دينا محمود (لندن)
لا نهاية لـ«الترامبية» ولا عودة لحقبة أوباما، رؤية تسود كثير من الدوائر السياسية الأميركية، على صعيد الملامح المتوقعة للسياسة الخارجية للإدارة الديمقراطية الجديدة، التي ستتولى الحكم في الولايات المتحدة اعتباراً من 20 يناير 2021.
وبحسب هذه الدوائر، ستتعامل إدارة الرئيس المنتخب جو بايدن، مع عالم يختلف كثيراً، عن ذلك الذي كان يتعاطى معه بايدن نائباً للرئيس الأسبق باراك أوباما بين عامي 2009 و2017، وهو ما يشير إلى أنه لن يكون بمقدور إدارته المقبلة، تبني السياسات نفسها التي انتهجها أوباما خلال فترة حكمه.
ويعني ذلك أنه «لا يمكن لبايدن العودة إلى الوضع الذي كان سائداً قبل أربع سنوات تقريباً من الآن، فالتحديات الدولية الحالية، تتطلب أساليب جديدة ومبتكرة، سواء على صعيد التعامل مع ملفات السياسة الخارجية، أو مع قضايا تهم العالم بأسره مثل ملف التغير المناخي»، وهو ما قد يتطلب مزيجاً من سياسات إدارتي دونالد ترامب وباراك أوباما، مع الحرص على التحلي بالواقعية، في التعامل مع أي أمور مستجدة.
ورجحت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية، في تقرير لها، «أن يواصل بايدن البناء على جهود ترامب، لإنهاء الحروب التي تخوضها الولايات المتحدة في الخارج، ومن المنتظر ألا يُقبل على الانخراط في صراعات جديدة، رغم أنه سيبدي في الوقت نفسه، مزيداً من الاهتمام بحلفاء واشنطن على الساحة الدولية».
ومن جهة أخرى، مع أن الرئيس المنتخب لن يتبنى السياسات المتشددة التي انتهجتها إدارة ترامب إزاء ملف التبادل التجاري الحر مع دول العالم المختلفة، بما في ذلك فرض رسوم جمركية على الأصدقاء والخصوم على حد سواء، فإنه لن يكون من المدافعين الأشداء عن مبدأ التجارة الحرة «في ضوء أن هذا المفهوم ليس من بين الخطوط الحمراء، التي يحذر الناخبون الديمقراطيون من المساس بها».
وبينما «سيحتفل معظم شركاء الولايات المتحدة في حلف شمال الأطلسي (الناتو) والاتحاد الأوروبي، بخروج ترامب من البيت الأبيض، يُرجح أن تواصل الولايات المتحدة، تحت قيادة بايدن، إصرارها على أن يشرع الحلفاء في (الناتو) في تحمل حصة عادلة من المسؤوليات والأعباء نظير انضوائهم تحت لواء نظام الدفاع المشترك الذي تقوده أميركا».
ورغم أن ذلك سيثير، حسبما تؤكد «نيويورك تايمز»، شكوك الحلفاء الغربيين لواشنطن في ما إذا كان «النهج ترامب في حكم الولايات المتحدة سينتهي إلى الأبد من عدمه، فإن هؤلاء سيظلون يشعرون بالارتياح إزاء التوقعات التي تشير إلى أن إدارة بايدن، ستضع حداً للتقلبات غير المتوقعة».
ومن بين العوامل التي ستحد من قدرة الرئيس الديمقراطي المقبل، على إدخال تغييرات جذرية على السياسة الخارجية الأميركية خلال فترة حكمه، المؤشرات التي تفيد بأن الجمهوريين سيحتفظون بالسيطرة على مجلس الشيوخ، وهو ما سيجعل من اللازم على بايدن الحصول على مصادقة المجلس على التعيينات الرئيسة في إدارته.
وعلى الجانب الآخر، من المتوقع أن يُعيد بايدن الاعتبار إلى الخبراء المتخصصين في الدوائر الدبلوماسية والاستخباراتية والعسكرية الأميركية، الذين تم تجاهلهم خلال حقبة ترامب، ويُنتظر أن يتبنى كذلك نهجاً أكثر تقليدية على صعيد تعزيز العلاقات مع دول العالم، وهو ما سيخلّف نتائج إيجابية في العديد من عواصم هذه البُلدان. وأشارت «نيويورك تايمز» إلى أن تعزيز بايدن لتحالفات أميركا شرقاً وغرباً، سيعزز قوتها الناعمة التي تؤازر ترسانتها العسكرية.