الجمعة 22 نوفمبر 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

هيثم بن طارق.. نهضة جديدة وحكمة سديدة

السلطان هيثم بن طارق
18 نوفمبر 2021 01:16

أحمد مراد (القاهرة)

في الحادي والعشرين من يناير عام 2020، بدأ في سلطنة عُمان «عهد نهضة جديد» بتولي السلطان، هيثم بن طارق آل سعيد، مقاليد الحكم، خلفاً للسلطان الراحل، وباني النهضة الُعمانية الحديثة، قابوس بن سعيد، الذي توفي في العاشر من الشهر نفسه.
وفي خطابه الأول إلى الشعب العُماني، تعهد السلطان هيثم بن طارق بمواصلة الجهود لتحديث مسيرة العمل الوطني، والحفاظ على ما أنجزه السلطان الراحل، قابوس بن سعيد، والبناء عليه، والمضي قدماً في طريق التنمية الشاملة، لتكون السلطنة في مصاف الدول المتقدمة، والانتقال بها إلى مستوى طموحات وآمال المواطن في شتى المجالات.
وخلال ما يقارب العامين، نجح السلطان هيثم بن طارق في تحقيق عشرات الإنجازات والنجاحات التي كانت محل تقدير كبير، سواء من قبل الشارع العُماني، أو من المنظمات والوكالات الإقليمية والدولية.

دماء جديدة
بدأ السلطان هيثم بن طارق عهد النهضة الجديد باتخاذ الإجراءات حكيمة لإعادة هيكلة الجهاز الإداري للسلطنة، والعمل على تحديث منظومة التشريعات والقوانين، وتطوير آليات وبرامج العمل الوطني، ومراجعة أعمال الشركات الحكومية مراجعة شاملة بهدف تطوير أدائها ورفع كفاءتها وتمكينها من الإسهام الفاعل في المنظومة الاقتصادية.
وفي هذا الشأن، صدرت سلسلة من المراسيم السلطانية، كان أبرزها صدور 28 مرسوماً سلطانياً في أغسطس عام 2020 تضمنت قرارات بإلغاء قوانين، وإعادة هيكلة بعض الوزارات، واستحداث وزارات أخرى، وتغيير مسميات بعضها، وغيرها من القرارات التي أسهمت في تحسين الأداء الحكومي، وزيادة الإنتاج، وخفض الإنفاق، والقضاء على البيروقراطية.
وفي إطار سعي السلطان هيثم بن طارق إلى رسم خريطة طريق واضحة لمستقبل مشرق لسلطنة عُمان، حرص في الوقت نفسه على ضخ دماء جديدة في الجهاز الإداري للسلطنة، وفي هذا الشأن عُين شهاب بن طارق بن تيمور آل سعيد، نائباً لرئيس الوزراء لشؤون الدفاع.
كما حرص السلطان هيثم بن طارق على تشجيع سياسات تمكين الشباب والمرأة لتولي المناصب القيادية، والمشاركة الفاعلة في عملية صنع القرار، وفي هذا الشأن عُين نجل السلطان، ذي يزن بن هيثم بن طارق آل سعيد، صاحب الـ 30 عاماً، وزيراً للثقافة والرياضة والشباب، فضلاً عن تعيين 3 وزيرات في الحكومة.

