خولة علي (أبوظبي)
في يوم العيد تتجلى هوية المجتمع الإماراتي بأبهى صورها، حيث يحرص الجميع على استقبال المناسبة السعيدة بمظاهر تعكس أصالة الماضي وحداثة الحاضر، فيعم الدفء البيوت باللقاءات والزيارات العائلية، وصولاً إلى مظاهر الكرم والفرح التي تزين الشوارع والمجالس، فيما يبتهج الصغار بالعيدية، ويحرص الكبار على الزيارات العائلية لتجديد وتأصيل العلاقات الاجتماعية، في لوحة إماراتية تنبض بالمودة والأصالة.
تلاحم وتكافل
يقول خالد الكعبي، اختصاصي اجتماعي: رغم التغيرات المتسارعة وتعدد الثقافات، لا يزال أبناء الإمارات يحرصون على الاحتفال بالعيد بأسلوب يعكس هويتهم الوطنية وتقاليدهم الأصيلة، من خلال الاستعدادات والطقوس العائلية التي تعزز الروابط الاجتماعية، مؤكداً أن العيد في الإمارات ليس مجرد مناسبة دينية، بل هو حدث اجتماعي يعكس قيم التلاحم والترابط الأسري، إذ تبدأ العائلات بتجهيز تحضيرات العيد قبل أيام من قدومه، حيث يتعاون أفرادها في تنظيف المنزل وتجهيزه لاستقبال المهنئين، إضافة إلى تحضير المأكولات الشعبية وتبادل الضيافة مع الأقارب والجيران، مما يعكس روح التكافل المجتمعي.
مظاهر وطقوس
من مظاهر وطقوس العيد واستقباله، يشير الكعبي إلى تجمع أفراد الأسرة في منزل كبير العائلة لتناول الأطعمة التقليدية، يليها استقبال المهنئين أو زيارة الأقارب والجيران لتبادل التهاني، وتمتد الاحتفالات إلى تجمعات الجيران على وجبة الغداء، مما يعزز قيم التلاحم ونقل العادات الإيجابية للأجيال القادمة، كما أن للعيدية نصيباً خاصاً من بهجة العيد، حيث ينتظرها الأطفال بشغف، باعتبارها رمزاً للفرح والعطاء، ويؤكد الكعبي أن المجتمع الإماراتي يحرص على تعزيز قيم التكافل والتراحم من خلال تقديم الهدايا والمساعدات للأسر المحتاجة، وإشراك الأطفال في هذه المبادرات، مما يغرس في نفوسهم قيم العطاء والمسؤولية المجتمعية.
عادات أصيلة
فيما، يشير الإعلامي الدكتور علي الهميمي، إلى أن الإمارات تتميز بتراث غني وعادات أصيلة في استقبال العيد، حيث يجمع هذا الحدث الفرح العائلي والتلاحم المجتمعي، فيبدأ الناس في التحضير للعيد مبكراً من خلال تنظيف المنازل وتزيينها، مشيراً إلى أن الزيارات العائلية من أبرز مظاهر العيد، حيث يتبادل أفراد الأسرة التهاني، وتقديم الحلويات والأكلات الشعبية التي تضفي طابعاً مميزاً للمائدة، كما يرتدي الجميع ملابس العيد الجديدة، ومنها الأزياء التقليدية، لافتاً إلى أن الزيارات بين الجيران تعزز روابط المحبة والتآخي، كما تنظم العديد من الفعاليات والمهرجانات المجتمعية، وتضاء الشوارع بالأضواء المبهجة، التي تملأ القلوب بالفرحة.
ذكريات لا تُنسى
تصف رهف شعشاعة، (تربوية)، أجواء العيد، قائلة: تفوح فرحة العيد في الإمارات كرائحة العود التي تملأ المجالس والبيوت، حيث يكون للعيد طابع آخر تتميز به العائلة الإماراتية في هذه المناسبة الدينية، فهناك رائحة القهوة بالهيل والزعفران، والأكلات الشعبية، وتضج البيوت بالزينة والأضواء، والشوارع تنبض بالحياة، لتغمر الفرحة والبهجة قلوب الجميع، فيما نرى الأب يجهز العيدية التي تبث السعادة في نفوس الصغار، أما المساجد فتصدح بتكبيرات العيد، ولا تخلو الشوارع من طفلة مزينة بالحناء ومرتدية ثوباً ممزوجاً بالحداثة والتراث، مؤكدة أن فرحة العيد ليست مجرد لحظات، بل هي ذكريات سعيدة تُرسم على وجوه الأطفال وتبقى محفورة في قلوبهم للأبد.
«فوالة العيد»
من جانبها، توضح أسماء النقبي أن العيد هو احتفال ينبض بالمحبة والكرم والتقاليد العريقة، ومن أسمى هذه العادات «فوالة العيد»، التي تجسد روح الضيافة الإماراتية وتجمع الأهل والجيران حول موائد عامرة بأشهى الأطباق، بينما يحكي الكبار ذكريات العيد للصغار، وتلفت قائلة «مع أولى ساعات الصباح، تفوح رائحة القهوة العربية الممزوجة بالهيل والزعفران إلى جانب التمر والحلويات الإماراتية مثل اللقيمات والخنفروش والبلاليط والعرسية، وتكتمل الفرحة بتبادل الأطباق بين الجيران، في لفتة تعكس التلاحم المجتمعي وقيم العطاء التي توارثها الأجيال».
نقوش الحناء
خالد الكعبي، أكد أن فرحة العيد تبدأ من طقوس الاستعداد له، حيث يحرص الآباء على اصطحاب أبنائهم الذكور إلى محال الحلاقة، بينما تذهب الأمهات مع الفتيات لتحضير الحناء، خاصة النقوش التقليدية المعروفة بـ«الروايب»، في تقليد يعزز الفخر بالموروث الشعبي، وفي صباح يوم العيد، يتوجه الرجال إلى المساجد والمصليات لأداء الصلاة، برفقة الأطفال الذين يرتدون ملابس مماثلة لملابس آبائهم، بينما تستعد الفتيات لاستقبال آبائهن وإخوانهن بالتهاني والتبريكات والفرحة.
رسالة حب
أشارت أسماء النقبي، إلى أن فوالة العيد في الإمارات رسالة حب ومودة تمتد من بيت إلى آخر، تنشر الدفء وتزيد من بهجة العيد، لتبقى هذه العادة رمزاً للأصالة والترابط بين أفراد المجتمع في كل مناسبة.