أسماء الحسيني (الخرطوم، القاهرة)
شهدت العاصمة السودانية الخرطوم ومدن أخرى احتجاجات جديدة شارك فيها آلاف السودانيين وسط إجراءات أمنية مكثفة، وإغلاق عدد من الطرق والجسور الرئيسية بالأسلاك الشائكة والحواجز الإسمنتية، فيما أكد رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان أن أبواب الحوار ستظل مفتوحة أمام جميع القوى السياسية وشباب الثورة من أجل التوافق على استكمال هياكل الفترة الانتقالية.
وأطلقت قوات الأمن السودانية قنابل الغاز المسيل للدموع والقنابل الصوتية على المتظاهرين الذين طالبوا بحكم مدني كامل، وإبعاد الجيش عن السياسة، عندما تجمعوا بالقرب من قصر الرئاسة وسط الخرطوم حتى أبعدتهم عن محيطه.
وبعد يومين من استقالة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، هتف المتظاهرون في الخرطوم «لا لحكم العسكر»، ودعوا إلى إسقاط المجلس السيادي الذي يترأسه البرهان. وقال الشهود: تم إغلاق الشوارع المؤدية إلى مقر قيادة الجيش في وسط العاصمة، وسط تواجد كثيف لشرطة مكافحة الشغب والقوات شبه العسكرية وأفراد الجيش. وتجمع عشرات المتظاهرين في ضاحية أم درمان بعد انتشار دعوات إلى التظاهر والتوجه في مسيرة إلى القصر الرئاسي بوسط الخرطوم. وأفاد شهود عيان بأن قوات الأمن أطلقت الغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين في حي بحري شمال العاصمة، وهم يحاولون الوصول إلى الجسر الذي يربط الحي بالخرطوم، كما أطلقت الغاز المسيل للدموع في منطقة بري شرق الخرطوم.
ولم تقتصر الاحتجاجات على العاصمة بل امتدت خارجها، ففي مدينة بورتسودان أكبر المدن شرق البلاد، على البحر الأحمر، أطلقت قوات الأمن الغازات المسيلة للدموع على المحتجين.
وفي مدينة مدني عاصمة ولاية الجزيرة، قال شهود عيان: «خرج حوالي 5 آلاف متظاهر وهم يحملون أعلام السودان، المتظاهرون كانوا يقرعون الطبول ويهتفون: مدنية خيار الشعب، ولا لحكم العسكر».
وتحدثت مصادر طبية عن وقوع عدد من الإصابات، كما أدانت شبكة الصحفيين السودانيين اعتداءات قوات الأمن على إعلاميين أثناء تصويرهم للمظاهرات، ولم تشهد البلاد أمس، انقطاعا للاتصالات وخدمات الإنترنت كما كان يحدث في المظاهرات السابقة.
في غضون ذلك، أكد رئيس مجلس السيادة في السودان، عبد الفتاح البرهان، أن أبواب الحوار ستظل مفتوحة أمام جميع القوى السياسية وشباب الثورة، من أجل التوافق على استكمال هياكل الفترة الانتقالية.
وقال البرهان خلال لقائه القائم بأعمال السفارة الأميركية في الخرطوم، بريان شوكان: إن «أبواب الحوار ستظل مفتوحة أيضا من أجل السير في طريق التحول الديمقراطي وصولاً إلى انتخابات حرة ونزيهه تأتي بحكومة مدنية منتخبة تلبي تطلعات الشعب السوداني».
وأكد رئيس مجلس السيادة الحرص على استمرار الشراكة والتعاون مع الولايات المتحدة في مختلف المجالات بما يحافظ على الإنجازات التي تمت خلال الفترة الماضية، والبناء عليها في المستقبل لخدمة المصالح المشتركة للبلدين. ودعا القائم بأعمال السفارة الأميركية، من جانبه، إلى ضرورة الاستمرار في مسار التحول الديمقراطي والإسراع في تشكيل الحكومة التنفيذية، واستكمال بقية هياكل السلطة الانتقالية.
«الجامعة» تدعو الأطراف كافة إلى الحوار
أعرب الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبوالغيط، أمس، عن احترام قرار رئيس الوزراء السوداني عبدالله حمدوك بالاستقالة من منصبه، داعياً إلى ضرورة العمل على وجه السرعة بين شركاء السودان من أجل الحفاظ على المكتسبات المهمة التي تحققت خلال العامين الماضيين.
وقال أبوالغيط فى بيان، إنه «يتابع عن كثب المبادرات المختلفة التي تقدم بها مؤخراً عدد من الأحزاب والمكونات السياسية السودانية بشأن معالجة تحديات الفترة الانتقالية»، مشيداً في الوقت ذاته بما حققه الدكتور حمدوك خلال فترة توليه المنصب.
وأضاف، أنه «يرى أن التشاور المكثف والحوار البناء بين مختلف الأطراف هما الوسيلة الوحيدة، بل حجر الزاوية لحل الأزمة الحالية، وتحقيق تطلعات الشعب السوداني في الاستقرار والتنمية والانتقال الديمقراطي المأمول».
وفي السياق، أدان الأمين العام للأمم المتحدة العنف المستمر في السودان، ودعا قوات الأمن إلى ممارسة أقصى درجات ضبط النفس. ونقل موقع أخبار الأمم المتحدة عن بيان للمتحدث باسم الأمين العام أنطونيو جوتيريش القول: إنه «علم باستقالة رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك، ويأسف لعدم وجود تفاهم سياسي حول سبل المضي قدماً على الرغم من خطورة الوضع».
وقال البيان: «يشجع الأمين العام جميع أصحاب المصلحة على مواصلة الانخراط في حوار هادف من أجل التوصل إلى حل شامل وسلمي ودائم». وأكد الأمين العام في البيان أن تطلعات السودانيين إلى الانتقال الذي يؤدي إلى الحكم الديمقراطي أمر بالغ الأهمية.