خولة علي (أبوظبي)
بينما ينشغل الأطفال بعالم الألعاب الرقمية والتكنولوجيا الحديثة، يختار عيسى المازمي أن يكون صوتاً يعيد للحكايات رونقها، قارئاً شغوفاً وراوياً مبدعاً يحمل التراث بين كلماته، لم تكن القصص الشعبية بالنسبة له مجرد حكايات تروى، بل إرث يستحق أن يحفظ ويعاد تقديمه بأسلوب يجذب الأجيال الجديدة، ليبقى الماضي حياً في ذاكرة الصغار والكبار على حد سواء، وقد جعل المازمي من الحكاية الشعبية رسالته، ومن المسرح منبراً لإحياء الموروث، واضعاً بصمته في أدب الطفل والسرد التراثي.
نافذة على التراث
يؤمن الطفل عيسى المازمي بأن القراءة والكتابة ليستا مجرد أدوات للتعلم، بل هما وسيلة لحفظ الثقافة والهوية، فالقصص الشعبية ليست مجرد سرد ممتع فحسب، بل هي كنوز تحمل في طياتها حكمة الأجداد وتجاربهم، حيث يقول «لطالما كانت الحكايات مرآة للمجتمع، تعكس عاداته وتقاليده، وتحمل القيم التي تشكل هويتنا، من خلال الكتابة، لذا أسعى إلى إبراز هذه القيم بأسلوب يجذب الأجيال الجديدة، ويجعلهم يتواصلون مع تراثهم بطريقة عصرية».
شغف الطفولة
منذ طفولته، وجد عيسى نفسه مشدوداً إلى عالم الحكايات، إذ كانت جلسات السمر مع جده، المليئة بالقصص المشوقة، هي شرارة شغفه الأولى، لم يكن مجرد مستمع، بل كان يراقب طريقة السرد، يتأمل التفاصيل، ويعيش المغامرات في مخيلته، هذا الحب للقصص دفعه إلى القراءة المتعمقة في الأدب التراثي، ومن ثم إلى الكتابة، ليصبح أحد أبرز الأصوات الشابة في مجال أدب الطفل المستوحى من التراث.
تحديات
لكل مجال تحدياته، فمن العقبات التي واجهها عيسى كانت كيفية تقديم القصص التراثية بطريقة تجذب الأطفال والشباب الذين اعتادوا على الترفيه الرقمي السريع، قائلاً: «التحدي الحقيقي يكمن في خلق توازن بين الأصالة والإبداع، فلا بد أن نحافظ على روح القصة التراثية، لكن بأسلوب يناسب العصر، سواء من خلال اللغة أو طريقة العرض».
خشبة المسرح
لم تتوقف مسيرة عيسى عند الكتابة فقط، بل امتدت إلى المسرح، حيث قام بتمثيل العديد من القصص الشعبية، مثل خطاف رفاي والبديحة، ليحمل رسائل الموروث الشعبي إلى الأطفال بطريقة تفاعلية، موضحاً: «خطاف رفاي» ليست مجرد قصة بالنسبة لي، بل تجربة شعرت من خلالها بمدى تأثير الحكاية حين تروى بأسلوب مشوق، لقد قدمتها أكثر من سبع مرات في مختلف أنحاء الدولة، وكان الإقبال الكبير عليها دليلاً على حب الناس لتراثهم.
رؤية جديدة
طموح المازمي لم يتوقف عند حدود الإنجازات، بل يسعى دوماً لتقديم الجديد في مجال الكتابة التراثية، ويعمل حالياً على قصة جديدة مستوحاة من التراث الإماراتي، حيث يسعى من خلالها إلى تقديم الشخصيات والأساطير المحلية بأسلوب عصري يجذب الأطفال، كما يطمح إلى دمج عناصر تفاعلية في القصص، مثل الرسوم التوضيحية والرموز الرقمية، لجعل القراءة تجربة أكثر حيوية تتناسب مع الجيل الرقمي.
مسيرة ملهمة
لمع اسم عيسى المازمي في العديد من المحافل الثقافية والإعلامية، فقد كان مذيعاً في إذاعة الشارقة، عضواً في شورى أطفال الشارقة في الدورة السابعة عشرة، عضواً في المدرسة الدولية للحكاية التابعة لمعهد الشارقة للتراث، حاصلاً على دبلوم البرلمان العربي للطفل، عضواً في فريق روائع التابع لوزارة التربية والتعليم، بطلاً من أبطال الحياد المناخي في مؤتمر (COP 28)، عضواً في فريق عباقرة التطوعي، وحاصلاً على لقب سفير تحدي القراءة العربي لعامين متتاليين، إلى جانب كونه كاتباً وحكواتياً في أدب الطفل، ضمن مسيرة ملهمة يحتذى بها.