شعبان بلال (القاهرة)
شهدت حركة النهضة التونسية، الذراع السياسية للإخوان المسلمين، أمس، استقالات جماعية لأكثر من 100 قيادي، من بينهم نواب وأعضاء سابقون في المجلس التأسيسي وأعضاء في مجلس الشورى ومسؤولون محليون، محملين القيادة الحالية للحزب المسؤولية الكاملة فيما وصلت إليه الحركة من عزلة في الساحة الوطنية، مع استمرار نزيف الاستقالات الذي ضرب الحركة مؤخراً.
وحسب بيان الاستقالة، الذي أصدره 113 قيادياً بحركة «النهضة»، فإن السبب المباشر في الاستقالة الجماعية اعترافهم بالفشل في إصلاح الحزب من الداخل، والإقرار بتحمل القيادة الحالية المسؤولية الكاملة فيما وصلت إليه الحركة من عزلة في الساحة الوطنية، إضافة إلى تحملها قدراً مهماً من المسؤولية فيما انتهى إليه الوضع العام بالبلاد. وأوضح البيان أن الخيارات السياسية الخاطئة لقيادة «النهضة» أدت إلى عزلتها، وعدم نجاحها في الانخراط الفاعل في أي جبهة.
وتوقع خبراء ومحللون سياسيون وجود انشقاقات وصراعات أكبر في الحركة بعد هذه الاستقالة الجماعية، مؤكدين أن «النهضة» تُعاني الآن السياسة الانعزالية بسبب النهج الذي اتبعته الفترة الماضية.
ورأت الدكتورة بدرة قعلول، رئيسة المركز الدولي للدراسات الاستراتيجية الأمنية والعسكرية في تونس، أن هذا السيل من الاستقالات منتظر منذ مدة، إلا أنه حدث بشكل سريع وجماعي في هذا التوقيت لأسباب عديدة، أولها فشل أعمال الدورة الـ53 من مجلس شورى «النهضة» الذي نظم يوم الجمعة الماضي، إذ فشل راشد الغنوشي في إحكام سيطرته على الحركة وتفاقمت عزلته السياسية، وفشلت آخر جولاته للتفاوض مع بقية الأعضاء.
وأوضحت لـ«الاتحاد»، أن السبب الثاني هو عزم الرئيس التونسي تصنيف حركة النهضة كـ«تنظيم إرهابي»، بناء على ملفات وإثباتات لا تقبل النفي أو الإنكار بشأن تورط الحركة في أنشطة إجرامية، من ضمنها الجهاز السري والاغتيالات السياسية، وارتباط قيادات الحركة بتخزين السلاح في الجنوب التونسي، وملف التسفير إلى بؤر التوتر.
ووصفت قعلول الاستقالات بأنها قفز من السفينة الغارقة، مشيرة إلى أن الجميع ينتظر إعلان قيس سعيد رئيس الحكومة، وبالتالي المرور إلى التنفيذ المباشر للأوامر الرئاسية التي اتخذها طيلة الشهرين الماضيين.
ومن جانبه، أكد المحلل السياسي التونسي منذر ثابت أن استقالة 113 قيادياً وعضواً بحركة «النهضة» كانت متوقعة، اعتباراً لحجم الصدمة التي عاشتها الحركة يوم 25 يوليو الماضي، موضحاً أن الحركة غادرت الحكم بعد 10 سنوات، وهي في وضع الأقلية اجتماعياً، جراء السياسة الانعزالية التي اتبعتها.
وأوضح لـ«الاتحاد»، أن سياسة «النهضة» على مدار السنوات الماضية وضعتها في زاوية، وأفقدتها كل حظوظ العودة إلى واجهة الفعل السياسي، مؤكداً أنه من المتوقع تطور الصراع داخل الحركة إلى انشقاقات أهم وأوسع.
ومن جهتها، دعت الولايات المتحدة، أمس، إلى تعيين رئيس وزراء، وتشكيل حكومة في تونس، ووضع جدول زمني للإصلاحات مع بقية الشركاء السياسيين والمجتمع المدني.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، نيد برايس في بيان نشرته السفارة الأميركية في تونس، أمس: إن واشنطن تشعر بالقلق من أن الإجراءات الانتقالية مستمرة في تونس دون نهاية واضحة.