مشاريع تنموية
اقتصادياً، تبنى السلطان هيثم بن طارق، خلال الفترة الماضية، العديد من السياسات والقرارات المحفزة للنمو الاقتصادي، وأطلق شارة البدء للكثير من المشاريع التنموية العملاقة. وفي هذا الإطار، صدرت توجيهات سلطانية في يونيو 2020 بتنفيذ مشاريع تنموية بقيمة 300 مليون ريال عُماني، من بينها مشروع تطوير ميناء الصيد البحري متعدد الأغراض في ولاية دبا بمحافظة مسندم.
وفي أكتوبر عام 2020، أعلنت خطة التوازن المالي متوسطة المدى (2020  2024) التي تعمل على تحقيق الاستدامة المالية والتوازن المالي بين الإيرادات والنفقات العامة، وتهيئة الظروف المالية الداعمة لانطلاق الرؤية الوطنية «عُمان 2040». 
وفي الوقت نفسه، بدأت السلطنة تنفيذ خطة التنمية الخمسية العاشرة (2021 - 2025) عبر تنفيذ العديد من المشاريع الاقتصادية المؤثرة، من بينها تشغيل ميناء الدقم بطاقته الكاملة، وتشغيل مجمع لوى للصناعات البلاستيكية بولاية صحار، وبدء الاستثمار في منطقة الصناعات السمكية والغذائية في ميناء الصيد البحري بالدقم، وبدء الإنتاج من حقل «غزیر» الذي يعمل على توفير طاقة إضافية للصناعات المحلية.

عُمان 2040
تقديراً لكفاءة وقدرات السلطان هيثم بن طارق على المساهمة الجادة في رسم الخطط المستقبلية للبلاد، كان السلطان الراحل، قابوس بن سعيد، قد أصدر قراراً بتعيينه رئيساً للجنة الرئيسة للرؤية المستقبلية عُمان 2040، التي من المتوقع أن تضع السلطنة في مصاف الدول المتقدمة.
وفي أعقاب توليه السلطنة، أعلن السلطان هيثم بن طارق عن عزمه على المضي قدماً في تحقيق الرؤية المستقبلية عُمان 2040 بكل أهدافها الرامية إلى تنويع وتعزيز الاقتصاد الوطني، بحيث يتحقق نمو اقتصادي مستدام بمعدل 5 في المئة سنوياً، مع زيادة متوسط دخل الفرد بنسبة تصل إلى 90 في المئة.
كما تهدف الرؤية المستقبلية إلى خلق نظاماً تعليمياً يتسم بالجودة العالية، وإنشاء منظومة وطنية فاعلة للبحث العلمي والإبداع والابتكار تسهم في بناء اقتصاد المعرفة، والعمل على تحقيق تنمية جغرافية شاملة قائمة على مبدأ اللامركزية، فضلاً عن إيجاد بيئة جاذبة لسوق العمل والتشغيل تتيح للقطاع الخاص فرصة قيادة اقتصاد وطني تنافسي مندمج مع الاقتصاد العالمي.
وكان المجلس الأطلسي ‏«أتلانتيك كاونسيل»، وهو مؤسسة بحثية مرموقة في مجال الشؤون الدولية ومقرها واشنطن، أصدر تقريراً دولياً في يوليو 2020، أوضح فيه أن موقع عُمان الاستراتيجي كمركز لوجستي، يعد حجر الزاوية في رؤية «عُمان 2024»، وعنصراً للخطة الضخمة في مبادرة الحزام والطريق إلى الصين، مشيراً إلى التعاون من أجل تطوير ميناء الدقم في إطار صفقة قيمتها 10.7 مليار دولار تستهدف إنشاء مجمع صناعي في المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم.
أما مؤسسة «ماركت ووتش» الأميركية للاستشارات الاقتصادية فتوقعت في أحد تقاريرها بأن تساعد رؤية «عُمان 2040» في نمو الاقتصاد غير النفطي خلال الفترة بين عامي 2020 و2026، مشيدة بجهود السلطنة في سياسة تنويع موارد الاقتصاد الوطني.

