أحمد مراد (بيروت، القاهرة)
يعاني لبنان من تداعيات أزمة «الفراغ الرئاسي» التي تفجرت مع نهاية ولاية الرئيس السابق ميشال عون ومع انتهاء المهلة الدستورية المقررة لانتخاب الرئيس الجديد التي امتدت من أول سبتمبر وحتى 31 أكتوبر الماضي.
ودخل لبنان في شغور رئاسي بعدما فشل مجلس النواب طوال المهلة الدستورية خلال 10 جلسات في التوافق على مرشح تجمع عليه الكتل النيابية والفرقاء السياسيون.
وشدد المحلل السياسي اللبناني يوسف دياب في تصريحات لـ«الاتحاد» على خطورة التداعيات السياسية والاقتصادية المترتبة على أزمة «الفراغ الرئاسي» التي فاقمت معاناة اللبنانيين المعيشية والحياتية في ظل الارتفاع الجنوني لسعر صرف الدولار الأميركي مقابل الليرة اللبنانية، وارتفاع أسعار الطاقة والسلع، وشح الأدوية.
وهذه هي المرة الرابعة التي يدخل فيها لبنان في الفراغ الرئاسي بسبب الخلافات الحادة بين الفرقاء السياسيين، وجاء هذه المرة في ظل انهيار اقتصادي متسارع صنفه البنك الدولي من بين الأسوأ في العالم منذ عدة عقود.
وأوضح دياب أن استمرار الفراغ الرئاسي من شأنه أن يؤجل أي حل أو تحرك نحو إنهاء الأزمة الاقتصادية التي لن تُحل إلا بانتخاب رئيس حيادي يعمل على تشكيل حكومة إنقاذ حقيقية تستطيع أن ترمم علاقات لبنان مع الدول العربية والمجتمع الدولي، وتنفذ إصلاحات تمكن البلاد من الخروج من الأزمة.
ويتزامن الفراغ الرئاسي الذي يعيشه لبنان مع وجود حكومة تصريف أعمال عاجزة عن اتخاذ قرارات ضرورية، لا سيما فيما يتعلق بتنفيذ إصلاحات سياسية واقتصادية ونقدية يضعها المجتمع الدولي شرطاً لإبرام اتفاق مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض بقيمة 3 مليارات دولار.
وأكد المحلل السياسي اللبناني أنه لا تلوح في الأفق القريب أي بوادر لحل أزمة «الفراغ الرئاسي»، لا سيما أن التحرك الداخلي ما زال عاجزاً عن الاتفاق على انتخاب رئيس جديد للبلاد، فضلاً عن أن التدخل الخارجي غير موجود حتى الآن بسبب انشغال الدول بملفات أخرى، مثل الأزمة الأوكرانية، والأوضاع في العراق وسوريا واليمن وليبيا.
واستبعد يوسف دياب وجود تحركات خارجية تنتج اتفاقاً إقليمياً ودولياً على انتخاب رئيس جديد إلا إذا حدث أمر خطير يستدعي الاتفاق الداخلي، أو عقد مؤتمر إقليمي أو دولي لحل الأزمة، ومن ثم فإن الفراغ الرئاسي سوف يستمر، ما يؤدي إلى المزيد من التفكك في مؤسسات الدولة، وينذر بوضع أمني قد ينفجر في أي لحظة، وقد تنجم عنه فوضى اجتماعية بسبب الأزمة المالية والاقتصادية.
بدورها، أوضحت المحللة والكاتبة اللبنانية ميساء عبد الخالق، أن الفراغ الرئاسي أدى إلى انهيار اقتصادي خطير تمثلت أبرز معالمه في انهيار العملة المحلية أمام الدولار بشكل غير مسبوق، وما ارتبط به من ارتفاع تكلفة المعيشة، مما أثر على غالبية شرائح المجتمع، لا سيما وأن معدل الفقر تجاوز حدود الـ 82 %.
وأشارت عبد الخالق في تصريحات لـ«الاتحاد» إلى أن الأخطر من الضائقة المعيشية والحياتية التي يعاني منها غالبية الشعب اللبناني، المخاوف الأمنية المرتبطة بأزمة «الفراغ الرئاسي».
ودعت المحللة اللبنانية الفرقاء السياسيين إلى العمل على الوصول لحل جذري لأزمة «الفراغ الرئاسي» قبل أن يستفحل الخطر، ويصل لبنان إلى الهاوية، معربة عن أسفها أن ينتظر الفرقاء السياسيين في لبنان الحل من الخارج، داعيةً إياهم إلى أن يبادروا لإيجاد تسوية وانتخاب رئيس مقبول من الجميع حتى تخرج البلاد من هذا الفراغ.