خولة علي (أبوظبي)
يحمل سليمان موسى، البالغ من العمر 14 عاماً، شغف ممارسة حرفة يدوية تُعد من أعرق الحرف التراثية في الإمارات وهي صناعة شباك الصيد، فمنذ نعومة أظافره، وجد نفسه عاشقاً لعالم البحر وموروثاته، حيث تعلم أسرار هذه الحرفة من جده الذي نقل إليه خبرة سنوات طويلة، وبرغم التحديات التي تواجه هذه المهنة التقليدية، أثبت سليمان أن الحفاظ على التراث لا يرتبط بالعمر، بل بالشغف والمسؤولية تجاه صون التراث وتعزيز الهوية الوطنية.
إرث متجدد
انطلق سليمان موسى في رحلته مع هذه الحرفة منذ أن كان في السابعة من عمره، مستلهماً من جده «زيد» الذي أكسبه هذه المهارة من خلال خبرته الطويلة والتمسك بإرث الماضي، مما جعل سليمان يحمل على عاتقه مسؤولية تعلم حرفة صناعة الشباك، والنهوض بها والحفاظ عليها من خلال التعرف على فنون حياكتها، والإبداع في صناعتها.
مصدر زرق
وأشار سليمان، وهو يداعب بأنامله الشباك، قائلاً: حرفة صناعة شباك الصيد جزء لا يتجزأ من التراث الإماراتي، حيث ترتبط بشكل وثيق بحياة أهل الساحل وبعلاقتهم الوثيقة والعميقة بالبحر، فمنذ القدم، كان البحر مصدراً رئيسياً لكسب الرزق، مما دفع بالصيادين إلى تطوير أدواتهم من الشباك والقراقير والمراكب، موضحاً أن العمل الحرفي جذاب وممتع، كما أن رؤية المنتج بشكله وروعته تدفعه للانغماس في حرفة صناعة الليخ، وهو الاسم الذي يطلق على شباك الصيد في التراث الإماراتي.
مهارة وتركيز
وقد تمكن سليمان من إتقان صناعة جميع أنواع شباك الصيد، فهذه الحرفة تتطلب الكثير من المهارة والتركيز، خاصةً عند استخدام الأدوات التقليدية مثل خيوط الليخ المصنوعة من القطن أو النايلون المستورد من الهند، إضافة إلى الإبرة التي كانت تصنع قديماً من سعف النخيل، ولكنها تطورت لتصبح اليوم بلاستيكية، مشيراً إلى أن المهمة الرئيسية للحرفي تتمثل في إصلاح الفتحات التالفة في الشباك، والمعروفة «بالعين»، عبر خياطتها بعناية باستخدام عقد متينة، لتعود الشباك إلى حالتها الأصلية.
تحديات الحرفة
ويرى سليمان أن حياكة الشباك تُعد واحدة من أصعب جوانب هذه الحرفة، حيث تتطلب وقتاً وجهداً كبيرين لضمان الدقة والمتانة، خاصة عند التعامل مع الشباك ذات المقاسات الكبيرة، ولكن هذه الصعوبات لم تمنع سليمان من التعمق في الحرفة وإبراز مهارته فيها، بل دفعته للإصرار على إحيائها ونقلها للأجيال القادمة.
حفظ الموروث
ويدرك سليمان أهمية الحفاظ على حرفة صناعة شباك الصيد كجزء من الهوية الإماراتية، لذلك، يعمل جاهداً على ضمان استمراريتها من خلال خطوات مدروسة، وتعليم الأجيال الجديدة أسرارها وتقنياتها لاكتساب المهارات والمعرفة اللازمة، كما أنه يحرص على المشاركة في الفعاليات الثقافية من خلال تنظيم معارض وفعاليات تبرز أهمية الحرفة، مما يزيد الوعي ويشجع الصغار على تعلمها، مع ضرورة جمع معلومات عن تاريخ الحرفة وأدواتها، باعتبارها جزءاً من التراث الثقافي.
تطوير واستدامة
يرى سليمان موسى أن الحفاظ على حرفة صناعة شباك الصيد، يحتاج إلى تطويرها لضمان استدامتها، ومن بين الأفكار التي يطمح لتحقيقها، دعم الحرفيين من خلال تسويق منتجاتهم التقليدية وتشجيع الناس على اقتنائها، إضافة إلى التواصل مع الجهات الحكومية وغير الحكومية لتطوير برامج تدعم هذه الحرفة وتعزز من مكانتها، مع أهمية إدخال تقنيات جديدة لتطوير الأدوات المستخدمة دون الإخلال بجوهر الحرفة.