أسماء الحسيني (الخرطوم، القاهرة)
في وقت تتسارع فيه المشاورات السياسية بين أطراف المشهد السوداني في محاولة لحلحلة الموقف المتأزم، أطلقت قوات الأمن الغاز المسيل للدموع لتفريق آلاف المتظاهرين المشاركين في «مليونية الشهداء» بالخرطوم ومدن سودانية أخرى للمطالبة بحكم مدني وإدانة العنف الدموي الذي شهدته احتجاجات الأسبوع الماضي، وسط انقطاع كامل جديد للاتصالات وانتشار كثيف للجنود.
وقتل متظاهران كانا يشاركان بالتظاهرات وأُصيب العشرات في أم درمان، بحسب ما أفادت لجنة الأطباء المركزية، لافتة إلى أن أحدهما قضى برصاصة في صدره.
وأفادت لجنة الأطباء أن القتيل الثاني تعرض لضربة شديدة في الرأس تسببت بتحطيم جمجمته.
وكان المحتجون في مسيرة باتّجاه القصر الرئاسي في وسط العاصمة وهم يحملون أعلام السودان ولافتات كتب عليها «العسكر إلى الثكنات»، ويهتفون «الردة مستحيلة»، و«السلطة سلطة شعب»، عندما أطلق عناصر الأمن الغاز المسيل.
وصباح أمس، أغلقت السلطات السودانية الجسور التي تربط الخرطوم وأحياء أم درمان وبحري ونشرت قوات الأمن على عربات مزودة بأسلحة وقطعت الاتصالات، بما في ذلك «الإنترنت»، تأهباً للتظاهرات المعلن عنها.
ولبى مئات المحتجين الدعوة للمشاركة في مسيرة باتّجاه القصر الرئاسي في وسط العاصمة وهم يحملون أعلام السودان ولافتات كتب عليها «العسكر إلى الثكنات» ويهتفون «الردة مستحيلة» و«السلطة سلطة شعب». وسار آلاف المتظاهرين من جديد معتبرين أن على الجيش «العودة إلى الثكنات»» وأن «القوة للشعب»، فيما اخترق شبان على متن دراجات نارية الحشد وهم ينقلون الجرحى، في ظل منع قوات الأمن سيارات الإسعاف من التحرك.
وعلى مقربة من القصر الرئاسي، حيث مقر الحكومة الانتقالية، تقدم الحشد وتراجع رغم الانتشار الأمني.
ودعا تجمع المهنيين السودانيين، إلى جعل 2022 «عاماً للمقاومة المستمرة».
ودعا «جماهير الشعب السوداني وجموع المهنيين السودانيين والعاملين بأجر في كل مدن وقرى السودان إلى الخروج والمشاركة الفعالة في المواكب المليونية يوم 2 يناير 2022، فلنجعل منه عاماً للمقاومة المستمرة».
يأتي ذلك في وقت حذرت مصادر سودانية مطلعة في تصريحات لـ«الاتحاد» من خطورة حالة الشلل والفراغ الدستوري التي يعانيها السودان منذ أشهر، والتي لم يتبلور حتى الآن مخرج واضح منها، وتنعكس على الأوضاع السياسية والاقتصادية والأمنية، مشيرةً إلى تحركات مكثفة تقوم بها أطراف عديدة في الداخل والخارج إدراكاً منها لتبعات الأوضاع الكارثية على السودان».
وسيطر الجيش على السلطة في 25 أكتوبر أنهى اتفاقاً لاقتسام السلطة مع قوى سياسية مدنية، وكان من المفترض أن يمهد الاتفاق الذي أُبرم في 2019 الطريق لحكومة انتقالية وفي نهاية المطاف انتخابات بعد الإطاحة بالرئيس عمر حسن البشير.
واستمرت الاحتجاجات المناهضة للحكم العسكري حتى بعد إعادة عبد الله حمدوك لمنصب رئيس الوزراء في نوفمبر الماضي، ويطالب المتظاهرون بألا يكون للجيش دور في الحكومة خلال فترة انتقالية تنتهي بإجراء انتخابات حرة.
واشنطن تطالب بوقف استخدام العنف ضد المتظاهرين
طالب وزير الخارجية الأميركي بوقف استخدام القوة الفتاكة ضد المتظاهرين في السودان، مؤكداً أن بلاده مستعدة للرد على من يسعى إلى عرقلة تطلعات الشعب السوداني بحكومة ديمقراطية بقيادة مدنية.
وأضاف بلينكن: «كنا نأمل أن يوفر عام 2021 فرصة للشراكة مع سودان ديمقراطي، لكن استيلاء الجيش على السلطة في أكتوبر الماضي، والعنف ضد المتظاهرين السلميين، ألقيا بظلال من الشك على هذا المستقبل».
وأكد: «لا نريد عودة إلى الماضي، ومستعدون للرد على أولئك الذين يسعون إلى عرقلة تطلعات الشعب السوداني إلى حكومة ديمقراطية بقيادة مدنية، والذين يقفون في طريق المساءلة والعدالة والسلام».
وأعرب بلينكن عن الإعجاب بـ «شجاعة السودانيين الذين نزلوا مراراً وتكراراً إلى الشوارع للمطالبة بأن تسمع أصواتهم، وأن يحقق قادتهم مستقبلاً آمناً ومزدهراً».
وأكد وزير الخارجية الأميركي أن موقف الولايات المتحدة الواضح بأنها ستواصل الوقوف إلى جانب الشعب السوداني من أجل الديمقراطية.