السبت 23 نوفمبر 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

لبنان.. أموال الأثرياء في الخارج والشعب يدفع الثمن

لبنان.. أموال الأثرياء في الخارج والشعب يدفع الثمن
14 ابريل 2021 01:12

دينا محمود (لندن)

نجا لبنان من عواقب الاقتتال الأهلي وتبعات الحروب مع إسرائيل وميراث عقود من الفساد وسوء الإدارة، لكنه صار رغم ذلك على شفا الانهيار الكامل؛ هكذا يجمع مواطنو هذا البلد، في ظل الأزمة السياسية والاقتصادية والمعيشية التي يواجهها حالياً، والتي تعتبر الأسوأ في أراضيه منذ عشرات الأعوام.
وفي ظل حالة الفراغ السياسي المستمرة منذ استقالة حكومة حسان دياب في أغسطس الماضي بعد الانفجار الذي ضرب مرفأ بيروت مطلع الشهر نفسه، أدى تفشي وباء «كورونا» إلى وقف حركة السياحة القادمة إلى لبنان، وشلّ تواصل الحرب في سوريا المجاورة التبادلات التجارية مع بيروت، فيما أفضى فرض الولايات المتحدة عقوبات على القطاع المصرفي اللبناني، إلى زعزعة أركانه بشدة.
وفاقم من الأزمة توقف المغتربين اللبنانيين عن تحويل أموالهم إلى داخل البلاد، التي سادتها الاضطرابات بفعل الانتفاضة الشعبية التي اندلعت في أراضيها في أكتوبر 2019، للمطالبة بإبعاد الطبقة السياسية الحاكمة بأكملها، ووقف التدخلات الأجنبية، ووضع حد لهيمنة ميليشيات مثل «حزب الله» الإرهابي.
وأدت هذه العوامل مجتمعة في بلد كان يعتمد في السابق على إيرادات السياحة وعائدات التجارة والأنشطة المصرفية، إلى تراجع قيمة الليرة اللبنانية بنسبة 90 في المئة منذ منتصف 2019، وسقط أكثر من نصف المواطنين اللبنانيين تحت خط الفقر، وانخفض الحد الأدنى للرواتب الشهرية من 450 دولاراً أميركياً إلى 62 فقط، فضلاً عن ارتفاع الأسعار بشكل دراماتيكي، نظراً لأن البلاد تستورد 80 في المئة من احتياجاتها من المواد الغذائية والدوائية والوقود، من الخارج.
وفي تصريحات نشرتها مجلة «فورين بوليسي» الأميركية واسعة الانتشار، أقرّ مسؤول مصرفي لبناني رفيع المستوى رفض الكشف عن هويته، بأن عدداً من أثرياء البلاد «استغلوا علاقاتهم السياسية لتحويل أموالهم إلى الخارج، رغم فرض المصارف قيوداً صارمة على خروج رؤوس الأموال، بهدف إبطاء وتيرة الانهيار المالي».
وقالت المجلة في تقرير تحليلي: إن هذه التحويلات المشبوهة التي بلغت قيمتها قرابة ستة مليارات دولار، جرت في معظم المصارف اللبنانية، بعد تعرض إداراتها لضغوط واسعة النطاق، وهو ما جعل اقتصاد البلاد ذا طابع عبثي، «لا يُعرف فيه حتى القيمة الحقيقية للعملة المحلية، بعدما أصبحت هناك أربعة أسعار صرف مختلفة إلى حد كبير عن بعضها بعضاً».
وأشار التقرير إلى أن «اللبنانيين العاديين هم من باتوا يدفعون ثمناً باهظاً للفوضى الاقتصادية الراهنة، وللأزمة التي تعصف بوطنهم، بفعل انعدام كفاءة النخبة السياسية والمالية الحاكمة وفسادها، وهو ما أدى إلى تخلف لبنان عن سداد ديونه للمرة الأولى على الإطلاق في تاريخه». ومع ذلك، نجا الأغنياء بفضل شبكات المحسوبية وروابطهم مع القوى النافذة، الأمر الذي سمح لهم بالخروج بمدخراتهم سالمة، من هذا النظام المنهار.
وفي الوقت الذي يواجه فيه لبنان جموداً اقتصادياً وسياسياً على الصعد كافة، مع استمرار فشل السياسيين في تشكيل حكومة، وسط إحباط واسع على المستوى الوطني والإقليمي والدولي، ترغب إيران، عبر ميليشيات «حزب الله» التابعة لها، في إبقاء لبنان رهينة لاستخدامه ورقة مساومة في مفاوضاتها مع الغرب بشأن برنامجها النووي. وهذا الموقف الإيراني هو ما دفع البطريرك الماروني، بشارة الراعي، لدعوة اللبنانيين إلى «استعادة هوية لبنان»، بحسب نشره موقع «جويش نيوز سينديكات». وقال البطريرك: «الشعب رهينة لمن يقاتل على السلطة رغم كل المناشدات الوطنية والدولية»، مضيفاً: الجيش هو القوة الشرعية الوحيدة المسؤولة عن الدفاع عن لبنان، ولا يجوز إضفاء الشرعية على أي أسلحة أخرى غير سلاح الجيش. 
وكشفت الأزمة الحالية والمتزايدة للاحتجاجات والمشاعر التي عبر عنها البطريرك عن استياء متأجج من «حزب الله» والنفوذ الإيراني داخل لبنان، الذي أصبح أسيراً لدى طهران.
وفي إشارة واضحة إلى أن الانهيار التام وشيك، أطلق كبار المسؤولين اللبنانيين، بمن فيهم قائد الجيش اللبناني، ناقوس الخطر بشأن تدهور الوضع في الأيام الأخيرة. كما حذر وزير الداخلية محمد فهمي من أن قوى الأمن الداخلي لا تستطيع أداء 90 في المئة من واجباتها.
ويؤكد المحللون ضرورة تقديم دعم دولي للجيش اللبناني لتخفيف التحديات الاجتماعية والاقتصادية، واحتواء الانفجار المجتمعي الحتمي مع استمرار تدهور الأوضاع.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©