عواصم (وكالات)
سكتت أصوات القنابل والمدافع والصواريخ في قطاع غزة وإسرائيل، منذ بدء سريان وقف إطلاق النار، بعد أحد عشر يوماً من تصعيد دام، فيما رحبت المجموعة الدولية، أمس، بوقف إطلاق النار، الذي دخل حيز التنفيذ ليل الخميس الجمعة، بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية في قطاع غزة، داعية إلى حل «دائم» للنزاع.
وفي هذه الأثناء، وصل، أمس، وفدان أمنيان من مصر إلى قطاع غزة وإسرائيل «لمراقبة تنفيذ وقف إطلاق النار والإجراءات للحفاظ على استقرار الظروف بشكل دائم».
وفي قطاع غزة، بدأ آلاف من الفلسطينيين يغادرون المدارس التي لجأوا إليها هرباً من القصف، بحسب مسؤول في الأمم المتحدة، بينما يواصل المسعفون وخدمات الإسعاف والدفاع المدني البحث عن ناجين تحت الركام.
وقال نائب رئيس الدفاع المدني في قطاع غزة رائد الدهشان: «إن الدفاع المدني يعمل مع وزارة الأشغال العامة والبلديات على رفع الركام، ونواصل البحث عن مفقودين تحت الأنقاض».
وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريس، الذي رحّب أيضاً بالاتفاق: إن على إسرائيل والفلسطينيين الآن مسؤولية إجراء «حوار جاد لمعالجة الأسباب الجذرية للصراع».
كما دعا المجتمع الدولي إلى العمل مع الأمم المتحدة على «حزمة قوية من الدعم لإعادة الإعمار والتعافي السريع والمستدام».
ورغم الهدنة، تبقى مخاوف من تجدّد التوترات بين اليهود والعرب في الداخل الإسرائيلي، حيث حصلت أعمال عنف هي الأولى بهذا الحجم منذ سنوات، وفي الضفة الغربية المحتلة والقدس الشرقية حيث راح 25 فلسطينياً ضحية المواجهات مع القوات الإسرائيلية.
من جانبها، أكدت دولة الكويت ترحيبها بوقف إطلاق النار في غزة، وجاء في بيان للخارجية «أن الاتفاق يعتبر خطوة في طريق حقن دماء الأشقاء الفلسطينيين، وإنهاء العنف»، مضيفة أن «تحقيق سلام واستقرار دائمين في المنطقة يتطلب تضافر الجهود الدولية لاستئناف عملية السلام في الشرق الأوسط».
كما رحبت وزارة الخارجية البحرينية بوقف إطلاق النار، مؤكدة في بيان على «أهمية مواصلة الجهود الدولية لحل القضية الفلسطينية، على أساس حل الدولتين، وفقاً لقرارات الشرعية الدولية، والعمل على إحلال السلام الشامل والدائم في منطقة الشرق الأوسط لمصلحة جميع شعوبها».
من جانبه، رحب الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبوالغيط باتفاق وقف إطلاق النار، منادياً بتحميل إسرائيل المسؤولية عن ما ارتكبته من «جرائم» في القطاع. كما رحب بالاتفاق وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، الذي سيتوجه إلى الشرق الأوسط في «الأيام المقبلة».
وأعلنت الناطقة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا أنه: «بارتياح كبير، تلقت موسكو نبأ دخول وقف لإطلاق النار حيز التنفيذ في النزاع الإسرائيلي-الفلسطيني».
وأضافت: «إنه خطوة مهمة، لكنها غير كافية، ومن أجل تجنب تكرار المواجهة العنيفة، يجب تركيز الجهود الدولية والإقليمية على استئناف مفاوضات سياسية مباشرة بين الإسرائيليين والفلسطينيين».
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية تشاو ليجيان: «إن بلاده ترحب بوقف إطلاق النار، وتأمل أن يلتزم الطرفان بشكل جدي بوقف العنف».
وأضاف: «على المجتمع الدولي أن يعمل على استئناف محادثات السلام بين إسرائيل والفلسطينيين، وأن يتوصل لحل شامل وعادل ودائم للقضية الفلسطينية على أساس حل الدولتين».
