أسماء الحسيني (القاهرة، الخرطوم)
احتشد ملايين السودانيين، أمس، في مظاهرات حاشدة في العاصمة الخرطوم والمدن والولايات السودانية و50 من عواصم العالم، للتعبير عن رفضهم للحكم العسكري، والمطالبة بعودة الحكم المدني، وقدرت وسائل إعلام عدد المشاركين في المظاهرات بأربعة ملايين في العاصمة وحدها. وذلك بعد أيام من قرارات القائد العام للجيش السوداني، الفريق أول عبدالفتاح البرهان، التي شملت حلّ مجلسي السيادة والحكومة الحاكمين للفترة الانتقالية، واعتقال المسؤولين المدنيين، وإعلان حالة الطوارئ.
وقالت لجنة أطباء السودان المركزية: إن ثلاثة من المحتجين قتلوا برصاص القوات الأمنية في أم درمان، كما أُصيب العشرات في المظاهرات بالعاصمة والولايات.
وأفاد شهود عيان لـ«الاتحاد» بأن اشتباكات عنيفة وقعت بين قوات الأمن والمتظاهرين في العديد من شوارع العاصمة، وأن قوات الأمن السودانية أطلقت الغاز المسيل للدموع على المحتجين، وأنه جرى استخدام الرصاص الحي.
في حين أكدت وزارة الداخلية السودانية أنها لم تستخدم الرصاص الحي ضد المتظاهرين، وقالت: إن أحد أفرادها أُصيب بطلق ناري.
وكانت السلطات السودانية استبقت المظاهرات بقطع الاتصالات و«الإنترنت»، كما انتشرت قوات الأمن المشتركة من الجيش والشرطة والدعم السريع في كل أنحاء البلد، وفي محيط القصر الجمهوري والقيادة العامة للجيش وبعض الشوارع الرئيسة.
ومن جانبه، استبق المجتمع الدولي المظاهرات بالتحذير من عواقب قمع المتظاهرين، وأكد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في تغريدة على «تويتر»، أمس، ضرورة أن تحترم قوات الأمن في السودان حقوق الإنسان، مشدداً على أن أي عنف ضد المتظاهرين السلميين غير مقبول. وأضاف بلينكن: أن الولايات المتحدة تقف إلى جانب الشعب السوداني في نضاله السلمي من أجل الديمقراطية.
كما شدد المبعوث الأميركي الخاص للقرن الأفريقي، جيفري فيلتمان، على أن واشنطن ستراقب عن كثب مظاهرات السودان، وحث المسؤولين على احترام حق المواطنين في التظاهر السلمي، وممارسة حقهم في التعبير والتجمع.
وقالت وزيرة الخارجية السودانية، مريم الصادق المهدي: إن فيلتمان أخبرها أنه نقل رسالة واضحة من البيت الأبيض للبرهان تحذره من المساس بمواكب الثوار، واستخدام العنف في تفريقها.
ودعت المهدي إلى إبطال كل الإجراءات التي أنهت الشراكة مع المدنيين، قائلة: إنها تخشي على حياة رئيس الوزراء السوداني. جاء ذلك وسط أنباء تتحدث عن إعادة اعتقال حمدوك، ونقله من مقر الإقامة الجبرية لمكان مجهول.
وقالت: إنه لا صحة للتقارير الصحفية التي تتحدث عن إمكانية تعاون جديد بين حمدوك والبرهان. وأردفت: «الشعب السوداني كله معتقل لأننا غير قادرين على التواصل مع بعضنا البعض».
ومن جانبه، نفى البرهان، أن تكون القرارات التي اتخذها قبل أيام، بمثابة انقلاب عسكري، معتبراً أنها «تصحيح للمسار».
وقال في تصريحات حصرية لوكالة «سبوتنيك» الروسية نشرت أمس: إن من يظن أن هذا انقلاباً فهو غير صادق؛ لأننا موجودون بالسلطة، وإذا كان هناك انقلاب كنا لنتغير نحن أيضاً، ولكن ما حدث تصحيح للمسار والعملية الانتقالية.
وحول الانتقادات الدولية لتحركاته الأخيرة، أضاف البرهان أنه توقع مثل هذه الردود، لأن الإعلام جزء كبير منه غير صادق وغير أمين، ينقل وقائع وحقائق لا ينظر إليها العالم. وذكر أن حكومة عبدالله حمدوك عجزت عن معالجة الأزمات في البلاد.