إنجازات لوجستية
حققت سلطنة عُمان خلال العامين الماضيين طفرة كبيرة في مجال الموانئ التجارية والصناعية والمرافئ البحرية، وجاء ذلك في إطار سعيها إلى أن تكون واحدة من الدول العشر الأولى في الأداء اللوجستي على المستوى الدولي بحلول عام 2040، وأن يصبح قطاع النقل والاتصالات ثاني مصدر للدخل القومي، وترتبط السلطنة مع 86 ميناءً تجارياً في 40 دولة حول العالم بواقع 200 رحلة أسبوعية مباشرة.
وبحسب تقرير الأمم المتحدة للتجارة البحرية لعام 2020، حصلت السلطنة على المركز الأول عالمياً في مدة بقاء السفن في الموانئ، معتبرها أنموذجاً للتفاعل المميز من خلال تسهيل التجارة البحرية، وتحويل تخليص البضائع إلى المعاملات الإلكترونية.
وفي التقرير السنوي للنقل البحري لعام 2020 والصادر عن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية «الأونكتاد»، حصلت السلطنة على المرتبة الأولى عالمياً في سرعة مناولة سفن الحاويات بمتوسط بقاء سفن الحاويات 12.5 ساعة متضمنة عمليات الدخول والخروج والشحن والتفريغ.

الأمان الوظيفي
في شهر مارس 2020، صدرت توجيهات من السلطان هيثم بن طارق بإنشاء ما يُعرف بـ«صندوق الأمان الوظيفي»، وتمويله بشكل مبدئي بـ 10 ملايين ريال، الأمر الذي يعكس أهمية ملف تشغيل المواطنين الباحثين عن عمل، واعتباره أولوية وطنية قصوى في أجندة القيادة والحكومة العُمانية.
ويضاف إلى ذلك، حزمة المبادرات التي اٌعلن عنها لتوفير فرص عمل عبر إطلاق البرنامج الوطني للتشغيل الذي يعد من أهم البرامج الوطنية المنبثقة عن «رؤية عُمان 2040»، ويعمل هذا البرنامج على إيجاد حلول مستدامة لتوفير وظائف في قطاعات الدولة كافة وشركات القطاع الخاص.

شهادات دولية
أسفرت الجهود التي بذلها السلطان هيثم بن طارق خلال الفترة القليلة الماضية عن العديد من النتائج والمؤشرات الإيجابية، بحسب شهادات المؤسسات الدولية، ففي مؤشر «تريلما» للطاقة لعام 2020 ارتفع تصنيف سلطنة عُمان في مجال الطاقة، وحصلت على المركز الخامس عربياً والـ 59 عالمياً، فضلاً عن أنها صُنفت بين أفضل الدول التي شهدت تحسناً في مؤشر الإنصاف في مجال الطاقة الفرعي، وهو مؤشر يُعنى بتقييم إمكانية الحصول على الطاقة والقدرة على تحمل تكاليفها داخل بلد أو منطقة.
وفي مؤشر جذب الاستثمارات الأجنبية لعام 2020، جاءت سلطنة عُمان في المركز الرابع عربياً، وكان تقرير لمؤسسة الاستثمار الأجنبي المباشر المعروفة بـ «اف دي اي انتلجنس» البريطانية قد كشف عن نجاح السلطنة في جذب استثمارات أجنبية بقيمة 3.5 مليار دولار خلال عام 2020.

وفي مؤشر رأس المال البشرى لعام 2020 الذي أصدره البنك الدولي، جاءت سلطنة عُمان في المركز الرابع عربياً والـ 64 عالمياً. كما جاءت في المركز الثالث خليجياً وعلى مستوى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من حيث ترسيات عقود المشروعات بقيمة بلغت 428 مليون دولار. بحسب تقرير أصدرته مجلة «ميد» الاقتصادية العالمية.
أما مؤشر «ألفا لاينر» المتخصص في تصنيف خدمات نقل الحاويات في العالم فوضع الشركة العُمانية لنقل الحاويات التابعة للشركة العُمانية للنقل البحري بمجموعة «أسياد» في المرتبة الـ 55 عالمياً، مشيداً بتميزها في حجم السعة الاستيعابية لنقل الحاويات بخطوطها الملاحية على المستويين الإقليمي والعالمي.
بدورها، أشادت منظمة التجارة العالمية بجهود سلطنة عُمان الخاصة بتسهيل حركة التجارة العالمية، مؤكدة أن السلطنة أوفت بمتطلبات اتفاقية تسهيل التجارة بنسبة 100%.
وفي تقرير صدر عن شركة «اير انك» الأميركية للاستشارات خلال أغسطس 2020، جاءت مدينة مسقط العُمانية في المركز الرابع عربياً والـ 61 عالمياً في مؤشر المدن الجذابة في العالم
وفيما يتعلق بمجال الحكومة الإلكترونية، وضع مسح الأمم المتحدة للحكومة الإلكترونية لعام 2020 سلطنة عُمان في المركز الـ 5 عربياً والـ 50 دولياً من بين 193 دولة شملها المسح الصادر عن إدارة الشئون الاقتصادية والاجتماعية بالأمم المتحدة.

