شعبان بلال (الخرطوم، القاهرة)
ينتظر السودانيون بفارغ الصبر حدوث انفراجة سياسية عبر نجاح القوى المدنية في تشكيل حكومة انتقالية تخرج البلاد من الوضع المتدهور.
وأقر مجلس السيادة في السودان في وقت سابق بأن يتولى المدنيون اختيار رئيس الحكومة والوزراء، مع انصراف المؤسسة العسكرية لممارسة مهامها المنصوص عليها في الدستور.
لكن على الرغم من ذلك، اعتبر خبراء ومحللون سياسيون أن القوى السياسية المدنية الموجودة في الساحة حالياً تفتقر إلى التأييد الشعبي ما يهدد أي محاولة للتوصل لاتفاق حول تشكيل حكومة مدنية انتقالية، مؤكدين أن الشارع لم يعد يثق بالأحزاب والقوى السياسية الحالية.
واعتبر الدكتور الصادق خلف الله، رئيس مجلس أمناء «إتش دي آي» الأميركي، والخبير في الشؤون الأفريقية، أن القوى السياسية السودانية الموجودة في الساحة حالياً ليس لديها أي ثقل في الشارع وتفتقر إلى تأييد شعبي، مضيفاً أن الأسماء التي لمعت خلال السنوات الثلاث الماضية بعد سقوط نظام البشير، هي شخصيات غير محنكة سياسياً وتبحث عن دور سياسي فقط لمصالح شخصية وحزبية لذلك لا تريد إجراء انتخابات. وأوضح خلف الله في تصريحات لـ«الاتحاد»، أن المدنية لدى القوى السياسية الحالية هي فوز القلة بمقاعد وزارية من الصعب عليهم الحصول عليها بمؤهلات سياسية فعلية أو خبرة.
وأشار خلف الله إلى أن «المؤسسة العسكرية تعلمت من تجربتها أن أفضل طريقة للانتصار على القوى المدينة هي رمي الكرة في ملعبهم لكشفهم على حقيقتهم وسحب أي تأييد شعبي تبقى لهم». ولفت الخبير في الشؤون الأفريقية إلى أن السبب الرئيسي بفشل القوى المدنية في الاتفاق هو خلافهم الجذري والأيديولوجي، موضحاً أن حزبا كالحزب الشيوعي وحزب البعث والاشتراكيين كونوا تحالفا مع حزب الأمة والأحزاب المنسلخة من الحزب الاتحادي بأسماء قيادية دون قواعد شعبية، لافتاً إلى أن هذا التحالف أصابه الانهيار للخلاف الجوهري بين الأيديولوجيات والأهداف.
وحدد مجلس السيادة في السودان على لسان مستشاره الإعلامي الطاهر أبو هاجة عدة شروط لتسليم السلطة إلى المدنيين، على رأسها، أنه لن يتم تسليم السلطة إلا لحكومة متوافق عليها من كل السودانيين أو حكومة منتخبة، مؤكداً في تصريحات سابقة أنه لا مجال لحكم الفترة الانتقالية في السودان عبر «وضع اليد والفهلوة السياسية». وظهرت مبادرات عدة في الأشهر الأخيرة في محاولة لحل الأزمة السياسية في السودان، لكن لم يتم إحراز أي تقدم ملموس بسبب عدم اتفاق القوى السياسية.
واعتبر المحلل السياسي السوداني الجميل الفاضل في تصريحات لـ«الاتحاد»، أن التوافق الذي لا يستثني حزباً سوى «المؤتمر الوطني»، هو الذي يعتبره الجيش شرطاً للتنازل عن السلطة وللانسحاب عن السياسة.