لكبيرة التونسي (أبوظبي)
تحرص الإمارات على بذل الجهد من أجل الحفاظ على التراث المادي وغير المادي، وحمايته ونقله للأجيال القادمة لما له من قيمة تاريخية وحضارية، باعتباره ثروة الشعوب، وبالتعاون مع عدد من الدول العربية، قادت الإمارات هذا التوجّه عبر وضع الخطط اللازمة، لضمان إيصال هذا التراث إلى مرحلة الاعتماد من قبل منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة «اليونسكو»، ليكون كنزاً مهماً تتناقله الأجيال، لترتبط بشكل وثيق مع ماضيها الأصيل، وتستكمل العمل لترسيخ هذه القيمة الحضارية والوطنية.
رمز الفرح
تعتبر «الحنّاء» من الرموز المتجذرة في أعماق التراث الإماراتي منذ القدم، ويُشكل إدراجها في قائمة التراث الثقافي غير المادي للإنسانية لليونسكو، دلالة واضحة على حرص دولة الإمارات بالحفاظ على موروثها، حيث إن «الحنّاء» تُعد رمزاً من رموز الفرح والإبداع والفن، ما يعزز احتفالات المجتمع ومناسباته ومهرجاناته عبر الأجيال.
تراث ثقافي
وعن «الحنّاء» وما يرتبط بها من ممارسات اجتماعية، كأحد أقدم وأشهر وأعرق عناصر التراث الثقافي في الدولة، تقول الباحثة في التراث والكاتبة شيخة الجابري، إن المرأة الإماراتية في المرحلة التي سبقت ظهور النفط والطفرة الاقتصادية، كانت مشاركة لزوجها بشكل لافت من ناحية الاهتمام بشؤون ومسؤولية المنزل، خاصة أثناء غيابه في رحلات الغوص الطويلة نسبياً، فكانت تشرف على منزلها وأبنائها وتتولى كامل المسؤوليات لحين عودته من رحلة السفر، ووسط هذا كله لم يكن «للزينة» أولوية في فكرها واحتياجاتها، غير أنها كانت تعيش حياتها الاجتماعية بكل جمالها بدءاً من «قهوة الضحى» وانتهاء بسهرات الليل التي تجمع النساء حول حكايات من الواقع لا تنتهي، و«خراريف» من الخيال تنقلهن إلى عالم آخر، وبين هذه المناسبة وتلك كانت المرأة تسعى إلى أن تظهر بالمظهر الأجمل والشكل الأكمل حين تذهب مهنئة أو مشاركة في مناسبة سعيدة عند جارة لها، ونادراً ما كانت المرأة تبحث عن شيء تكمل به زينتها لأنها كانت تستغل الطبيعة في توفير مستلزمات العناية العامة بجسمها، فهي تتخذ من الحنّاء وسيلة للزينة إلى جانب مواد طبيعية كانت الرفيقة الدائمة المرأة في منزلها.
نقوش ودلالات
وتوضح الجابري، أن أشكال الحنّاء قديماً، لم تكن تخرج عن شكلين رئيسين للقدم وهما «الغمسة» وهي طلاء كامل القدم، «والقصّه» وهي تحنية نصف القدم على شكل غير مكتمل لتظهر وكأن رساماً قد خط بدايتها ونهايتها، ولا تتعدى النقوش أكثر من شكل واحد يسمى «قمر ونيمه»، ولا نعرف حقيقة ما دلالة النجمة والقمر هنا، وإن كنا نعتقد أن الرسم امتداد لحالة معروفة، وهي أن المرأة والرجل شريكان أساسيان في البناء واستمرارية الوجود الإنساني، ولم تعرف النساء قديماً أدوات النقش الحديثة، حيث اعتمدت في رسوماتها على «شوك النخل، وأعواد الثقاب» وهذه وسائلها لرسم النقش البدائي البسيط الذي ترغب فيه ليضيف شيئاً من الجمال للرونق المشع من الحنّاء ذات اللون الأحمر الفاقع أو الأسود الداكن لتزيين كفي المرأة وقدميها.
إعداد الحنّاء
بالنسبة لطريقة إعداد الحنّاء، تقول الجابري: «يتم تجفيف الحنّاء في مكان مسطح، ثم يتم تنقيتها ودقها حتى يغدو المسحوق ناعماً ليكون جاهزاً للاستخدام بإضافة ماء الليمون اليابس إليه، وهو الليمون الأسود ويسمى «الحولي» أي الذي دار عليه العام، وبعد أن يترك لليلة أو لبضع ساعات تخضب به المرأة يديها وقدميها».