دينا محمود (لندن)
في الوقت الذي يتوقع فيه عدد لا يُستهان به من المحللين في الولايات المتحدة، أن يكون للرئيس السابق باراك أوباما تأثير مباشر أو غير مباشر، في توجيه سياسات الإدارة الديمقراطية المقبلة، ثمة من يأمل في أن تستعين هذه الإدارة بجهود رئيس سابق ديمقراطي أيضاً، قد يكون مفيداً بشكل أكبر، على صعيد إنهاء الانقسامات الحادة القائمة حالياً، على الساحة الداخلية الأميركية.
والإشارة هنا إلى الرئيس الثاني والأربعين للولايات المتحدة بيل كلينتون، الذي حكم البلاد خلال الفترة ما بين عاميْ 1993 و2001، وشهدت أميركا خلال ولايتيْه، أطول فترة توسع اقتصادي في زمن السلم، إلى حد تحقيقه في السنوات الثلاث الأخيرة من حكمه، فائضاً في الموازنة للمرة الأولى، منذ أواخر ستينيات القرن العشرين.
ويرى دوجلاس ماكينون، المسؤول السابق في وزارة الدفاع الأميركية «البنتاجون» خلال حكم الرئيس الجمهوري جورج بوش الأب (1989 - 1993)، يشكل كلينتون «سلاحاً مهماً» يمكن للرئيس المنتخب جو بايدن، الاستعانة به لإعادة توحيد مواطنيه، الذين أظهرت الانتخابات الرئاسية الأخيرة، اتساع الفجوة فيما بينهم إلى حد يُنذر بالخطر.
ويقول ماكينون: إنه بغض النظر عما «قد يقوله معظم الجمهوريين أو أصحاب التوجهات المحافظة، أو حتى بعض الديمقراطيين، بشأن كلينتون، فإن الوقائع تشير إلى أن رئاسته كانت ناجحة وفعالة، ويكفي للدلالة على ذلك أنها شهدت نحو 90 شهراً من النمو الاقتصادي، وتدني معدلات البطالة والتضخم».
ويعود جزء من هذا النجاح، حسبما قال ماكينون في مقال نشرته صحيفة «ذا هيل» الأميركية، إلى أن كلينتون نجح في فهم ذهنية الأميركيين ومشاغلهم واهتماماتهم الحياتية، ما جعله يدرك أن «معظم هؤلاء يشعرون بالراحة في ما يمكن أن يُوصف بالوسط الأيديولوجي بعيداً عن التطرف الحزبي، وهو ما ساعده على أن يدحض بذكاء ما تردد قبل توليه الرئاسة في عام 1993، من أنه سيكون يسارياً بشكل أكبر من اللازم».
ومن شأن ذلك، تمكين كلينتون من لعب دور إيجابي، على صعيد إضفاء طابع أكثر توازناً على الإدارة الديمقراطية المقبلة، التي يتخوف بعض الأميركيين، من أنها قد تتخذ سياسات أكثر ميلاً للجناح اليساري في الحزب الديمقراطي، في إطار مساعيها للابتعاد عن التوجهات التي تبناها الرئيس الجمهوري ترامب، خلال السنوات الأربع الماضية.
وفي هذا السياق، حث ماكينون بايدن على الاستفادة من نجاح الرئيس الثاني والأربعين للولايات المتحدة في تحقيق إنجازات كثيرة خلال فترة رئاسته «رغم السيطرة الخانقة لكونجرس كان يسيطر عليه الجمهوريون»، وهو ما قد يتكرر جزئياً في الفترة المقبلة، مع تزايد فرص هيمنة الحزب الجمهوري على مجلس الشيوخ.