الرياض (وكالات)
أكد المجلس الوزاري لمجلس التعاون لدول الخليج العربية على مواقفه وقراراته الثابتة الرافضة لاستمرار احتلال إيران لجزر الإمارات العربية المتحدة الثلاث «طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى»، وعلى دعم سيادة الإمارات على جزرها الثلاث ومياهها الإقليمية والإقليم الجوي والجرف القاري والمنطقة الاقتصادية الخالصة، بوصفها جزءاً لا يتجزأ من أراضيها، واعتبار أن أي ممارسات أو أعمال تقوم بها إيران في الجزر الثلاث باطلة ولاغية وليست ذات أثر على حق سيادة الإمارات على جزرها الثلاث، داعياً إيران للاستجابة لمساعي الإمارات لحل القضية عن طريق المفاوضات المباشرة أو اللجوء إلى محكمة العدل الدولية.
وشارك معالي خليفة شاهين المرر وزير دولة في أعمال الدورة الـ147 للمجلس التي انعقدت في الرياض برئاسة وزير خارجية مملكة البحرين، عبداللطيف بن راشد الزياني، وحضور وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، ووزير الخارجية بسلطنة عُمان بدر بن حمد بن حمود البوسعيدي، ونائب رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، ووزير الخارجية وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء الكويتي الشيخ أحمد ناصر المحمد الصباح، والأمين العام لمجلس التعاون نايف الحجرف.
أمن واستقرار السعودية
وأدان المجلس الوزاري في البيان الختامي الاعتداء الذي استهدف إحدى ساحات الخزانات البترولية في ميناء رأس تنورة بطائرة من دون طيار قادمة من جهة البحر، واستهداف مرافق شركة أرامكو السعودية بالظهران بصاروخ باليستي في 7 مارس 2021. كما أدان استمرار استهداف ميليشيات الحوثي الإرهابية للمملكة، مؤكداً وقوف دول المجلس مع السعودية، ودعمها جميع الإجراءات اللازمة والرادعة التي تتخذها ضد هذه الأفعال الاستفزازية التي تستهدف المدنيين والأعيان المدنية والموانئ البحرية والجوية والمنشآت النفطية الحيوية ومصادر الطاقة العالمية، والتي تمثل انتهاكاً للقوانين والأعراف الدولية، وتهدد أمن واستقرار المنطقة، مشيداً بكفاءة وجاهزية قوات الدفاع الجوي الملكي السعودي، ومطالباً المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته تجاه هذه الأفعال الإرهابية التخريبية والجهات التي تدعمها.
وأكد المجلس أن استمرار الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران للأعمال العدائية والعمليات الإرهابية بإطلاق الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة المفخخة لاستهداف المدنيين والأعيان المدنية في المملكة والداخل اليمني، وإطلاق القوارب المفخخة والمسيّرة عن بُعد، يمثل تهديداً خطيراً للأمن الإقليمي والدولي ولحرية الملاحة البحرية والتجارة العالمية في مضيق باب المندب والبحر الأحمر، مؤكداً الحق المشروع لقيادة تحالف دعم الشرعية لاتخاذ وتنفيذ الإجراءات والتدابير اللازمة للتعامل معها. كما أدان استمرار تهريب الأسلحة الإيرانية إلى ميليشيات الحوثي في مخالفة لقرار مجلس الأمن 2216.
مساندة الشرعية اليمنية
وأكد المجلس دعمه لجهود الشرعية في اليمن ممثلة بالرئيس عبدربه منصور هادي، وحكومته، لإنهاء الأزمة اليمنية والتوصل إلى حل سياسي، وفقاً للمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرار مجلس الأمن 2216، معبراً عن دعمه لجهود الأمم المتحدة ومبعوثها الخاص إلى اليمن، والمبعوث الأميركي الخاص إلى اليمن، لوقف إطلاق النار والوصول إلى الحل السياسي وفقاً لتلك المرجعيات.
