الجمعة 22 نوفمبر 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

السودان يودّع الحروب

مراسم توقيع اتفاق السلام بين الحكومة والجبهة الثورية (رويترز)
4 أكتوبر 2020 01:29

ص سمر إبراهيم، وكالات (جوبا) 

على وقع الطبول والغناء والرقص وقعت الحكومة السودانية وقادة الحركات المسلحة اتفاق السلام التاريخي في جوبا وهو الاتفاق الذي يهدف إلى إنهاء عقود من الحروب وفتح باب الأمل والتنمية في السودان الجديد. 
ووقعت الأطراف على الاتفاق الشامل في حفل ضخم بميدان الحرية في جوبا عاصمة جنوب السودان، وهو الاتفاق الذي بموجبه يتم إعادة ترتيب المشهد السياسي السوداني عبر دمج عناصر وقادة تلك الحركات المسلحة لمؤسسات الحكم المختلفة، وإعادة النازحين واللاجئين إلى قراهم الأصلية، وإعادة تأهيل مناطق الحرب، ودمج الفئات الأكثر تهميشاً مجتمعياً. 
ولم ينضم للاتفاق فصيلان رئيسيان هما «جيش تحرير السودان» بقيادة عبد الواحد محمد نور الذي يقاتل في دارفور و«الحركة الشعبية» جناح عبد العزيز الحلو التي تنشط في منطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق.
بدوره، أكد رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق أول عبدالفتاح البرهان، في كلمته، أنه لا عودة للحرب ولم ولن نحيد عن طريق السلام، مشيراً إلى أن نتائج اتفاق السلام ستكون دعماً للحكومة الانتقالية، مشدداً على أنه لن تكتمل مسيرة السلام إلا بانضمام عبدالعزيز الحلو وعبد الواحد محمد نور، آملاً أن يتحقق ذلك قريباً. 
وأضاف البرهان أن بلاده تتطلع لدعم المجتمع الدولي لرفع أسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، مضيفاً أنه تم اختيار جوبا لتكون منبراً للتفاوض بين الحكومة وحركات الكفاح المسلح لقناعتنا بجدارتها وللألفة بين الشعبين. 
وقال رئيس الوزراء السوداني عبدالله حمدوك إن السودانيين قد توصلوا إلى اتفاق السلام كأولى أولويات وأهداف الثورة، مشيراً إلى أنه ليس اتفاقاً لتقاسم السلطة والثروة، موضحاً أن الاتفاق يُعد أولى خطوات البناء والتعمير والتنمية في السودان وأن التحدي الأكبر هو «الاقتصاد»، مضيفاً خلال كلمته في الحفل، «ما زلنا في انتظار الحلو ونور للحاق بركب السلام». 
وأضاف أن «العالم عليه أن يرى اتفاقية السلام بين السودانيين، مشيداً بجهود الوسطاء، ومن بينهم الإمارات ومصر في التوصل إلى اتفاق السلام بجنوب السودان، ونشكرهم على توسطهم». وقال حمدوك إن «السلام سيفتح آفاقاً رحبة للتنمية والتقدم والازدهار»، لكنه أقر بأن المستقبل لن يكون سهلاً. 
وأضاف «عملية السلام لا تخلو من المطبات والعثرات»، مشيراً إلى أن «السلام تحقق بالصبر والمثابرة والحكمة والدور الكبير الذي لعبته الوساطة في تقريب وجهات النظر». وأشار إلى أهمية اتفاقية السلام في السودان، قائلاً: «البلاد تنتظر باقي الحركات المسلحة للانضمام لقطار السلام، واتفاق اليوم تم بتوسط كبير لرئيس جنوب السودان».
ويرى عبد الله حمدوك، أنه لا ديمقراطية بدون سلام وتنمية في الدول، مؤكداً في السياق ذاته أن اتفاقية جوبا ستمكن البلاد من استبدال فواتير السلاح بمدخلات الإنتاج والتنمية.
ووقع الاتفاق نيابة عن الحكومة الانتقالية النائب الأول لرئيس مجلس السيادة السوداني الفريق أول محمد حمدان دقلو «حميدتي» فيما وقع رؤساء الحركات المسلحة المنضوية بكيان «الجبهة الثورية» ممثلاً للحركة التي يرأسها. 
ويتكون الاتفاق من 8 بروتوكولات تتعلق بقضايا ملكية الأرض والعدالة الانتقالية والتعويضات وتطوير قطاع الرحل والرعوي وتقاسم الثروة وتقاسم السلطة وعودة اللاجئين والنازحين، إضافة إلى البروتوكول الأمني والخاص بدمج مقاتلي الحركات في الجيش الحكومي ليصبح جيشاً يمثل كل مكونات الشعب السوداني.
وفي مستهل الحفل، أشاد رئيس لجنة الوساطة المستشار توت قلواك، بالدعم الإماراتي الضخم لمفاوضات السلام في منبر جوبا، مثمناً هذا الدور الرئيسي في إنجاح المفاوضات منذ انطلاقها نهاية العام الماضي. 
ووقع رئيس جنوب السودان سيلفاكير ميارديت ممثلاً لدولة جنوب السودان كضامن رئيس لتنفيذ الاتفاق، كما وقعت كلٌّ من دولة الإمارات العربية المتحدة وتشاد كضامنين أيضاً، فيما وقعت مصر وقطر كـ«شاهدين»على الاتفاق، بالإضافة إلى توقيع رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي.
وقال سيلفاكير، خلال كلمته في حفل التوقيع، إن تطبيق الاتفاق لن يكون سهلاً لاسيما مع الظروف التي تواجه السودان في الوقت الراهن، مناشداً المجتمعين الدولي والعربي بالالتزام تجاه تعهداتهم لدعم تنفيذ اتفاق السلام، مؤكداً أنه رغم التحديات في جوبا والخرطوم حققنا إنجازاً تاريخياً، وأن الوساطة الجنوبية كانت وفاء لدين السودان الذي يقوم به عبر الهيئة الحكومية لتنمية دول شرق إفريقيا «الإيجاد» لتحقيق السلام في بلاده، والتي ترأسها السودان في الوقت الراهن.
وشدد رئيس «الجبهة الثورية» الهادي إدريس على أن الاتفاق خاطب جذور الأزمة وقضايا أصحاب المصلحة والنازحين واللاجئين في كافة ربوع السودان، لاسيما في دارفور، مؤكداً أن الاتفاق سيعزز من فرص التغيير والحكم الديموقراطي والاستقرار الاقتصادي في البلاد، مضيفاً أن الجبهة كانت جزءاً أصيلاً من الثورة، وبتوقيع اتفاق السلام نكون حققنا شعارها «حرية، سلام، عدالة». 
فيما عبر رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي عن سعادته بتحقيق هذا الإنجاز التاريخي في السودان، مؤكداً أن الخرطوم تخطو خطوات ثابتة نحو السلام، مناشداً الحلو ونور للانضمام لهذا المسار التاريخي. 
من جانبه، قال وزير شؤون مجلس الوزراء السوداني عمر مانيس، أن اتفاق السلام يُعد خطوة جيدة وإنجازاً في تاريخ بلاده، مؤكداً أن السلام كان هدف الحكومة الانتقالية وقد تحقق بالفعل وأصبح واقعاً ملموساً، لإصرار الجميع على الوصول إليه. 
وأضاف مانيس في تصريحات خاصة لـ «الاتحاد» أن التغيير لم ولن يكتمل إلا بدمج الشباب وعناصر الحركات في مؤسسات الدولة. 
فيما أعربت وزيرة الشباب السودانية ولاء البوشي، عن سعادتها بتحقيق السلام، واصفةً إياه بأهم إنجازات الثورة، مشيرةً إلى أنه لابد من مشاركة الشباب من كافة ربوع الدولة في تنفيذه. وأضافت، في تصريحات خاصة لـ«الاتحاد»، أن هناك برامج خاصة بالسلام تعمل على تنفيذها الوزارة للترويج له وتأهيل الشباب سياسياً واجتماعياً، ومن ثم سنعمل على دمج شباب حركات الكفاح المسلح لتلك البرامج.

