستجعل الانتخابات المرتقبة هناك، اختباراً فريداً للسلطات والناخبين، على حد سواء، فكلا البلديْن يموج بالنزاعات والاضطرابات، التي يُخشى عواقبها. ففي الوقت الذي أدت فيه الصراعات في الكونغو، إلى نزوح 5.6 مليون شخص، يُوصف الوضع الراهن في نيجيريا، بالأسوأ من نوعه منذ سبعينيات القرن الماضي، لا سيما بعدما شهدت أراضيها على مدار شهور عام 2022، مقتل 10 آلاف شخص على الأقل، واختطاف ما يزيد على 5 آلاف آخرين.