وأكد المجلس دعم الحكومة اليمنية التي باشرت مهامها في عدن في 30 ديسمبر الماضي، برئاسة معين عبدالملك، وأهمية منحها الفرصة الكاملة لخدمة الشعب اليمني في ظل الأوضاع الإنسانية والاقتصادية الصعبة الراهنة. ودعا طرفي اتفاق الرياض للاستجابة العاجلة والاجتماع في الرياض لاستكمال تنفيذ بقية النقاط في الاتفاق، مؤكداً أن تنفيذ اتفاق الرياض ضمانة لتوحيد الصفوف لمختلف أطياف الشعب اليمني وحقن الدماء ورأب الصدع بين مكوناته، ودعم مسيرته لاستعادة دولته وأمنه واستقراره.
وأدان المجلس بأشد العبارات استمرار هجوم ميليشيات الحوثي واستهداف المدنيين والأعيان المدنية ومخيمات النازحين في محافظة مأرب بالصواريخ البالستية والطائرات المسيرة، ما تسبب في زيادة معاناة نحو مليوني مدني في مخيمات النازحين الفارين من المحافظات التي تسيطر عليها الميليشيات، كما أدان استخدامها أكثر من 470 أسرة من النازحين في مأرب دروعاً بشرية، الأمر الذي يمثل انتهاكاً خطيراً للقانون الدولي وجريمة حرب مكتملة الأركان، مطالباً المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته في مواجهة الحوثيين لأجل رفع المعاناة عن الشعب اليمني وإيصال المساعدات الدولية، والدفع بالمسار السياسي لحل الأزمة.
كما أدان المجلس الجريمة المروعة التي ارتكبتها الميليشيات التي استهدفت أحد مراكز احتجاز المهاجرين الأفارقة في صنعاء بمقذوفين، مما نتج عنه نشوب حريق في المركز ووفاة وإصابة المئات من المهاجرين حرقاً معظمهم من الجنسية الإثيوبية، وطالب بإجراء تحقيق دولي شفاف ومستقل ومحاسبة المتورطين بهذه الجريمة. وأدان استمرار عرقلة الميليشيات وصول الفريق الفني التابع للأمم المتحدة لإجراء الفحص والصيانة لخزان النفط العائم «صافر» في البحر الأحمر قبالة ساحل الحديدة، ودعا الأمم المتحدة لتكثيف جهودها للوصول إلى الخزان في أسرع وقت ممكن للحيلولة دون وقوع كارثة بيئية واقتصادية في البحر الأحمر.
وأشاد المجلس بمساهمات دول المجلس التي بلغت نحو 40 بالمئة من إجمالي التعهدات التي تم تقديمها في مؤتمر المانحين الذي عُقد بتاريخ 1 مارس2021 لتمويل خطة الاستجابة لعام 2021 لجهود الأمم المتحدة في اليمن، كما أشاد بالجهود التي يقوم بها مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية والبرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن. ورحب بنتائج الاجتماع التاسع عشر للجنة المشتركة لتحديد الاحتياجات التنموية لليمن، الذي استضافته الأمانة العامة لمجلس التعاون 2 مارس 2021، بمشاركة الجهات المختصة بدول المجلس والجمهورية اليمنية والصناديق الإقليمية، ووجه بتنفيذ ما تم الاتفاق عليه لتسريع تنفيذ المشاريع التنموية في اليمن.
المفاوضات مع إيران
وأكد المجلس مواقف مجلس التعاون وقراراته الثابتة بشأن العلاقات مع إيران، كما أكد ضرورة أن تشمل أي مفاوضات مستقبلية معها على معالجة سلوكها المزعزع لأمن واستقرار المنطقة والعالم، ورعايتها للإرهاب، وبرنامج الصواريخ، بما في ذلك الصواريخ الباليستية والكروز والطائرات المسيرة، والبرنامج النووي وسلامة الملاحة في الخليج، في سلة واحدة، كما أكد ضرورة مشاركة دول المجلس في تلك المفاوضات. وأدان استمرار إيران في دعم الجماعات الإرهابية والميليشيات الطائفية التي تهدد الأمن القومي العربي وتزعزع الاستقرار في الدول العربية.