وفي الاتحاد الأوروبي، قال وزير خارجية الاتحاد جوزيب بوريل في بيان: إن التكتل يرحب بوقف إطلاق النار المعلن، الذي ينهي العنف في غزة، وما حولها، معبراً عن «إشادته بمصر والأمم المتحدة والولايات المتحدة وغيرها ممن لعبوا دوراً في تسهيل ذلك».
وشدد البيان على أن «الحل السياسي وحده هو الذي سيحقق السلام الدائم، وينهي النزاع الفلسطيني الإسرائيلي برمته». وقال بوريل: «إن إعادة توجيه الأفق السياسي نحو حل الدولتين تبقى الآن ذات أهمية قصوى، والاتحاد الأوروبي على استعداد لتقديم الدعم الكامل للسلطات الإسرائيلية والفلسطينية في هذه الجهود».
من جهته، كتب وزير الخارجية البريطاني دومينيك راب، في تغريدة على «تويتر»: «إنّ نبأ وقف إطلاق النار في إسرائيل وغزّة موضع ترحيب، ويجب على جميع الأطراف العمل على استدامته، وإنهاء دورة العنف غير المقبولة وخسارة أرواح المدنيين». وفي هذه الأثناء، حضّ قداسة البابا فرنسيس، الكنيسة الكاثوليكية بأسرها على الصلاة من أجل السلام، مرحباً بوقف إطلاق النار. ودعا البابا إلى أن «تتضرع الجماعات كافة كي يجد الإسرائيليون والفلسطينيون درب الحوار والمغفرة، ولكي يكونوا بناة صبورين للسلام والعدالة».
«التعاون الإسلامي» يدعو للحوار
أكدت الأمانة العامة لمنظمة التعاون الإسلامي أنه على الرغم من توقف الأعمال العدائية ووقف إطلاق النار بين الإسرائيليين والفلسطينيين، إلا أن تحقيق السلام العادل والدائم والشامل لا بد أن يقوم على الحوار والقرارات الأممية ذات الصلة ومبادرة السلام العربية القائمة على حل الدولتين، وإقامة دولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية على الأرض الفلسطينية التي تحتلها إسرائيل منذ عام 1967.
وأشار الأمين العام للمنظمة يوسف بن أحمد العثيمين، إلى مشاركة المنظمة في أعمال الجلسة الطارئة للجمعية العامة للأمم المتحدة التي بدأت أعمالها أمس الأول، والتي جاءت بناء على طلب المجموعات الإسلامية والعربية وعدم الانحياز، وذلك في إطار الجهود السياسية والدبلوماسية التي تبذلها المنظمة في المحافل الدولية من أجل حمل المجتمع الدولي على تحمل مسؤولياته تجاه وضع حد للانتهاكات والاعتداءات الإسرائيلية على الشعب الفلسطيني وأرضه ومقدساته.
وأضاف العثيمين: إن المنظمة تؤكد على ما أعرب عنه الاجتماع الاستثنائي الافتراضي على مستوى وزراء الخارجية، من قلق بشكل خاص من التهديد بإجلاء مئات من العائلات الفلسطينية من منازلها في القدس الشرقية المحتلة بالقوة، بما في ذلك عائلات في حيي الشيخ جراح وسلوان.
بايدن يتعهد بمعونة إنسانية
تعهد الرئيس الأميركي جو بايدن، أمس، بتقديم مساعدات إنسانية ومساعدات إعادة إعمار لقطاع غزة، في معرض إشادته باتفاق أنهى قتالاً بين إسرائيل وحركة «حماس» اختبر مهاراته التفاوضية، وعرّضه لانتقادات من أقرانه الديمقراطيين.
وأضاف بايدن في تصريحات مقتضبة بالبيت الأبيض، بعد فترة وجيزة من إعلان نبأ اتفاق التهدئة، أن بلاده ستعزز منظومة القبة الحديدية الإسرائيلية، رغم شكاوى من اليسار الديموقراطي من صفة مبيعات أسلحة أميركية معلقة لإسرائيل.
وقال بايدن: إن الولايات المتحدة ستعمل مع الأمم المتحدة وغيرها من الجهات الدولية النافذة «لتقديم مساعدة إنسانية عاجلة، وحشد الدعم الدولي لسكان غزة، ولجهود إعادة إعمار غزة».
وأكد أن مساعدات إعادة إعمار غزة ستكون بالتنسيق مع السلطة الفلسطينية، وليس «حماس»، التي تصنفها الولايات المتحدة منظمة إرهابية.
