أسماء الحسيني (الخرطوم، القاهرة)
أثارت استقالة رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك أصداء واسعة في العالم وبين القوى المؤيدة له والمعارضة، حيث أبدت ردود الفعل الدولية عن خشيتها من عدم ضمان استمرار الحكم المدني، فيما عبرت بعض الأطراف الداخلية عن خشيتها أن تؤدي الاستقالة إلى زيادة الأمور تعقيداً.
وشدد قائد الجيش السوداني رئيس المجلس الانتقالي عبد الفتاح البرهان، على ضرورة تشكيل حكومة كفاءات مستقلة ذات مهام محددة.
وقال البرهان في حديث لضباط من الجيش وقوات الدعم السريع، أمس، إنه «من الضروري أن يتفق جميع السودانيين على الحكومة المقبلة، في هذا الظرف التاريخي الذي تمر به البلاد».
وأشار البرهان إلى ضرورة العمل على تحقيق مهام الفترة الانتقالية، التي تتمثل في تحقيق السلام وبسط الأمن ومعالجة قضايا الناس وقيام الانتخابات.
وأضاف البرهان، أن «تحقيق هذه الأهداف يحتاج إلى تلاحم الشعب السوداني إعلاء لمصالح الوطن العليا، والبعد عن المصالح الحزبية الضيقة»، مؤكداً أن «القوات المسلحة صمام أمان البلاد، وستظل متماسكة تحرس ترابه وأمنه، وستحمي الانتقال الديمقراطي، وصولاً لانتخابات حرة ونزيهة ترضي طموحات كل السودانيين».
ومساء أمس الأول، أعلن حمدوك استقالته من منصبه، بعد 6 أسابيع من إعادته إلى المنصب في إطار اتفاق سياسي مع الجيش قال إنه يمكن أن ينقذ مسار الانتقال نحو الديمقراطية.
وفي ردود الفعل الدولية، أعرب الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، رئيس البعثة المتكاملة لدعم المرحلة الانتقالية بالسودان «يوناميتس» فولكر بيرثيس، عن أسفه على قرار حمدوك، مثمناً الإنجازات التي تحققت تحت قيادة حمدوك، خلال المرحلة الأولى من الفترة الانتقالية.
ولفت فولكر الانتباه إلى أنه لا يزال يشعر بالقلق إزاء الأزمة السياسية المستمرة في أعقاب قرارات 25 أكتوبر، التي تهدد بمزيد من عرقلة التقدم المحرز منذ ثورة ديسمبر.
كما عبر كذلك عن انزعاجه من عدد القتلى والجرحى من المدنيين في سياق الاحتجاجات المستمرة، حاثاً قوات الأمن على التقيد بالتزاماتها بموجب القانون الدولي والتمسك الصارم بحقوق المتظاهرين في حرية التعبير والتجمع السلمي، مؤكداً أهمية تقديم مرتكبي العنف إلى العدالة.
بدورها، حثت الولايات المتحدة السودانيين على تنحية خلافاتهم والعمل على تشكيل حكومة يقودها المدنيون.
وقال مكتب شؤون أفريقيا بوزارة الخارجية الأميركية، عبر حسابه الرسمي بموقع «تويتر»: «بعد استقالة رئيس الوزراء حمدوك، يتعين على القادة السودانيين تنحية الخلافات، والوصول إلى إجماع، وضمان استمرار الحكم المدني».
وأكد «ضرورة أن يتم تعيين رئيس الوزراء ومجلس الوزراء القادمين في السودان بما يتوافق مع الإعلان الدستوري، وبما يلبي تطلعات الشعب للحرية والسلام والعدالة».
بدورها، قالت وزيرة شؤون أفريقيا بوزارة الخارجية البريطانية، فيكي فورد، إنها تشعر بحزن شديد لاستقالة رئيس الوزراء السوداني، داعية إلى احترام مطالب المنادين بالحكم المدني.
وأضافت فورد بـ«تغريدة» على «تويتر»: «حمدوك كان يخدم السودان ويسعى لتحقيق رغبة شعبه في مستقبل أفضل»، مشيرةً إلى أن الملايين رفعوا أصواتهم منذ التدابير التي أعلنها قائد الجيش عبدالفتاح البرهان في 25 أكتوبر الماضي للمطالبة بالحكم المدني، قائلة «يجب على قوات الأمن والجهات السياسية الفاعلة الأخرى الآن احترام تلك المطالب».
وفي السياق نفسه، حيّت فرنسا الجهود التي بذلها حمدوك، ودعت في بيان لوزارة الخارجية إلى احترام المبادئ الواردة في الوثيقة الدستورية. كما حثت على عودة المؤسسات الانتقالية إلى عملها، وتسمية حكومة انتقالية وذات مصداقية تعبر عن طموحات السودانيين، وتسمح لهم بإجراء انتخابات في 2023.
في غضون ذلك، تأسفت عدد من القيادات السودانية على استقالة رئيس الحكومة.
وقال جبريل إبراهيم رئيس حركة العدل والمساواة ووزير المالية السابق، إن استقالة حمدوك في هذا التوقيت أمر مؤسف للغاية.
من جانبه، قال حزب الأمة القومي، إن استقالة حمدوك تضيف للوضع السياسي المأزوم في السودان تعقيدات جديدة سياسية ودستورية.
ووصف مني أركو مناوي حاكم إقليم دارفور استقالة حمدوك بأنها واحدة من تجليات الأزمة السياسية والاجتماعية المتراكمة في السودان.
بدوره، قال الكاتب الصحفي فايز الشيخ السليك، وهو مستشار سابق لحمدوك لـ«الاتحاد»، إن الاستقالة تعيد الأمور إلى ما كانت عليه في أبريل من عام 2019 عند سقوط نظام عمر البشير، حين خلفه المجلس العسكري في مواجهة حركة الشارع القوية المطالبة بحكم مدني كامل، إلى أن استطاع الطرفان بشق الأنفس الوصول إلى الوثيقة الدستورية للشراكة بينهما في حكم الفترة الانتقالية.