أبوظبي (الاتحاد)
أكد خبراء وأكاديميون أن الهجمات الإرهابية الحوثية ضد الإمارات والسعودية، تعد تطوراً خطيراً يهدد استقرار المنطقة والأمنين الإقليمي والدولي، وشددوا على أهمية قيام المجتمع الدولي بإعادة تصنيفها جماعة إرهابية، لافتين إلى أنه لولا تحالف الإمارات والسعودية لسيطرت ميليشيات «الحوثي» الإرهابية على مضيق باب المندب، وهددت الطاقة في العالم.
وأجمع الخبراء، في ندوة نظمها مركز «تريندز» للبحوث والاستشارات ضمن «توتير سبيس»، بعنوان: «الخطر الحوثي على الأمن الإقليمي»، على أن التصعيد الأخير لميليشيات الحوثي الإرهابية، باستهداف الإمارات والسعودية، أظهر خطراً وتهديداً للميليشيات الإرهابية على الأمنين الإقليمي والدولي، وعلى حرية الملاحة البحرية وسلامة المجال الجوي للطيران المدني العالمي، وأكدوا أن هذه الهجمات الإرهابية، تشكل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، وتهديداً للسلم والأمن في مستواهما الإقليمي والدولي، وتقوّض الأمن القومي العربي.
وشارك في الندوة، التي بثت عبر حساب «تريندز» على «توتير»، سعيد محمد الشامسي، سفير سابق وخبير في الشؤون السياسية والاستراتيجية، وفيصل العيان، نائب رئيس أكاديمية ربدان، وخلفان الكعبي، الخبير في الشؤون السياسية والعسكرية، وفهد الشليمي، رئيس منتدى الخليج للسلام والأمن في دولة الكويت، وحسنين توفيق إبراهيم، أستاذ العلوم السياسية في جامعة زايد.
وفي تقديمها للندوة، ونيابةً عن محمد العلي، الرئيس التنفيذي لـ«مركز تريندز للبحوث والاستشارات»، رحبت سمية الحضرمي، مديرة إدارة المؤتمرات، بالمشاركين، وأكدت أن هجمات ميليشيات «الحوثي» الإرهابية الأخيرة على مواقع ومؤسسات مدنية في أراضي دولة الإمارات العربية المتحدة شكّلت تطوراً بالغ الخطورة يعكس المدى الذي وصلت إليه هذه الجماعة في تهديدها للأمن الإقليمي برمته، الذي عانى وما زال يعاني سلوكيات وممارسات الميليشيات الإرهابية، التي انتشرت في ربوع المنطقة كالسرطان بعد فوضى ما يعرف باسم «الربيع العربي» التي شكّلت التحدي الأخطر لمنظومة الأمن الإقليمي في العصر الحديث.
ومن جانبه، أبرز مدير الندوة سعيد محمد الشامسي، أهمية محاور الندوة التي شملت الموقف الدولي المطلوب للتعامل مع ميليشيات «الحوثي»، وموقف دول التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن تجاه الهجمات «الحوثية» الإرهابية، والفرص والعقبات المرتبطة بتصنيف «الحوثي» جماعة إرهابية دولية، وخطر الميليشيات على الأمن الإقليمي.
واستهل الندوة فيصل العيان، إذ تناول الموقف الدولي المطلوب للتعامل مع ميليشيات «الحوثي»، وقال: إن الرسالة التي أراد «الحوثي» توجيهها للمنطقة من خلال هجماته الإرهابية، هي إظهار امتلاكه للقدرة على تهديد مصالح الإمارات والصمود أكثر.
وأضاف: إن الإرهاب «الحوثي» يرى في استهداف الإمارات هدفاً استراتيجياً، موضحاً أن ذلك يعبر بوضوح عن اللغة الإرهابية، ويشير إلى أن هناك فرقاً شاسعاً بين من يريد أن يبني مجتمعاً إنسانياً، ومن يريد العبث بمصير الشعوب وحياتها، ومن يريد أن يقوم بدور الوكيل للآخرين ضد المصالح الوطنية.
وذكر العيان أن ميليشيات «الحوثي» الإرهابية استغلت فشل الموقف الدولي والموقف الأممي في اليمن، في إعادة تنظيم صفوفها، موضحاً أن الطريق إلى المفاوضات يختلف عن السلاح وترويع المدنيين كما في منهجية «الحوثي». وقال: إنه لولا تحالف الإمارات والسعودية لسيطرت هذه الميليشيات على مضيق باب المندب، وهددت الطاقة في العالم.
وأشار إلى الدور السلبي لإيران في اليمن، وهو ما يحتم على الدول الإقليمية والدولية ممارسة ضغوط كبرى على طهران، لوقف دعمها لـ«الحوثيين» وغيرهم من الوكلاء أيضاً، سواء كان مالياً أو لوجستياً.
