دينا محمود وكالات (لندن، كييف)
أكدت المتحدثة باسم الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، أمس، أن روسيا لا تتفق مع موقف تركيا التي تدعم خطة السلام الأوكرانية المزعومة، وفي وقت سابق، قال وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو إن أنقرة تدعم خطة كييف المكونة من 10 نقاط لتسوية الوضع في أوكرانيا، مضيفاً أن الجانب التركي يعمل على هذه الوثيقة. وقالت زاخاروفا في إفادة صحفية: «نحن على دراية جيدة بتقييم تركيا لما يسمى بخطة زيلينسكي للسلام، ولا يمكننا الاتفاق معه، فمن غير المرجح أن يساهم دعم أنقرة لهذا المشروع لنظام كييف في البحث عن السبل الناجعة لتحقيق السلام في أوكرانيا». وأضافت: «لقد أكدنا مراراً وتكراراً أن هذه الخطة غير مقبولة لبلدنا». وفي وقت سابق، صرح وزير الخارجية الأوكراني دميتري كوليبا بأن كييف ترغب في عقد قمة سلام في مقر الأمم المتحدة بنهاية فبراير مع الأمين العام للمنظمة الدولية أنطونيو جوتيريش كوسيط محتمل. وذكر مكتب جوتيريش أنه مستعد للتوسط فقط بشرط موافقة جميع الأطراف المعنية، بما فيها روسيا. وشدد الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف على أنه لا توجد حتى الآن أي خطة سلام لأوكرانيا، وأن أي خطة للسلام لا تأخذ في الاعتبار حقائق اليوم المتعلقة بأراضي روسيا ومناطقها الجديدة غير مقبولة.
ويرى خبراء أن المواقف الحالية لموسكو وكييف، تشير إلى محدودية الأرضية المشتركة التي تجمع بينهما للتوصل إلى سلام، إلا أن ذلك لا يحول، من دون السعي لإيجاد وقف للأعمال العدائية على الأقل، حتى وإن كان ذلك لن يرقى، في هذه المرحلة، إلى مستوى التوصل إلى اتفاق سلام دائم وشامل. فبعد نحو 11 شهراً من المواجهات العسكرية المستمرة بلا هوادة، والتي خَلَّفت أكثر من 60 ألف قتيل وجريح ومفقود على كلا الجانبين، بجانب تكبدهما خسائر اقتصادية تزيد قيمتها على 350 مليار دولار، يرجح الخبراء أن يكون الطرفان بصدد البحث حالياً، عن مخرج يحفظ ماء الوجه، بهدف وقف النزيف البشري والمادي الراهن.
ونقل موقع «صنداي جارديان لايف» الإلكتروني عن هؤلاء الخبراء قولهم، إن من بين الصيغ المطروحة في هذا الصدد، التوافق على انسحاب القوات الروسية، إلى ما وراء حدود الرابع والعشرين من فبراير 2022، مع الإبقاء على سيطرة موسكو، على شبه جزيرة القرم التي كان الكرملين قد أعلن عن ضمها عام 2014.
في المقابل، يمكن منح أوكرانيا ضمانات أمنية تكفل الحيلولة دون تكرار تعرضها لأي هجمات، والسماح لها كذلك، بنيل عضوية الاتحاد الأوروبي، مع دفعها في الوقت ذاته، للتخلي عن مساعيها للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو)، وهو ما سيهدئ كثيراً من المخاوف الروسية.
ومن شأن التوافق على صيغة من هذا القبيل، فتح الباب أمام استئناف العملية التفاوضية بين طرفيْ الأزمة، وهو ما يشكل تطوراً مُرحباً به، لا من جانب الرأي العام في روسيا وأوكرانيا فحسب، وإنما أيضاً من قبل القوى الكبرى في العالم التي باتت عالقة بدورها في هذا المأزق، والدول النامية التي يقود استمرار المعارك، إلى تفاقم ما تعاني منه من نقص الغذاء.