دينا محمود (لندن)
لا ضوء في نهاية نفق الشلل السياسي الذي يضرب لبنان منذ أكثر من عام، تحذير أطلقه محللون غربيون، انتقدوا تقاعس القوى الفاعلة على الساحة الداخلية في هذا البلد، عن اتخاذ أي خطوات إيجابية، على طريق تشكيل حكومة جديدة، من شأنها العمل على مواجهة ما يجتاح اللبنانيين من أزمات.
المحللون، الذين رجحوا استمرار الفراغ الحكومي الراهن حتى موعد إجراء الانتخابات النيابية المقررة مطلع مايو 2022، أكدوا أن تواصل الأوضاع المتردية السائدة حالياً، سيدفع مزيداً من الشبان المهرة إلى النزوح بشكل جماعي من البلاد، وهو ما تتسارع وتيرته بالفعل منذ عدة شهور.
وفي تصريحات نشرها الموقع الإلكتروني لـ «منظمة السلام العالمي»، شدد المحللون على أن هجرة الكفاءات على هذا النحو، ستجرد لبنان من مقوماته البشرية في غضون سنوات قليلة، وستحرم أي حكومة مقبلة في بيروت، من القدرة على إجراء أي إصلاحات أو تغييرات تمس الحاجة إليها.
وفي هذا السياق، أبرزت صحيفة «سياتل تايمز» الأميركية، تقديرات تفيد بأن ما لا يقل عن 2500 من العاملين في المجال الطبي، بينهم أطباء وعناصر في فرق التمريض، غادروا لبنان منذ مطلع العام الجاري، أي خلال أقل من 9 شهور، وهو ما يتواكب مع موجات نزوح أخرى، تشمل مجالات مهنية متنوعة. وأجبر ذلك الكثير من الشركات والمؤسسات على إغلاق أبوابها، ومن بينها منشآت ذات أهمية حيوية، مثل المستشفيات الخاصة، التي يُناط بها توفير الجانب الأكبر من خدمات الرعاية الطبية في لبنان، بما قاد إلى أن يصبح القطاع الصحي في هذا البلد، على وشك الانهيار، بفعل التراجع المتسارع في الموارد البشرية والمادية.
فهذا القطاع بات من بين أبرز ضحايا الأزمات المتعددة التي تعصف بلبنان، ويتضافر فيها الفشل السياسي مع الانهيار المالي والاقتصادي والفساد المؤسسي، جنباً إلى جنب مع التبعات والخسائر الناجمة عن اجتياح وباء كورونا للبلاد، بحالات إصابة تقارب 590 ألفاً، ووفيات تفوق الثمانية آلاف حتى الآن.
ووفقاً للمحللين، أفضت كل هذه العوامل، إلى أن تفقد بيروت المكانة التي حظيت بها على مدار عقود طويلة، كعاصمة للرعاية الصحية المتقدمة في الشرق الأوسط بأسره، حيث كان يقصدها أثرياء المنطقة وشخصياتها الشهيرة، سواء للخضوع لعمليات جراحية خطيرة ومعقدة، أو حتى لإجراء جراحات تجميل.
ففي ظل انهيار قيمة العملة اللبنانية ونقص الوقود والانقطاع المستمر للتيار الكهربائي، أُجبرت بعض المستشفيات على تشغيل المراوح الكهربائية بدلاً من أجهزة التكييف رغم الارتفاع الشديد لدرجة الحرارة خلال فصل الصيف، كما اضطرت المنشآت الطبية على تقليص عدد المصاعد العاملة فيها، وتقليل طاقتها الاستيعابية، وتقليص عدد الحالات الحرجة التي يتم إدخالها أقسام العناية الفائقة فيها.
بجانب ذلك، بات يُطلب من الكثير من المرضى إحضار الأدوية الضرورية بالنسبة لهم، بفعل عجز المستشفيات عن توفيرها.