مطوك لـ«الاتحاد»: تنفيذ اتفاق السلام يحتاج إلى موارد كبيرة
قال ضيو مطوك، مقرر لجنة الوساطة ووزير الاستثمار بجنوب السودان، لـ«الاتحاد» إن تنفيذ اتفاق السلام يحتاج إلى موارد كبيرة، لإعادة النازحين واللاجئين، وتطبيق بنود الاتفاق تطبيقا أمينا. 
وجاءت تصريحات مطوك على هامش توقيع اتفاق السلام في السودان أمس، في جوبا. 
ورفرفت أعلام السودان في شوارع جوبا عاصمة الجنوب، التي تزينت بأبهى حلة لاستقبال المناسبة التاريخية، كما تزينت ساحة الحرية وسط المدينة للاحتفال بالسلام في السودان، الذي شارك فيه أبناء الشعبين، عبر احتفالات غنائية وشعرية، مما يعكس قناعتهم بأن السلام والاستقرار في البلدين مرتبط ببعضه البعض، رغم انفصال البلدين من قرابة 10 أعوام، باستقلال جنوب السودان وإقامة دولته عام 2011.
من جانبه، قال رئيس مفوضية السلام السودانية سليمان الدبيلو لـ«الاتحاد»إن هذا اليوم تاريخي، ونأمل أن ينهي التوقيع القتال إلى الأبد.
وأجرى رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك لقاءات منفصلة مع قيادات الحركات المسلحة قبيل توقيع الاتفاق، حيث التقى أركو مني مناوي رئيس حركة تحرير السودان، وكذلك بكل من مالك عقار وعبد العزيز الحلو رئيسي جناحي الحركة الشعبية، كما عقد لقاء آخر مع رئيس دولة الجنوب سلفاكير ميارديت  الطريق للتنمية.

رئيس جيبوتي: حلم طال انتظاره
أكد الرئيس الجيبوتي إسماعيل عمر قيلي دعم بلاده لاتفاق سلام السودان بين الحكومة والجبهة الثورية، مبيناً أن سلام السودان حلم طال انتظاره ويهم دول الإقليم والعالم.
وقال الرئيس الجيبوتي في كلمته بمناسبة التوقيع على اتفاق السلام أمس، بالعاصمة الجنوبية جوبا إن السودان دولة مهمة وتتبوأ موقعاً مهماً في المحيط الإقليمي الأفريقي والعربي، مشيراً إلى أن الاستقرار في السودان ينعكس إيجاباً على دول المنطقة.

رئيس تشاد: يربطنا مصير مشترك
قال الرئيس التشادي أدريس دبي اتنو إن السودان وتشاد يربطهما مصير مشترك، مؤكداً دعم بلاده للاستقرار في السودان باعتباره استقراراً لتشاد.  
ووجه الرئيس دبي نداءً عاجلاً للمجتمع الدولي بتوفير الدعم اللازم لتحقيق السلام في السودان من أجل استقرار دول المنطقة، مشيراً إلى أن مساهمة المجتمع الدولي في استقرار السودان مهمة.
وعبر دبي عن ارتياحه لتوقيع السلام مبيناً أن الاتفاق هو نتيجة حتمية لجهود مستمرة من قبل الأطراف السودانية حتى توجت باتفاق سلام.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©