الرياض، بيروت (وكالات)
أعلنت المملكة العربية السعودية، اليوم الخميس، عودة سفيرها إلى لبنان وليد بخاري. وقالت وزارة الخارجية في بيان «استجابةً لنداءات ومناشدات القوى السياسية الوطنية المعتدلة في لبنان، وتأكيدًا لما ذكره رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي من التزام الحكومة اللبنانية باتخاذ الإجراءات اللازمة والمطلوبة لتعزيز التعاون مع المملكة ودول مجلس التعاون الخليجي ووقف كل الأنشطة السياسية والعسكرية والأمنية التي تمس المملكة ودول المجلس، فإن المملكة تعلن عن عودة سفير خادم الحرمين الشريفين إلى جمهورية لبنان الشقيقة». وأضاف البيان «تؤكد المملكة على أهمية عودة جمهورية لبنان إلى عمقها العربي متمثلةً بمؤسساتها وأجهزتها الوطنية، وأن يعم لبنان الأمن والسلام، وأن يحظى شعبها بالاستقرار والأمان في وطنه».
وفي بيان مماثل، أعلنت وزارة الخارجية الكويتية عودة سفيرها إلى لبنان. وقالت في بيان «إنه في ضوء التجاوب اللبناني مع المبادرة الكويتية الخليجية واستجابة للمناشدات التي أطلقتها القوى السياسية الوطنية المعتدلة في لبنان وتفاعلا مع الالتزام الذي قطعه رئيس الوزراء في لبنان باتخاذ الإجراءات اللازمة والمطلوبة لتعزيز التعاون مع الكويت ودول مجلس التعاون لدول الخليج العربية ووقف كافة الأنشطة السياسية والعسكرية والأمنية التي تمس دول مجلس التعاون الخليجي فإن الكويت تعلن عودة سفيرها لدى لبنان. وأكدت أهمية جمهورية لبنان وعودتها إلى محيطها العربي بكافة مؤسساتها وأجهزتها الوطنية، معربة عن الأمل بأن يعم الأمن والسلام لبنان. فيما قال مكتب ميقاتي إن الكويت أبلغت رئيس الوزراء بأن سفيرها في بيروت سيعود إلى لبنان قبل نهاية الأسبوع.
جاء ذلك، في وقت أكد فيه رئيس الوزراء اللبناني الالتزام بالإصلاحات التي تضمنها الاتفاق المبدئي مع صندوق النقد الدولي الذي كان أعلن بموجبه عن خطة مساعدة بقيمة ثلاثة مليارات دولار على مدى 46 شهرا لمساعدة لبنان في أزمته الاقتصادية. وقال ميقاتي بعد لقائه الرئيس ميشال عون: «إن الإصلاحات لمصلحة لبنان وبما أنها لمصلحة لبنان سنقوم بالالتزام بها»، وأضاف: «اليوم مفاوضاتنا ليست فقط في ما يتعلق بالمواضيع المالية، بالمواضيع الإصلاحية اللازمة لأنها هي في الواقع تأشيرة للدول المانحة أن تبدأ بالتعاون مع لبنان وإعادة لبنان إلى الخارطة الطبيعية المالية العالمية». وأكد وعون في بيان مشترك «الالتزام الكامل باستمرار التعاون مع صندوق النقد الدولي من أجل إخراج لبنان من كبوته ووضعه على سكة التعافي والحل».
وقال راميريز ريغو الذي ترأس وفد صندوق النقد الدولي إلى لبنان في بيان إنه في حال تمت الموافقة على الخطة من قبل إدارة الصندوق ومجلس إدارته، ستندرج المساعدة المرسلة إلى لبنان في إطار دعم خطة السلطات الإصلاحية لإعادة النمو والاستقرار المالي. غير أنه أضاف أن الموافقة رهن بتنفيذ جميع الإصلاحات والإجراءات المسبقة وتأكيد الدعم المالي للشركاء الدوليين. وتابع قائلاً: «إن سنوات من سياسات الاقتصاد الكلي غير المستدامة أدت إلى الأزمة التي بلغت ذروتها في 2020 عندما تخلف لبنان عن سداد ديونه السيادية للمرة الأولى في تاريخه». وأوضح أن لبنان يواجه أزمة غير مسبوقة أدت إلى انكماش اقتصادي هائل وزيادة كبيرة في الفقر والبطالة والهجرة. وقال: إن المسؤولين عبروا عن التزامهم القومي بالبرنامج الإصلاحي ومواصلة التنفيذ الحازم خلال الانتخابات البرلمانية والرئاسية المقبلة.
وسُيفرَج عن مبالغ المساعدات في إطار «التسهيل الائتماني الممدد»، ولكن بعد أن يوافق البرلمان اللبناني على ميزانية عام 2022 وعلى قانون جديد للسرية المصرفية لمحاربة الفساد. وسيتطلب ذلك أيضاً موافقة الحكومة على برنامج لإعادة هيكلة الدين مع مشاركة كافية من الدائنين لاستعادة القدرة على سداد الدين وسد فجوات التمويل، وسن برنامج إصلاح اقتصادي شامل بالاتفاق مع صندوق النقد، بهدف استعادة الاستدامة المالية وتعزيز الحوكمة والشفافية وإزالة المعوقات أمام نمو الوظائف.
ووافقت السلطات اللبنانية على تنفيذ ثمانية إجراءات إصلاحية قبل أن ينظر مجلس صندوق النقد ما إذا كان سيوافق على الاتفاق. ومن تلك الإجراءات الموافقة على استراتيجية إعادة هيكلة القطاع المصرفي تعترف بالخسائر الكبيرة في القطاع وتعالجها مقدما، بينما تحمي صغار المودعين وتحد من اللجوء إلى الموارد العامة. كما شملت الإجراءات «الشروع في تقييم مدعوم من الخارج لأكبر 14 بنكا كل على حدة»، وموافقة البرلمان على تعديل قانون السرية المصرفية واستكمال تدقيق وضع الأصول الأجنبية لدى البنك المركزي.
وأوضح نائب رئيس مجلس الوزراء سعادة الشامي، الذي يترأس الوفد اللبناني المفاوض، أن الاتفاق المبدئي على برنامج تصحيح اقتصادي ومالي تحت اسم «التسهيل الائتماني الممدد» يعتمد ركائز عدة بينها إنجاز الإصلاحات الهيكلية الضرورية لاستعادة النمو، وإعادة هيكلة القطاع المصرفي، وإصلاح القطاع العام ومؤسساته وخاصة قطاع الكهرباء، وتوحيد سعر صرف الليرة. وأضاف «الوقت ثمين جداً، وكلفة الانتظار باهظة جداً». فيما قال رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري: إن المجلس مستعد بجدية كبيرة لإقرار التشريعات والإصلاحات اللازمة لنجاح برنامج يدعمه صندوق النقد الدولي.
من جهة ثانية، أكّد رئيس الوزراء اللبناني أن الانتخابات النيابية المقررة في 15 مايو المقبل ستترجم توجهات الناس الذين انتفضوا في الساحات، وجدّد دعوة الجميع للتلاقي والابتعاد عن الخطاب المتشنج لا سيما في هذا الظرف. كما التقى ميقاتي بعثة الاتحاد الأوروبي لمراقبة الانتخابات النيابية في لبنان التي أكدت اعتماد مبدأ الحياد، والالتزام بمراقبة العملية من دون أي نوع من التدخل فيها، كما رحبت بالإعلان عن اتفاق بين لبنان وصندوق النقد الدولي، قائلة: إنه «خطوة رئيسية نحو برنامج تعاف اقتصادي شامل قائم على الإصلاحات».