الانتخابات الفلسطينية
وأكد المجلس مواقف دوله الثابتة من القضية الفلسطينية، بوصفها قضية العرب والمسلمين الأولى، ودعمها لقيام الدولة الفلسطينية المستقلة ضمن حدود يونيو 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، وضمان حقوق اللاجئين، وفق مبادرة السلام العربية والمرجعيات الدولية وقرارات الشرعية الدولية. ورحب بالمرسوم الذي أصدره الرئيس الفلسطيني محمود عباس بإجراء انتخابات تشريعية ورئاسية وانتخابات المجلس الوطني في جميع الأراضي الفلسطينية، بما فيها القدس الشرقية، مشيداً بجهود مصر باستضافة الحوار الفلسطيني، الذي من شأنه أن ينهي حالات الانقسام بين الفصائل الفلسطينية. كما رحب المجلس بقرار الدائرة التمهيدية الأولى للمحكمة الجنائية الدولية القاضي بأن الاختصاص الإقليمي للمحكمة في فلسطين يشمل الأراضي الفلسطينية التي احتلتها إسرائيل منذ عام 1967، وهي قطاع غزة والضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، معرباً عن إدانته لاستمرار إسرائيل في بناء الوحدات الاستيطانية، وهدم منازل الفلسطينيين، وتغيير التركيبة السكانية في الأراضي المحتلة في انتهاك واضح للقانون الدولي والقرارات الدولية.
سوريا والعراق وليبيا
وأكد المجلس مواقف مجلس التعاون وقراراته الثابتة بشأن الأزمة السورية وفقاً لمبادئ جنيف (1)، وقرار مجلس الأمن رقم 2254، معبراً عن دعمه للمؤتمر الخامس لدعم مستقبل سوريا والمنطقة، المقرر عقده في بروكسل يومي 30 - 29 مارس 2021.
وعبر المجلس عن دعمه للجهود القائمة لتحقيق الأمن والاستقرار في العراق، والحفاظ على سلامة ووحدة أراضيه، وسيادته الكاملة، وهويته العربية، ونسيجه الاجتماعي ووحدته الوطنية، والحفاظ على سيادة الدولة وسلطة القانون، مشيداً بجهود حكومة مصطفى الكاظمي والتحالف الدولي في مواجهة الجماعات الإرهابية والميليشيات المسلحة، كما أدان العمليات الإرهابية المتكررة التي يتعرض لها العراق التي تهدف إلى زعزعة الأمن والاستقرار، وعرقلة الاستعدادات للانتخابات المقبلة.
وجدد المجلس دعمه لقرار مجلس الأمن رقم2107، متطلعاً لاستمرار التعاون مع الحكومة العراقية والأمم المتحدة لمعالجة القضايا العالقة الواردة في القرار، لاسيما استكمال ترسيم الحدود البحرية بعد العلامة 162. ونوه بالجهود التي قامت بها الدول الأعضاء والأمانة العامة لتعزيز التعاون مع العراق الشقيق في جميع المجالات.
ورحب المجلس باتفاق الأشقاء في ليبيا على اختيار السلطة التنفيذية الجديدة المتمثلة بالمجلس الرئاسي ورئيس الوزراء، وهنأ عبدالحميد الدبيبة، على نيله ثقة مجلس النواب رئيساً للحكومة، ومحمد المنفي رئيساً للمجلس الرئاسي، وأعرب عن أمله بأن يحقق ذلك الأمن والاستقرار والتنمية في ليبيا ووحدة أراضيها.
