دينا محمود (مقديشو، لندن)
حذر خبراء دوليون من أن النساء والأطفال في الصومال، يتحملون العبء الأكبر لانعدام الأمن الغذائي هناك حالياً، بما يهدد هذا البلد بمجاعة قد تكون أشد وطأة من تلك التي ضربته مطلع العقد الماضي، وحصدت في ذلك الوقت، أرواح نحو 260 ألف شخص، كان نصفهم من الأطفال، لا تتجاوز أعمارهم 15 عاماً.
ففي ظل شُح الأمطار المستمر للموسم الخامس على التوالي، يتزايد خطر المجاعة الذي يواجه الصوماليين، ممن بات نحو 7.8 مليون منهم، أي ما يقارب نصف عدد السكان البالغ 16 مليون نسمة تقريباً، بحاجة إلى مساعدات غذائية، وفقاً لتقديرات أممية وحكومية كذلك.
وتشير هذه التقديرات، إلى أن ظروف الجفاف الشديد التي يشهدها الصومال في الوقت الحاضر، تؤثر على ما يصل إلى 90 % من سكانه، ما أجبر أكثر من 1.1 مليون منهم، على النزوح من ديارهم، خلال عام 2022.
وحذر الخبراء في تقرير نشره موقع «ريليف ويب» الإلكتروني التابع للأمم المتحدة، من أن 82 % من هؤلاء النازحين، هم من النساء والأطفال، وهو ما يؤكد أن الأزمة الإنسانية التي تعصف بالصومال، تؤثر بشكل غير متناسب، على بعض الشرائح الأكثر هشاشة في مجتمعه.
وبحسب منظمات إنسانية تعمل في الصومال، تعاني هذه الشرائح أكثر من غيرها، من تراجع فرصها في التعليم والحصول على خدمات الرعاية الصحية، التي يتدنى مستواها من الأصل، بفعل التقلبات السياسية والأزمة الاقتصادية في البلاد، فضلاً عن تبعات الاضطرابات الناجمة عن العمليات الإرهابية، التي تنفذها حركة «الشباب» الإرهابية.
وقبل شهور قليلة، شدد مسؤولو برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة في الصومال، على أن حياة «الفئات الأكثر ضعفاً» في هذا البلد، معرضة لخطر الجوع وسوء التغذية، مؤكدين ضرورة أن يتحرك المجتمع الدولي، لمواجهة الوضع الكارثي الحالي، من دون الانتظار لإعلان حدوث مجاعة فعلية.
وتُعزى موجة الجفاف التي تجتاح الصومال، وهي الأسوأ من نوعها منذ 4 عقود على الأقل، إلى تداعيات ظاهرة التغير المناخي، التي أدت إلى أن تشح الأمطار على مدار السنوات القليلة الماضية، وهو ما قاد إلى أن تتجاوز حدة الموجة الحالية، مستوى نظيرتيْها، اللتين شهدهما هذا البلد الواقع في منطقة القرن الأفريقي، بين عاميْ 2016 و2017.
وسبق أن حذر خبراء في الأرصاد الجوية، من أن معدل هطول الأمطار التي تسقط على الصومال، لن يتحسن كثيراً في الموسم الحالي، بسبب التقلبات المناخية، في مختلف بقاع العالم.
وعلى الرغم من تردي الوضع الإنساني على نحو مطرد في الصومال، فلم تستطع الأمم المتحدة جمع سوى نحو 20 % من إجمالي المبالغ اللازمة لتمويل أنشطتها الإنسانية هناك خلال 2022، وهو ما أكد خبراء، ارتباطه بتفاقم مشكلة انعدام الغذائي في مناطق مختلفة من العالم، جراء الأزمة الأوكرانية، وما أسفرت عنه من شُحِ في الحبوب والمواد الغذائية.
وتستورد الدول الواقعة في شرق أفريقيا، ومن بينها الصومال، 90 % تقريباً من احتياجاتها من القمح، من روسيا وأوكرانيا على وجه التحديد.
كما أن الأزمة المستمرة بين هذين البلدين منذ أواخر فبراير الماضي، قادت أيضاً لارتفاع أسعار النفط والأسمدة وتكاليف شحن المواد الغذائية عبر العالم، ما زاد الأسعار الخاصة بالحبوب الأساسية في الصومال وحده، بواقع الضعف عما كانت عليه في العام الماضي.
فضلاً عن ذلك، شهدت السنوات الثلاث الماضية، تسجيل أكثر من 8 آلاف حالة انتهاك خطيرة بحق الأطفال الصوماليين، طالت 6500 على الأقل منهم، ومن بينها، الزج بهم في ساحات القتال قسرياً، بجانب قتلهم أو تشويههم أو اختطافهم أو تعريضهم لأشكال عنف مختلفة. وحُمِلَّت المسؤولية في هذا المضمار، لحركة «الشباب» الإرهابية، خاصة في ما يتعلق بالتجنيد القسري للأطفال، بجانب اختطاف عناصرها للكثيرين منهم.
مقتل 67 إرهابياً في شبيلي الوسطى
قتل 67 مسلحاً من حركة «الشباب» الإرهابية أمس، في عملية عسكرية في بلدة «عيل بعاد» بإقليم شبيلي الوسطى في الصومال، بحسب مصدر عسكري رسمي. وقال قائد القوات البرية محمد تهليل بيحي في تصريح لإذاعة «صوت الجيش» إن الوحدات العسكرية نفذت عملية على منطقة يتجمع فيها عناصر من حركة «الشباب» قرب بلدة «عيل بعاد».
وأضاف بيحي: «تم تصفية 67 مسلحاً منهم وإصابة العشرات بجروح».
وأضاف أن الجيش الصومالي على علم بالمناطق التي فر إليها مسلحو الحركة وسيواصل مطاردتهم ولن تتوقف العمليات التي تستهدفهم. وأشار المسؤول العسكري إلى أن هذه العملية الأمنية نفذت بالتعاون مع مسلحين من العشائر وطائرات مسيّرة. وأمس الأول، أعلن الجيش الصومالي تحرير آخر مدينة في إقليم «شبيلي الوسطى» بعد انسحاب عناصر حركة «الشباب» المتمردة منها. ومنذ يوليو الماضي، يشن الجيش الصومالي بالتعاون مع مسلحي العشائر عملية عسكرية لتحرير مناطق وسط البلاد من عناصر حركة «الشباب». ويخوض الصومال منذ سنوات حرباً ضد الحركة التي أُسست مطلع 2004 وتتبع فكرياً لتنظيم «القاعدة» وتبنت عمليات إرهابية عديدة أودت بحياة المئات.