دينا محمود (لندن)
استهدف انفجار صباح أمس، فندقاً في مدينة «جوهر» بالقرب من القصر الرئاسي لولاية «هيرشبيلى» الصومالية.
ووفقاً لوكالة الأنباء الصومالية «صونا»، فقد تسبب الانفجار الناجم عن سيارة مفخخة في سقوط عدد من القتلى والجرحى، وجرى نقل عشرات الجرحى إلى المستشفيات، بالإضافة إلى تدمير المباني المجاورة وجدار الفندق الذي كان يقيم فيه مسؤولو الولاية.
وأوضح المتحدث باسم رئاسة الولاية داود حاجي عِرو أن الانفجار تسبب في وقوع ضحايا في صفوف المدنيين ومسؤولي إدارة الولاية الذين كانوا يقيمون في الفندق الذي تعرض للهجوم.
وبعد نحو عامين من الخلافات السياسية والمماطلة في إجراء الانتخابات الرئاسية، بما هدد في كثير من الأحيان بتجدد الحرب الأهلية في الصومال، بات لهذا البلد قيادة جديدة محددة الملامح، مع انتخاب حسن شيخ محمود رئيساً للجمهورية للمرة الثانية خلفاً لمحمد عبد الله «فرماجو»، واختيار حمزة عبدي بري لرئاسة الحكومة.
ولكن تجاوز العقبات التي حالت دون إجراء الاقتراع الرئاسي في موعده، لا يعدو سوى الخطوة الأولى على طريق محفوف بالمخاطر لإعادة الاستقرار إلى بلد، يفتقر لحكم مركزي قوي منذ عدة عقود، ما جعله مسرحاً لأزمات سياسية وأمنية وإنسانية واسعة النطاق، على مدار السنوات الثلاثين الماضية.
فالقيادة الصومالية الجديدة، مُطالبة الآن بتحديد المسار الذي ستتخذه البلاد على كافة الأصعدة، خاصة في مجاليْ السياسة الداخلية والخارجية، وكيفية التعامل مع خطر حركة «الشباب» الإرهابية، التي لا تزال تسيطر على مناطق عدة، خاصة في الريف، فضلاً عن تحديد أفضل الخيارات المتاحة لديها، لتجنب مجاعة تلوح بقوة في الأفق.
وبرأي محللين غربيين، لا يزال الملف الأمني يشكل التحدي الأول، الذي سيواجهه الرئيس الصومالي الجديد ورئيس وزرائه، في ظل محاولات حركة «الشباب» المرتبطة بتنظيم «القاعدة»، توسيع نطاق سيطرتها خارج المناطق الحضرية والريفية الخاضعة لها في الوقت الحاضر، خاصة بعدما استغلت شهور الأزمة السياسية الأخيرة التي ضربت مقديشو، لتعزيز صفوفها، وتكثيف هجماتها، لتزيد في العام الماضي وحده، بنسبة تصل إلى 17% عن مستواها في 2020.
وفي تصريحات نشرها موقع «إستونيان فري بريس» الإلكتروني، شدد المحللون على ضرورة أن تعمل القيادة الجديدة في مقديشو، على اتباع حلول «صومالية - صومالية» لمواجهة المشكلات الداخلية، وأن تعتمد على قدراتها الذاتية في التعامل مع التهديدات الأمنية التي تواجه البلاد، وذلك بعدما أثبتت تجربة العقود الثلاثة الماضية، أن التعويل على الأجهزة الأمنية لم يؤتِ ثماره المنشودة.
وفي هذا السياق، يتعين على صناع القرار في «فيلا صوماليا»، المقر الرئاسي بمقديشو، بلورة استراتيجية جديدة لمكافحة الإرهاب، يشارك الصوماليون أنفسهم في وضعها وتطويرها وتنفيذها، مع العمل على تعزيز قوة الوكالات المختلفة العاملة بالمجاليْن الأمني والاستخباراتي، وتوفير التمويل والتدريب اللازميْن لعناصرها.
كما ينبغي على السلطات الصومالية، أن تحرص على إبعاد الأجهزة الأمنية، عن مختلف الأجندات والخلافات السياسية، والفصل بينها وبين التقلبات التي تشهدها الساحة الداخلية، واستحداث آليات أفضل للتنسيق في ما بينها، للحد من قدرة «الشباب» على الاستفادة من الثغرات الخطيرة، التي شابت عمل تلك الوكالات خلال الفترة الماضية.
وفي الإطار ذاته، تحتاج السلطات الحاكمة في مقديشو، إلى استحداث آليات فحص وتدقيق لكشف العناصر الموالية للحركة الإرهابية في الأجهزة الأمنية والحكومية وداخل المؤسسة التشريعية، مع الاعتماد على المعايير المهنية وحدها، لاختيار شاغلي المناصب الأمنية، دون السعي لتوزيع هذه المناصب على عشائر بعينها في إطار محاصصات أو صفقات سياسية، لا تستهدف سوى تحقيق مكاسب ضيقة، بعيدة عن مصالح الصوماليين أنفسهم.
ويوصي الخبراء والمحللون أيضاً، بوضع حد للتغييرات المستمرة في القيادات الأمنية، الأمر الذي يألفه الصوماليون مع وصول كل رئيس جديد إلى الحكم في بلادهم، باعتبار أن تلك التعديلات، تُضعف الأجهزة المعنية بإنفاذ القانون ومكافحة الإرهاب، وتُفقد الحرب ضد حركة «الشباب» زخمها.