السبت 23 نوفمبر 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

العراق: 6 مارس يوم وطني للتسامح والتعايش

البابا فرنسيس يتوسط قادة الطوائف الدينية خلال لقاء الأديان بمدينة أور التاريخية (أ ف ب)
7 مارس 2021 01:04

دينا محمود، شادي صلاح الدين (بغداد، لندن)

أعلن رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، أمس، تسمية السادس من مارس يوماً وطنياً للتسامح والتعايش في العراق. وقال الكاظمي في تغريدة له على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»: إنه «بمناسبة اللقاء التاريخي بين قطبي السلام والتسامح، المرجع العراقي علي السيستاني، والبابا فرنسيس، ولقاء الأديان في مدينة أور التاريخية، نعلن عن تسمية يوم السادس من مارس من كل عام، يوماً وطنياً للتسامح والتعايش في العراق».
وتحمل زيارة البابا فرنسيس إلى العراق كثيراً من الآمال بالنسبة للعراقيين الذين يعانون منذ سنوات بسبب أعمال العنف والهجمات التي تشنها الميليشيات ذات التوجهات والمصالح المختلفة، إضافة إلى سيطرة تنظيم «داعش» الإرهابي على جزء من البلاد لفترة ليست بالقصيرة.
ووصف تقرير لصحيفة «الجارديان» البريطانية زيارة البابا إلى العراق بأنها أكثر رحلاته الخارجية خطورة منذ انتخابه في عام 2012، إلا أنه يؤكد مع ذلك أنه يشعر بواجبه بالقيام بهذه الزيارة «الرمزية» لأن العراق عانى كثيراً لفترة طويلة.
ونشرت السلطات في العراق الآلاف من أفراد الأمن الإضافيين لحماية البابا، البالغ من العمر 84 عاماً، خلال الزيارة التي جاءت بعد سلسلة من الهجمات الصاروخية والتفجيرات الانتحارية، التي أثارت مخاوف على سلامته.

الحرب والسلام
وباختياره العراق كوجهة أولى له منذ بدء الجائحة، انغمس البابا فرنسيس مباشرة في قضايا الحرب والسلام، والفقر والصراع الديني، في إحدى الدول ذات الحضارات القديمة.
ومنذ هزيمة تنظيم داعش في عام 2017، شهد العراق درجة أكبر من الأمن على الأرض، رغم استمرار عمليات العنف، غالباً في شكل هجمات صاروخية من قبل الميليشيات المتحالفة مع إيران على أهداف أميركية.
والعراقيون من جانبهم يعلقون آمالاً كبرى على الزيارة، حيث أعرب عدد منهم للصحيفة البريطانية عن أملهم بأن تغير الزيارة من نظرة العالم إلى بلادهم. 
وقال علي حسن، وهو من سكان بغداد يبلغ من العمر 30 عاماً، كان يقل أقاربه من المطار: «قد لا يتغير الأمر كثيراً على الأرض، ولكن على الأقل بعد زيارة البابا، سيرى الناس بلدنا من منظور مختلف، وليس فقط القنابل والحرب».
وتعطي الزيارة دفعة معنوية مهمة للأشخاص والمنظمات في العراق والعالم الإسلامي، الذين عملوا على الحوار بين الأديان لسنوات، ولكنهم غالباً ما عانوا بسبب دور الجماعات المسلحة، التي عملت على تشويه صورة العراق خلال السنوات الماضية. ويأمل هؤلاء في أن تؤدي هذه الزيارة التاريخية إلى تعزيز جهودهم.
وفي بغداد، كانت هناك فرحة كبيرة بزيارة البابا، ونقلت هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي» عن المواطن نعيم فوزي قوله: «أشعر بسعادة لا توصف، فكلنا إخوة وأخوات، وكلنا يد واحدة، نرحب بشخص عظيم هو البابا».
وقال الأب مارتن رعد، كاهن مسيحي: «اليوم البابا فرنسيس يحقق الحلم الذي حلم به العراقيون منذ عشرين عاماً، بانتظار وصوله إلى الأراضي العراقية».

  • إطلاق حمامة كرمز للسلام ترحيباً بزيارة البابا إلى النجف (أ ف ب)
    إطلاق حمامة كرمز للسلام ترحيباً بزيارة البابا إلى النجف (أ ف ب)