بدوره، تطرق خلفان الكعبي إلى موقف دول التحالف العربي تجاه الهجمات «الحوثية» الإرهابية، مشيراً إلى أنه ينقسم إلى أربعة محاور: سياسي وعسكري، وتحسن البيئة الداخلية، والجانب الإنساني والتنموي.
وقال: على المستوى السياسي فإن دول التحالف، لا سيما الإمارات والسعودية، قامت بتحركات واضحة حتى بعد الوضع الحالي داخل الولايات المتحدة، بحكم دورها وتأثيرها في محاولة حثيثة لإعادة تصنيف «الحوثيين» جماعة إرهابية، وحشد مواقف دولية تتوافق والتحالف ومساندة الشرعية داخل اليمن، وبيان خطورة التنظيم الذي تسبب في كارثة للشعب اليمني وتهديد خطوط الملاحة في العالم.
وقال الكعبي، حول المحور العسكري: إن الانتصارات الأخيرة في شبوة ومأرب دليل على أن هناك تقدماً وتحركاً وأسلوباً جديداً ميدانياً ظهرت ثمراته.
وأشار إلى أن تحسين البيئة الداخلية في اليمن أمر مهم جداً، حيث إن تعديل منظومة الجيش اليمني، خصوصاً مع الدعم المقدم له من التحالف؛ يمكن أن يفعل الكثير والتحالف يسعى إلى ذلك.
وحول الموقف الإنساني والتنموي، أشار الكعبي إلى أن التحالف من خلال الهلال الأحمر الإماراتي ومركز الملك سلمان لعب دوراً مهماً في مساندة الشعب اليمني الذي يعاني كثيراً، وهناك جوانب تنموية أخرى خاصة في ظل مرحلة وباء كورونا «كوفيد -19».
وأما فهد الشليمي، فتحدث عن تصنيف «الحوثي» جماعة إرهابية دولية، وقال: إن هناك إجماعاً عالمياً على جرائم «الحوثي»، وهو ما يحتم إعادة النظر في طريقة التعامل مع الميليشيات «الحوثية»، وتصنيفها إرهابية، موضحاً أن التراخي مع هذه الجماعة يؤدي إلى تماديها في الإرهاب وإيذاء الشعب اليمني المكلوم، كما يهدد دول الجوار والأمن الإقليمي والعالمي.
وأضاف الشليمي: إن المجتمع الدولي لا يقدم سوى الإدانة والاستنكار، لكن علينا أن نستثمر ذلك لصالحنا، فاعتبار سلوك جماعة «الحوثي» سلوكاً إرهابياً هو بمنزلة ضوء أخضر لما يجب علينا أن نفعله، والتحرك لتصنيف الميليشيات «الحوثية» كجماعة إرهابية.
وأشاد الشليمي بموقف الإمارات الدولي وتحركها العاجل في مجلس الأمن، وهو ما يساعد في وضع حد لهذه الميليشيات «الحوثية» ويعري موقفها أمام العالم.
وأعرب عن أمله في أن تقوم جامعة الدول العربية بتصنيف جماعة «الحوثي» جماعة إرهابية، من أجل تجريم أي فعل أو سلوك لهذه الجماعة أو أي تعاطف معها، سواء كان من قبل دول أو جماعات، وشدد على أهمية تتويج الزخم الإعلامي الدولي لتصنيف جماعة «الحوثي» إرهابية، كما يجب دعم الشرعية اليمنية للقيام بمهامها وتحرير اليمن ومكافحة الإرهابيين.
من جانبه، تناول حسنين توفيق إبراهيم، خطر الميليشيات على الأمن الإقليمي، مستدلاً بالنموذج «الحوثي»، حيث أكد أن وجود ميليشيات مسلحة يتنافى مع منطق الدولة، مشدداً على أنه لا توجد دولة في العالم تسمح بوجود ميليشيات مسلحة على أراضيها.
وأوضح أن وجود ميليشيات مسلحة في بعض الدول العربية يشكل تحدياً كبيراً لشرعية تلك الدول، وأوضح أنه لا يوجد حزب سياسي يمتلك ميليشيات مسلحة أيضاً، والأحزاب التي تمتلك مثل هذه الميليشيات تشكل تحدياً لسيادة الدول، وهذا يجب ألا يسمح به في دولنا العربية.
وذكر أن الميليشيات تزدهر في الدول المتصدعة، ولذا فإن ميليشيات الحوثي تعمل على إبقاء الفوضى وعدم رسوخ الدولة، كما أنها تتغذى من المخدرات والأنشطة غير المشروعة.
وأشار إلى أن الميليشيات «الحوثية» الإرهابية، والتي استهدفت مصادر وإمدادات الطاقة في السعودية والإمارات، وهذا تهديد للأمن العالمي، وبالتالي يتعين على دول العالم أن تقوم بمسؤوليتها في حفظ أمن الطاقة، كما استهدفت البيئة والإنسان في اليمن ما يحتم تصنيفها جماعة إرهابية، وينظر إليها من منظور إجرامي.