أحمد عاطف (القاهرة، بيروت)
يعقد البرلمان اللبناني جلسة جديدة اليوم لانتخاب رئيس للجمهورية، وسط توقعات بفشل النواب للمرة الثالثة في إنجاز الاستحقاق الدستوري، مع وجود انقسامات عميقة يعكسها غياب التوافق على اسم خلف لميشال عون الذي تنتهي ولايته نهاية الشهر الجاري.
وكان البرلمان أجل يوم الخميس الماضي، إلى جلسة، اليوم، انتخاب رئيس جديد للبلاد، بسبب عدم اكتمال النصاب القانوني.
ويؤشر فشل البرلمان في التوافق على مرشح حتى الآن إلى أن العملية الانتخابية قد تستغرق وقتاً طويلاً، وهو ما يزيد من تعقيدات الوضع في البلاد الغارقة في أزمة مالية خانقة، حيث نادراً ما تُحترم المهل الدستورية المحددة.
ورغم دخول لبنان مرحلة مفصلية تتعلق بمستقبله السياسي، في ظل اهتمام خارجي يتمثل في تأكيد مختلف الجهات الدولية على أهمية إنجاز الانتخابات الرئاسية ضمن المهلة الدستورية، وتأليف حكومة كاملة الصلاحيات، إلا أن قوى المعارضة لن تتمكن بسهولة من توحيد صفوفها في مقاربة الملف الرئاسي، لا سيما بعد انقسام مواقفها في الجلسة الأخيرة لانتخاب رئيس الجمهورية، بحسب خبراء.
وكشف «التيار الوطني الحر»، الذي ينتمي إليه عون، أن نوابه سيشاركون في جلسة البرلمان اليوم لانتخاب رئيس، لكنهم سيصوتون بـ«ورقة بيضاء»، بسبب عدم الاتفاق على رئيس جديد. واعتبر «التيار» أنه إذا لم تتشكل حكومة جديدة، فإن لبنان يتجه إلى «أبعد من فوضى دستورية واجتماعية».
وأكد خبراء لبنانيون لـ«الاتحاد» أن الفرقاء السياسيين يصرون على شروط وتسويات من شأنها عرقلة تلك الانتخابات، لاسيما مع اقتراب انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون نهاية الشهر الجاري، مقابل تشديدات من مجموعات الدعم الدولي لأهمية انتخاب رئيس جديد ضمن الإطار الزمني الذي نص عليه الدستور.
وأوضح مسؤول الإعلام والتواصل في «حزب القوات اللبنانية» شارل جبور، أن هناك فريقاً سياسياً يحاول تحويل لبنان لساحة مستباحة عن كل منطق لمفهوم الدولة والسياسات والقوانين، مقابل فريق يتماشى مع مكونات الدولة وفق المفهوم العالمي الشامل للقانون والدستور والديمقراطية.
وأضاف جبور لـ«الاتحاد»: إن هناك فريقاً يريد أيضاً أن يتمسك بسلاحه غير الشرعي بحجة المقاومة رغم أنه لا علاقة له بأية مقاومة بينما يتسبب في انهيار الدولة وإضعافها وتحويلها إلى تابعة، في الوقت الذي يأمل اللبنانيون في رئيس جمهورية سيادي وإصلاحي يكبح الانزلاق الاقتصادي، ويضع حداً فاصلاً بين الدولة والميليشيات.
ويرى المحلل السياسي اللبناني محمد الرز أن المنظومة الحاكمة متشبثة بشروط لا علاقة لها بالمعايير الدستورية لانتخاب رئيس الجمهورية، التي تعلي مصالح الوطن وتلتزم بالدستور وانتماء لبنان لمحيطه العربي.
وهذه المعايير أكد عليها المجتمع الدولي مؤخراً، وتتضمن العودة لتطبيق اتفاق الطائف للوفاق الوطني، والدستور المنبثق عنه تطبيقاً كاملاً غير منقوص وغير معرض للاستنسابيات الطائفية والمذهبية.
وأوضح الرز لـ«الاتحاد» أن «شروط المنظومة الحاكمة فئوية لا وطنية إذ يطالب بعضها بتعيينات في الإدارة والمناصب الحساسة ومراعاته في تشكيل الحكومات، متذرعاً بكتلة نيابية وصلت إلى البرلمان بتحالفات مشبوهة ووفق قانون انتخابي يناقض نص الدستور».
على صعيد آخر، أوضح السياسي اللبناني خلدون شريف أن الجميع يتمترس في موقع منفصل عن الآخر، ولا أحد انخرط حتى الآن في التسوية، وظهر ذلك جلياً في جلسة الانتخابات الأولى حتى برزت الورقة البيضاء بـ 63 صوتاً.
وقال خلدون لـ«الاتحاد» إنه يتوقع ألا يستمر التمترس طويلاً، خاصة أنه لابد من بروز الاصطفاف الإقليمي أو التسويات المناسبة لها، مشيراً إلى أن هناك محاولات لاستدعاء التدخل الخارجي في الانتخابات الرئاسية رغم انشغال العالم بأزماته.
وغالباً ما ينتخب رئيس لبناني بعد توافق الكتل الرئيسية على اسم مرشح في بلد تقوم سياسته الداخلية على التسويات بين القوى المختلفة.
وانتُخب عون رئيسًا في 2016 بعد شغور رئاسي استمر أكثر من عامين، بسبب فشل النواب في التوافق على مرشّح.