شعبان بلال (القاهرة)
سادت حالة من الترقب في الساحة الداخلية بالسودان بعد قرارات مجلس السيادة التي أعلنها رئيس المجلس عبدالفتاح البرهان بإعفاء 5 من أعضاء المكون المدني في المجلس من مناصبهم، وعدم مشاركة المؤسسة العسكرية في المفاوضات الجارية حالياً ضمن الآلية الثلاثية، وإفساح المجال للقوى السياسية والثورية لتشكيل حكومة كفاءات من خلال الحوار.
وذكر مجلس السيادة في بيان أن «البرهان عقد اجتماعاً مع الأعضاء الخمسة المغادرين وهم أبوالقاسم برطم ورجاء نيكولا وعبدالباقي الزبير، ويوسف جاد كريم وسلمى عبدالجبار، وشكرهم على العمل بمثابرة واجتهاد من أجل خدمة البلاد».
وتم الإبقاء على ثلاثة أعضاء تم تعيينهم بموجب اتفاق سلام جوبا هم مالك عقار «رئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان شرق» والطاهر حجر «رئيس تجمع قوى تحرير السودان» والهادي إدريس «رئيس حركة تحرير السودان - المجلس الانتقالي».
ويأتي القرار بعد إعلان البرهان عزمه حل مجلس السيادة وتأسيس آخر أعلى للدفاع والأمن عقب تشكيل الحكومة التنفيذية، كما أعلن انسحاب الجيش من المفاوضات السياسية برعاية الآلية الثلاثية لإنهاء الأزمة لإفساح المجال أمام الأحزاب للتوافق.
ورأى خبراء ومحللون سياسيون أن قرارات البرهان تُتيح فرصة كبيرة أمام المدنيين للاتفاق حول حكومة مدنية لا حزبية تدير الفترة الانتقالية، مؤكدين ضرورة استغلال هذه الفرصة، وتوحد المدنيين للوصول لاتفاق للخروج من الأزمة الراهنة. ويشهد السودان منذ 25 أكتوبر الماضي احتجاجات ومظاهرات واسعة للمطالبة بعودة المدنيين إلى الحكم، بعد قيام مجلس السيادة السوداني بحل الحكومة، وهو ما أثار موجة رفض من الشارع.
وأكدت الباحثة السودانية في العلوم السياسية بجامعة الخرطوم أسمهان إبراهيم أن البرهان وضع فرصة مهمة أمام المدنيين للاتفاق حول حكومة مدنية لا حزبية تدير الفترة الانتقالية، مشيرةً إلى أن المكونات المضادة للمدنيين تجعل من العسير جداً الوصول إلى اتفاق موحد ما لم يكن هناك تنازل من الأطراف كافة للعبور بالسودان إلى بر الأمان. وأشارت أسمهان إبراهيم لـ«الاتحاد» إلى أن بعد انسحاب الجيش من الحوار السياسي تم نسف أي مبرر للاحتجاجات، موضحةً أن البرهان رمى بالكرة في ملعب المدنيين.
واعتبرت أن الجيش السوداني شريك أصيل في العملية السياسية التي تمت ما بعد ثورة الإنقاذ عام 2018، موضحةً أنه تم تكوين حكومة برئاسة الدكتور عبدالله حمدوك، ولكنها لم تفلح في تقديم أي حلول لمشاكل البلد الاقتصادية المعقدة جراء العقوبات المفروضة على السودان لعقود خلت.
وذكرت الباحثة السودانية أن رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان حل حكومة حمدوك، وأعلن حالة الطوارئ بعد فشلها في إدارة البلاد، وهو ما تسبب في احتجاجات على مدار الأشهر الماضية، حيث طالب المحتجون بحكومة مدنية وخروج الجيش من المشهد السياسي، وهو ما رفضته القوات المسلحة مطالبةً بحوار يشمل كل السودانيين لإدارة الفترة الانتقالية تمهيداً للانتخابات العامة. وأكدت أسمهان أن رفض وتعنت «قوى التغيير» لهذا الحل دفع البرهان لإعلان انسحاب الجيش من الحياة السياسية، ونادى بحوار شامل برعاية الآلية الثلاثية «الأمم المتحدة، الاتحاد الأفريقي، الإيجاد». وعلى الرغم من تفاؤل البعض بإمكانية جلوس الأطراف السودانية على طاولة المفاوضات بعد انسحاب الجيش، إلا أن الدكتورة تماضر الطيب، الأستاذة بمركز الدراسات الدبلوماسية بجامعة الخرطوم، أكدت أن فرص حدوث حوار غير ممكنة.