شعبان بلال (القاهرة)
أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن مصر ما زالت تسعى للتوصل إلى اتفاق عادل ومنصف وملزم قانوناً لملء وتشغيل سد النهضة، بما في ذلك من خلال مسار المفاوضات برعاية الاتحاد الأفريقي بقيادة من الرئيس الكونجولي فيليكس تشيسيكيدي.
جاء ذلك خلال لقائه مع المبعوث الأميركي الخاص لمنطقة القرن الأفريقي جيفري فيلتمان في القاهرة، بحضور سامح شكري وزير الخارجية المصري، والدكتور محمد عبد العاطي وزير الموارد المائية والري المصري والسفير الأميركي بالقاهرة جوناثان كوهين.
وشدد السيسي على أن تلك القضية هي قضية وجودية بالنسبة لمصر التي لن تقبل بالإضرار بمصالحها المائية أو المساس بمقدرات شعبها، ومن ثم أهمية تحمل المجتمع الدولي مسؤولياته في حلحلة تلك الأزمة وحيوية الدور الأميركي للاضطلاع بدور مؤثر في هذا الإطار.
وشهد اللقاء التباحث حول عدد من الملفات الإقليمية في منطقة القرن الأفريقي، في مقدمتها تطورات ملف سد النهضة، حيث أكد فيلتمان أن الإدارة الأميركية جادة في حل تلك القضية الحساسة نظراً لما تمثله من أهمية بالغة لمصر وللمنطقة، والتي تتطلب التوصل إلى تسوية عادلة وشاملة.
وأشار السيسي إلى النهج المرن لمصر في التعامل مع هذه القضية على مدار السنوات الماضية في مختلف مسارات التفاوض، والذي طالما قام على أساس السعي للتوصل إلى اتفاق عادل ومتوازن وملزم قانوناً يحقق مصالح كل من مصر والسودان وإثيوبيا، ويراعي حقوق ومصالح مصر وأمنها المائي ويمنع إيقاع الضرر بها، إلا أن جميع الجهود التي بذلت خلال عملية التفاوض لم تتوصل إلى الاتفاق المنشود نتيجة غياب الإرادة السياسية لدى الطرف الآخر.
وأوضح الرئيس المصري أن القاهرة حريصة على تعزيز التعاون الثنائي مع الولايات المتحدة في إطار علاقات الشراكة الاستراتيجية الممتدة بين البلدين الصديقين والدور الحيوي لتلك الشراكة في تحقيق الاستقرار بمنطقة الشرق الأوسط والقارة الأفريقية.
وأكد فيلتمان تثمين الولايات المتحدة للعلاقات الاستراتيجية مع مصر، وذلك في ضوء الثقل السياسي والدور المحوري الذي تتمتع به مصر في محيطها الإقليمي، بما يسهم في تحقيق التوازن بالمنطقة وحرص الولايات المتحدة على دفع أطر التعاون بين البلدين الصديقين ثنائياً وإقليمياً.
ورأى خبراء ومحللون سياسيون أن الزيارة تأتي ضمن الجهود الدولية لحل أزمة سد النهضة مع اقتراب موعد الملء الثاني للسد في موسم الأمطار المقبل وهو ما تخشاه مصر والسودان وتصر عليه إثيوبيا، راهنين نجاح تلك المبادرات بوجود إرادة سياسية لدى الجانب الإثيوبي.
واعتبر الدكتور عباس شراقي، أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة، أن زيارة المبعوث الأميركي لمنطقة القرن الأفريقي تأتي ضمن الجهود الدولية التي من الممكن مجتمعة أن تؤدي إلى نتيجة، موضحاً أن قضية سد النهضة تستحق الرعاية الأميركية الكاملة وألا تكون ضمن موضوعات شائكة أخرى في منطقة القرن الأفريقي.
وأوضح شراقي لـ «الاتحاد»، ضرورة تضافر جهود الولايات المتحدة مع رئيس الكونجو الديمقراطية الرئيس الحالي للاتحاد الأفريقي للضغط للخروج بنتيجة، موضحا أن مبادرة رئيس الكونجو بزيارة ولقاء قادة الدول الثلاث مصر وإثيوبيا والسودان قد تُساهم في التوصل لاتفاق خلال أيام من هذه الزيارة.
وفي سياق متصل، عقد وزيرا الخارجية والموارد المائية والري المصريين مع المبعوث الأميركي للقرن الأفريقي جولة مباحثات أيضا بمقر وزارة الخارجية بالقاهرة حول التطورات الخاصة بملف سد النهضة والموقف المصري في هذا الصدد.
ورأى السفير علي الحفني، مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، أن هذه المبادرات هي الفرصة الأخيرة قبل الملء الثاني وفرض الأمر الواقع في مشروع سد النهضة الإثيوبي، موضحاً أن نجاح مثل هذه الخطوات مرهون بتوافر إرادة سياسية لدى الجانب الإثيوبي.
وأوضح لـ «الاتحاد» أن هناك مبادرات أخرى لرئيس الكونجو الديمقراطية بزيارة الدول الثلاث وكذلك رئيس أوغندا لاستعادة المفاوضات، مشيرا إلى أنه في حالة عدم التوصل لأي نتائج يقع على عاتق الاتحاد الأفريقي الإعلان عن فشل جهود التوصل لاتفاق قانوني ملزم حول قواعد وملء تشغيل سد النهضة. وعلى الجانب الآخر، قال نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية الإثيوبي دمقي مكونن إن بلاده تريد الاستفادة من مياه النيل بشكل عادل ومعقول بما يتماشى مع مبدأ عدم التسبب في ضرر كبير لدول المصب، موضحا أن أديس أبابا تساهم بنسبة 86 % من موارد مياه النيل، إلا أنها لم تكن قادرة على الاستفادة من نهر النيل.