وقال بايدن: «سنفعل هذا بشراكة كاملة مع السلطة الفلسطينية، وليس حماس، على نحو لا يسمح لحماس بإعادة ملء ترسانتها العسكرية».
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، نيد برايس: إن وزير الخارجية أنتوني بلينكن سيسافر للمنطقة في الأيام المقبلة للقاء نظيريه الإسرائيلي والفلسطيني، ومقابلة نظراء من المنطقة ومناقشة جهود إعادة الإعمار، «والعمل معاً على بناء مستقبل أفضل للإسرائيليين والفلسطينيين».
وقال بايدن «أعتقد أن الفلسطينيين والإسرائيليين على حد سواء يستحقون أن يعيشوا في أمن وأمان، وأن ينعموا بدرجات متساوية من الحرية والازدهار والديمقراطية».
وقال: «ستواصل إدارتي دبلوماسيتنا الهادئة الراسخة لتحقيق هذه الغاية، وأعتقد أن لدينا فرصة حقيقية لإحراز تقدم، وأنا ملتزم بالعمل على ذلك».
«التعاون الخليجي»: دعم حق الشعب الفلسطيني
أفاد الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية نايف فلاح مبارك الحجرف، بأن ما شهده قطاع غزة من تصعيد واعتداءات يتطلب موقفاً دولياً لإحياء جهود السلام والتوصل إلى حل عادل للقضية الفلسطينية على أساس المرجعيات الدولية والمبادرة العربية وحل الدولتين وقيام دولة فلسطين على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، مؤكداً دعم مجلس التعاون الثابت والراسخ لحق الشعب الفلسطيني في قيام دولته المستقلة.
ورحب الحجرف بالتوصل إلى هدنة في القطاع، مشيداً بالتحرك العربي والإسلامي للتصدي للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وكذلك الجلسة الخاصة للجمعية العامة للأمم المتحدة. وأكد تقدير جهود كل من جمهورية مصر العربية والمملكة العربية السعودية والجمهورية التونسية، وجهود الأمين العام للأمم المتحدة.
«الأونروا» تسعى لمساعدة النازحين
أكدت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «أونروا»، أمس، أنّ أولويتها، عقب وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة «حماس»، هو تحديد ومساعدة من شُردوا من منازلهم في القطاع.
وقال مدير الوكالة في غزة، ماتياس شميل: «إنّ الأمر سيبدأ بتقييم الدمار المادي للبنى التحتية»، لكنّه أوضح أنّ الوكالة يجب أن تساعد أيضاً في إعادة بناء حياة «السكان المذعورين والمصدومين».
وأعرب شميل عن «شعور كبير بالارتياح» بعد التوصل لوقف إطلاق النار، فيما أشار إلى أن الهدنة تبدو «هشّة».
وقال للصحافيين في جنيف، عبر الفيديو: «أنا مقتنع بعد وجودي هنا لثلاث سنوات ونصف أن الحرب ستندلع مجدداً، إذا لم تُعالج الأسباب الكامنة للنزاع».
وأوضح شميل أن «الأونروا» تنتقل من وضع الاستجابة للطوارئ لوضع التعافي المبكر، مشيراً إلى ثلاث أولويات، أولاها تحديد ودعم من باتوا مشردين راهناً.
وقال: «خلال الليل، معظم الـ66 ألف شخص الذي لجأوا لمدارسنا الـ59 عادوا لمنازلهم، وتبقى فقط مئات قليلة منهم، وهم على الأرجح أشخاص فقدوا منازلهم».
وأشار إلى أنّ الأولوية الثانية بدء تقييم الدمار الكبير، فيما الثالثة هي: «إدراك أن هؤلاء سكان مذعورون ومصدومون».
وتابع: «لا يمكن فقط النظر للأمر على أنه إعادة بناء مادية، إذ نحتاج إلى إعادة بناء الحياة، أو المساعدة في إعادة بناء الحياة».
وردا على سؤال حول كلفة الإنعاش وإعادة التأهيل، قال: «إنه من المبكر جداً تحديد تكلفة للأمر».
فيما يتعلق بوضع «كوفيد -19» في القطاع، أشار إلى أن الموجة الثانية من الفيروس هناك بدأت تتلاشى قبل اندلاع المواجهة.