دور فاعل
على مستوى السياسة الخارجية، حرصت سلطنة عُمان في عهد السلطان هيثم بن طارق على تمسكها بسياسة الحياد، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، والعمل من أجل ترسيخ مبادئ التعايش السلمي بين الأمم والشعوب، وتعزيز أوجه التعاون الدولي في مختلف المجالات، فضلاً عن العمل على دفع مسيرة العمل الخليجي والعربي المشترك من خلال دور فاعل ونشط في مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وفي جامعة الدول العربية.
وفي أكثر من مناسبة، دعا السلطان هيثم بن طارق إلى العمل على حل الخلافات بالطرق السلمية، مؤكداً أن السلطنة ستواصل دورها كعضو فاعل في منظمة الأمم المتحدة، وتعمل مع الدول الأعضاء على تحقيق السلم والأمن الدوليين، ودعم قيم التسامح والعمل الجماعي والعيش في سلام مع الجميع.
وتحظى سلطنة عُمان بمكانة دولية مرموقة، حيث تنظر إليها القوى العالمية الكبرى مثل أميركا والصين وأوروبا، باعتبارها «وسيط إقليمي مهم»، «وشريكاً استراتيجيا» في منطقة الشرق الأوسط.

تعليم متطور
خلال الفترة الوجيزة الماضية، حقق قطاع التعليم في سلطنة عُمان تقدماً ملحوظاً في المؤشرات العالمية، حيث صُنفت جامعة السلطان قابوس من قبل مجلة «التايمز» من بين أفضل 1000 جامعة على مستوى العالم لعام 2021، حيث شهدت الجامعة العُمانية طفرة كبيرة في مجالات التعليم والبحث العلمي ونقل المعرفة من الابتكارات وبراءات الاختراع.
وفي قطاع التعليم ما قبل الجامعي، أمر السلطان هيثم بن طارق بتمويل بناء 6 مدارس ذات أولوية بتكلفة مالية تقديرية تبلغ حوالي 8 ملايين و850 ألف ريال عُماني.

مكافحة «كورونا»
نالت تجربة سلطنة عُمان في مكافحة فيروس كورونا المستجد تقدير المجتمع الدولي والمنظمات الصحية العالمية التي اعتبرتها واحدة من أنجح التجارب العالمية في التصدي للجائحة العالمية.
وكان السلطان هيثم بن طارق وجه الحكومة في مارس 2020 بتشكيل لجنة عليا تتولى بحث آلية التعامل مع التطورات الناتجة عن انتشار الفيروس، وترأس بنفسه عدد من اجتماعاتها، ونجحت هذه اللجنة في أن تواجه تداعيات الأزمة بأقل الخسائر الممكنة.
وأشاد المنتدى الاقتصادي العالمي بتجربة السلطنة في مواجهة فيروس كورونا المستجد، موضحاً أنه بفضل الإجراءات المبكرة التي اتخذتها السلطنة تمكنت من احتواء الفيروس وإبطاء انتشاره، مشيداً في الوقت نفسه بدور القطاع اللوجستي الذي بالرغم من تأثر قسمه الجوي بإغلاق المطارات إلا أن حركة الشحن البحري واصلت عملها من خلال استقبال مئات السفن في موانئ صحار والدقم وصلالة.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©