دينا محمود (عدن، لندن)
بالتزامن مع استمرار موجة الغضب الإقليمي والدولي التي أثارتها الاعتداءات الإرهابية الأخيرة لميليشيات الحوثي على عدد من الموانئ النفطية في اليمن، وكان آخرها أمس الأول، باستهداف ميناء «الضبة» النفطي في محافظة حضرموت، أكد محللون وخبراء غربيون أن هذه الممارسات العدوانية تشكل دليلاً على تفاقم المأزق الذي تعانيه العصابة الانقلابية، خاصة بفعل عجزها عن دفع رواتب الموظفين الموجودين في المناطق الخاضعة لسيطرتها.
وأعربت وزارة الخارجية السعودية عن إدانة المملكة استمرار استهداف ميليشيات الحوثي للأعيان المدنية والمنشآت الاقتصادية في اليمن، وهو ما يؤكد نهجها المستمر على زيادة معاناة الشعب اليمني ورفضها الدائم للجهود والمبادرات الدولية كافة مع استمرارها في استهداف المنشآت المدنية والاقتصادية وإمدادات ممرات الطاقة العالمية، وسلامة الملاحة والتجارة الدولية.
كما أدان السفير الأميركي لدى اليمن، ستيفن فاجن، هجمات ميليشيات الحوثي الإرهابية، على ميناء «الضبة».
وقال في بيان صحفي، إن الخاسر الوحيد من قصف ميليشيات الحوثي للموانئ النفطية والمنشآت الحيوية في اليمن هو الشعب اليمني.
وأشار السفير الأميركي إلى أن هذه الأعمال تُلحق الضرر بالشعب اليمني من خلال تفاقم نقص الوقود، وتقويض جهود الإغاثة.
بدورها، دانت رئاسة مجلس الشورى اليمني، الاعتداءات الإرهابية المتكررة التي تقوم بها الميليشيات الحوثية.
وقالت الهيئة في بيان لها «إن هيئة رئاسة مجلس الشورى ترى أن إقدام الميليشيات الحوثية على تنفيذ عملية تخريبية وإرهابية ثانية خلال شهر استهدفت ميناء الضبة النفطي، سلوك عدواني يعكس الطبيعة الإرهابية للميليشيات الحوثية، وتاريخ ممتد من الأعمال الإجرامية».
وأضاف البيان «إن ميليشيات الحوثي بهذا الفعل الإجرامي أثبتت للعالم مجدداً أنها جماعة إرهابية لا تكترث للقوانين الدولية وسلامة الملاحة البحرية وحركة التجارة العالمية، ولا يهمها السلام بالمنطقة».
فالاعتداءات التي تصاعدت وتيرتها خلال الأسابيع القليلة الماضية لا تعدو بحسب المراقبين، سوى محاولة لتصدير الأزمات المختلفة التي تحاصر الانقلابيين، في ظل مشاعر الإحباط وخيبة الأمل المتزايدة، بين اليمنيين المنكوبين بخضوعهم لسلطتهم الجائرة.
فمختلف القوى الفاعلة على الصعيد الدولي، تشدد على أن استهداف الموانئ النفطية اليمنية بالطائرات المُسيّرة، يشكل خطراً على حركة التجارة وحرية الملاحة في منطقة تمثل مصدراً لا غنى عنه للطاقة، وذلك في وقت يواجه فيه العالم بأسره أزمة في إمدادات النفط والغاز، كإحدى تبعات الأزمة الأوكرانية.
واعتبر المحللون أن لجوء عصابة «الحوثي»، إلى محاولة تعطيل تصدير النفط من الموانئ التي تسيطر عليها الحكومة اليمنية، يرمي إلى الضغط على مجلس القيادة الرئاسي لحمله على مساعدتها، في دفع الرواتب المتأخرة للموظفين الموجودين في المحافظات الرازحة تحت سيطرة الانقلابيين.
وفي تصريحات نشرها موقع «ريسبونسيبُل ستيتكرافتس» الإلكتروني، قال المحللون إن الميليشيات تخشى مواجهة «ثورة حقيقية» من جانب هؤلاء الموظفين الذين تشكل رواتبهم أحد البنود المُدرجة على جدول أعمال المحادثات التي تقودها الأمم المتحدة.
ولكنّ المحللين الذين حذروا من خطورة استمرار الهجمات الحوثية على موانئ تصدير النفط بوتيرتها الحالية، باعتبار ذلك تصعيداً عسكرياً غير مسبوق منذ انقضاء الهدنة، استبعدوا في الوقت نفسه، أن ينجر مجلس القيادة الرئاسي، لاستفزازات الانقلابيين، في ضوء حرصه، على إنجاح أي مساعٍ، تستهدف إعادة الهدوء إلى البلاد.
ووصف المحللون القيادات الحوثية بأنها أصبحت أشبه بـ «أمراء حرب» لا يريدون التخلي عن السلاح لحماية مصالحهم الضيقة، وهو ما يُذكي المخاوف من أن الحوثي قد يَعْمَد لمواصلة التمسك الأعمى بالخيار العسكري خشية على مصالحه التي قد تتأثر سلباً حال تجاوبه بجدية مع الوساطات الإقليمية والدولية الهادفة لتجديد الهدنة، وجعلها خطوة على طريق التوصل إلى اتفاق دائم لوقف إطلاق النار، يقود لإطلاق عملية سياسية شاملة، من شأنها طي صفحة الصراع الدموي في البلاد.