تطوير الحوار
وتؤكد الأوساط السياسية والإعلامية الغربية أهمية هذه الزيارة التاريخية، على صعيد دعم الجهود الرامية لتعزيز الحوار بين الأديان، ونشر أجواء التسامح والتعايش المشترك، سواء على الساحة العراقية أو في منطقة الشرق الأوسط بوجه عام.
والزيارة، وهي الأولى من نوعها لبابا الكنيسة الكاثوليكية إلى العراق. واعتبرت صحيفة «الجارديان» البريطانية، أن إصرار البابا على الزيارة، التي تستمر حتى يوم الاثنين المقبل، يبرز «الأهمية التي يوليها لها، في ضوء أنها تجسد رؤيته، المتمثلة في وجود حاجة، لتطوير حوار حقيقي بين الأديان» في العالم.
وأشارت في هذا السياق إلى أن وصول البابا فرنسيس إلى العراق، يأتي بعد نحو عامين من توقيعه مع فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، وثيقة «الأخوة الإنسانية»، وذلك خلال الزيارة التاريخية التي قام بها البابا إلى دولة الإمارات في عام 2019، بالتزامن مع عام التسامح الذي شهدته الدولة وقتذاك.
ووصفت الصحيفة واسعة الانتشار، هذه الوثيقة بأنها «دعوة رائدة.. في عصر الاستقطاب الثقافي والديني الراهن» مُشددة على أهميتها، لا سيما وأن العالم في حاجة ماسة لاتخاذ مثل هذه الخطوات، بعد أن شهدت السنوات التالية لهجمات سبتمبر 2001 الإرهابية، إذكاءً لفكرة صدام الحضارات، تزامناً مع «تصاعد التطرف الديني العنيف، وما ترتب على ذلك من عواقب مأساوية ودموية».
وأعربت «الجارديان» عن أملها في أن تشكل زيارة العراق «خطوة حاسمة»، لإنجاز المهمة الحاسمة التي بدأ البابا فرنسيس وشيخ الأزهر، الاضطلاع بها لتحدي الانقسامات الحالية على الساحة الدولية.

واشنطن تهنئ بغداد
هنأت السفارة الأميركية في بغداد، أمس، العراق على استضافة البابا فرنسيس، بابا الكنيسة الكاثوليكية، والوفد المرافق له، متوقعة أن تسلط الزيارة الضوء على العراق.
وقالت السفارة، في بيان: «تشرف السفير ماتيو تولر بأن يكون من بين أولئك الذين رحبوا بالبابا فرنسيس في حفل الاستقبال الرئاسي». وأضافت: «تُهنئ الولايات المتحدة العراقَ حكومةً وشعباً على استضافة البابا والوفد المرافق له».
وتابعت السفارة: «نوقن أن هذه الزيارة التاريخية سوف تسلط الضوء على أهمية العراق، بوصفه مسقط رأس النبي إبراهيم، وعلى القلوب المُرحبة للشعب العراقي».

وزير إعلام الفاتيكان: الزيارة تعزز الحوار
أفاد وزير إعلام الفاتيكان، باولو روفيني، بأن زيارة البابا فرنسيس للعراق مهمة لبناء الحوار بين الأديان والثقافات والشعوب.
وأضاف روفيني: إن لقاء البابا بالمرجع العراقي علي السيستاني، في منزله بالنجف في جنوب العراق، أمس، ركز على أهمية نشر مفهوم السلام.
وبيّن أن «الحوار بين الأديان على اختلافها يرسخ مفهوم السلام في العالم». وأتي الاجتماع بين البابا والسيستاني في النجف في إطار جولة بابوية سريعة في العراق.

اللغة الكردية تزين شعار زيارة البابا
كونه يعبر عن فحوى الزيارة البابوية للعراق، وما تحمله من رسالات ومعان روحية نبيلة وعميقة، وضع شعار الزيارة التاريخية للبابا فرانسيس، إلى بلاد ما بين النهرين، من قبل الفاتيكان بشكل عابق بالدلالات الرمزية الداعية للسلام والتعدد والتسامح والتآخي.
وصمم الشعار فوق خلفية بيضاء ناصعة، كناية عن النقاء والسلام، ويظهر البابا فرنسيس فيه ملوحاً بيده، لتحية العراق برموزه العريقة: خارطة البلاد، نهري دجلة والفرات، وشجرة النخيل، فيما ترفرف حمامة السلام البيضاء فوق علمي الفاتيكان وجمهورية العراق، وفي فمها غصن زيتون رمز للسلام المبتغى.
وكتب على الشعار من أعلاه على شكل نصف دائري، جملة: «أنتم جميعًا إخوة»، باللغات العربية والكلدانية والكردية، تعبيراً عن التعددية والتنوع القومي والديني في بلاد الرافدين.
ويأتي هذا الشعار المستوحى معنى ومبنى، من وثيقة الأخوة الإنسانية، كامتداد لها والتي وقعها البابا فرنسيس مع شيخ الأزهر الشريف، أحمد الطيب في العاصمة الإماراتية أبوظبي عام 2019.
وفضلاً عن تخصيصه قسماً خاصاً من زيارته العراقية لإقليم كردستان العراق، فإن الحرص على تضمين اللغة الكردية في شعار الزيارة البابوية، مؤشر آخر إضافي إلى الأهمية التي يوليها الفاتيكان والبابا للأكراد، فضلاً عن دورهم المحوري في العراق.

 

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©