رفض التدخلات الخارجية
أكد رئيس الدورة الحالية للمجلس الوزاري الخليجي وزير خارجية البحرين، عبداللطيف بن راشد الزياني، رفض دول مجلس التعاون الست أي تدخلات خارجية في شؤون الدول العربية. وشدد على ضرورة تطبيق القرارات الدولية بشأن اليمن لإنهاء الانقلاب، وقال: «مجلس التعاون يدعم جهود إنهاء الصراعات في سوريا وليبيا واليمن، والظروف الصعبة والدقيقة في الشرق الأوسط تتطلب عملًا موحَّدًا». وأشار إلى أن مقررات بيان العلا أحرزت خطوات مهمة لتعزيز التعاون المشترك.
شراكات استراتيجية
نوه المجلس الوزاري الخليجي بنتائج الزيارات التي قام بها الأمين العام للمجلس نايف الحجرف إلى المملكة الأردنية الهاشمية، والعراق، ومصر، لتنفيذ قرارات المجلس الأعلى بشأن تعزيز الشراكة مع الدول الشقيقة. كما رحب بتوقيع مذكرات التفاهم للمشاورات بين الأمانة العامة مع كل من أفغانستان وتشيلي والنرويج. واطلع على ما توصل إليه الفريق التفاوضي لمجلس التعاون بشأن استكمال مفاوضات التجارة الحرة مع كل من الصين، والهند، وباكستان، وأستراليا، ونيوزيلندا، والمملكة المتحدة، ووجه بسرعة تنفيذ ما تم الاتفاق عليه بهذا الشأن.
تسريع استكمال متطلبات الوحدة الاقتصادية 2025
استعرض المجلس الوزاري الخليجي مستجدات العمل الخليجي المشترك، واطلع على ما تقوم به الأمانة العامة من جهود لتنفيذ قرارات المجلس الأعلى في دورته الـ41 «قمة السلطان قابوس والشيخ صباح» التي عُقدت في محافظة العُلا السعودية في 5 يناير 2021، ورؤية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، بشأن تعزيز العمل الخليجي المشترك، ودعم الاقتصاد الخليجي ككتلة واحدة، ووجه بسرعة استكمال متطلبات الاتحاد الجمركي والسوق الخليجية المشتركة، وصولاً لتحقيق الوحدة الاقتصادية بحلول 2025.
وأكد المجلس أن أمن دول مجلس التعاون كل لا يتجزأ، وفقاً للنظام الأساسي واتفاقية الدفاع المشترك، ووقوف دوله صفاً واحداً في مواجهة أي تهديد تتعرض له أي من دول المجلس. وثمّن ما حققته مسيرة المجلس خلال العقود الأربعة الماضية، مؤكداً قوة وتماسك المجلس وثبات مسيرته ورسوخ منجزاته، متطلعاً للعقد الخامس بكل أمل لتحقيق مزيد من المنجزات لدول المجلس بما يعزز أمنها واستقرارها ويحقق الرفاه والتقدم والتنمية المستدامة لشعوبها.
وأكد المجلس أهمية التكامل الخليجي والتعامل الجماعي لمرحلة ما بعد جائحة «كورونا المستجد»، وخصوصاً في مجالات الأمن الغذائي، والتركيبة السكانية، والعمالة، والتعليم. وعبر عن تقديره للجهود المتواصلة التي تبذلها القوات المسلحة بدول المجلس بالتنسيق مع الأمانة العامة لتنفيذ القرارات المتعلقة بالعمل العسكري الخليجي المشترك خاصةً ما يتعلق بتفعيل آلية عمل القيادة العسكرية الموحدة، واستمرار العمل لتحقيق التكامل بين القوات المسلحة بدول المجلس.
وعبر المجلس عن تقديره للجهود المتواصلة التي تبذلها الجهات الصحية في دول المجلس للتعامل مع تداعيات جائحة كورونا «كوفيد - 19»، مؤكداً أهمية استمرار التنسيق وتبادل الخبرات وتعزيز الاستفادة الجماعية، ومثمناً تعاون المواطنين وإسهاماتهم الفعالة في دعم جهود الجهات الصحية في دول المجلس.