شادي صلاح الدين (لندن)
رغم مرور ما يقرب من عامين منذ هزيمته على الأرض، لا يزال لدى تنظيم «داعش» الإرهابي إمكانية الوصول إلى 100 مليون دولار من الاحتياطيات النقدية يتلقاها فلوله في سوريا عبر تركيا والعراق، وفقاً لتقرير صادر عن الحكومة الأميركية.
وذكرت وزارة الخزانة الأميركية أن تنظيم «داعش» تم سحقه إلى حد كبير من خلال الجهود الدولية المنسقة في عام 2019، لكن يبدو أن شبكاته لا يزال بإمكانها الوصول إلى مبالغ كبيرة من الأموال بفضل النظام التركي، الذي يغض الطرف عن كثير من عمليات تهريب الأموال التي تتم على أراضيه للوصول إلى عناصر التنظيم في سوريا.
وأوضح تقرير لموقع «أل مونيتور» الأميركي أن الاحتياطيات النقدية لـ«داعش» وصلت إلى أدنى مستوياتها، بشكل تاريخي، منذ أن سيطرت على أجزاء من العراق وسوريا في عام 2014، بعد أن فقدت منذ ذلك الحين جميع مصادرها الضريبية والنفطية، في الأراضي التي كانت تسيطر عليها. لكن فلول التنظيم في سوريا ما تزال تتلقى تدفقات نقدية من شركاء مقرهم في تركيا المجاورة ومن مهربين في العراق، وفقاً لمذكرة وزارة الخزانة غير السرية الصادرة مؤخراً.
وتمت بعض هذه التحويلات عن طريق الحوالات المحلية، عبر شركات خدمات الأموال في «مخيم الهول» سيئ السمعة، والذي يضم حوالي 50 ألف من أفراد عائلات مقاتلي «داعش». تم تسليم شحنات نقدية أخرى عن طريق البريد عبر الحدود الصحراوية المفتوحة بين العراق وسوريا.
وأشار التقرير إلى أنه في داخل سوريا، يواصل التنظيم جمع الأموال «من خلال ابتزاز شبكات تهريب النفط في شرق سوريا، والاختطاف مقابل فدية التي تستهدف الشركات المدنية والسكان، والنهب وربما تشغيل الشركات الوهمية»، حسبما جاء في المذكرة الصادرة عن كبير مدققي وزارة الخزانة.
وتوفر هذه الوثيقة نافذة محدودة على جبهة منسية في الحرب التي قادتها الولايات المتحدة ضد التنظيم الدموي، وهو الصراع الذي سقط إلى حد كبير من العناوين الرئيسة لكثير من وسائل الإعلام. لكن شبكات عناصر «داعش» لا تزال موجودة، وكما يؤكد التفجيران الانتحاريان الأسبوع الماضي في بغداد، فإن عملياته لاتزال خطيرة وقاتلة.
وفي الوقت الذي تتطلع فيه الإدارة الجديدة للرئيس جو بايدن إلى إعادة تقويم نهج واشنطن تجاه الشرق الأوسط بعد أربع سنوات من حكم دونالد ترامب، قد يرغب المسؤولون في البحث عن طرق لعزل عناصر تمكين الجماعة الإرهابية، حسبما قال ديفيد آشر، الزميل رفيع المستوى في معهد «هدسون»، الذي قاد استراتيجية الحرب الاقتصادية لوزارة الخارجية ضد «داعش» في 2014-2015.
وقال آشر لـ«آل مونيتور»: «كان تسامح تركيا مع تمويل داعش مرتفعاً، بشكل غير عادي»، مضيفاً: «لا أعتقد أن أنقرة بذلت جهوداً كافية على الإطلاق لقطع تمويل التنظيم وشبكاته المصرفية».
ويتذكر آشر أنه في الأيام الأولى للتنظيم الإرهابي و«الخلافة المزعومة»، ادعى أعضاء «داعش»، الذين استجوبهم المحققون الأميركيون أنهم استخدموا الجانب التركي من الحدود السورية «كجهاز صراف آلي خاص بهم». وقال: «كانت هناك جهود مشتركة دورية، لكنها لم تكن متسقة، وسيكون من الرائع أن تحصل إدارة بايدن على مزيد من التعاون في هذا الشأن». وما يزال لدى تنظيم «داعش» ما يقدر بـ10 آلاف عنصر موال له في العراق وسوريا، وفقاً لتقرير للأمم المتحدة صدر في أغسطس الماضي، وهو ما يتطلب تركيزاً من إدارة بايدن وضغطاً أقوى على الحكومة التركية لوقف عمليات تمويله.