خولة علي (أبوظبي)
تتجلّى الفنون كوسيلة سامية للتعبير عن الهوية والثقافة الإنسانية، وهي مرآة تعكس المشاعر والتجارب التي يعيشها الفنان في رحلته الإبداعية.
وفي عالم يزخر بالمدارس الفنية والتجارب المتنوعة، يبرز الفنان محمد المرزوقي كأحد الأسماء التي نجحت في المزج بين الأصالة والتجديد، مقدماً رؤى فنية تجمع بين جماليات الخط العربي وروح الفن التشكيلي الحديث، حاملاً في أعماقه شغفاً بالتراث، وفي رؤيته طموحاً يتجاوز الزمان والمكان.
جسور
منذ نعومة أظافره، كانت عين الفنان محمد المرزوقي تلتقط تفاصيل الجمال المحيط به، من النقوش الإسلامية الرصينة على جدران المساجد، إلى العمارة التراثية التي تحتضن عبق الماضي.
تلك المشاهد الأولى أشعلت بداخله شرارة الفن، لتتحول مع الزمن إلى رحلة إبداعية غنية تجسد رؤيته الخاصة، حيث يمتزج الخط العربي بفن الرسم، ليخرج بلوحات تحمل هويته العربية وروحه المعاصرة.
ورحلة المرزوقي انعكاس لشغفه بالتراث العربي، وسعيه لإحيائه بلمسة معاصرة. وهو يسعى إلى تقديم رسالة عابرة للزمن والحدود، تبرز قيمة الفن في بناء جسور بين الثقافات والشعوب.
لغة الفن
يرى المرزوقي في الخط العربي أكثر من مجرد وسيلة للتعبير، إذ يحمل في انسيابيته ورشاقته أسراراً بديعة تجعل منه عنصراً لا غنى عنه في أعماله.
ويرى أن الخط العربي ليس مجرد خطوط وأشكال، بل هو حوار بين الحرف والمعنى، وبين الماضي والحاضر، وبين الجمال والرسالة. وهو يجسد أصالة التراث العربي، وفي الوقت ذاته يوفر توازناً بصرياً وروحانياً يثري جماليات اللوحة.
ويقول: الخط العربي يمنح اللوحة بعداً عاطفياً وثقافياً، وهو ليس زينة أو عنصراً إضافياً، بل روح تكمل الألوان والخطوط الأخرى لتصبح اللوحة عملاً متكاملاً يعبر عن رسائل متعددة الأبعاد.
ويشبِّه المرزوقي العلاقة بين الألوان والخطوط بعلاقة السماء بالأرض، بينما تمثل الخطوط الاستقرار والتوجيه. وفي أعماله تصبح اللوحة ساحة للحوار بين العاطفة والنظام، وبين الفوضى الجمالية والتناسق المدروس.
مشاركات
شارك المرزوقي في أكثر من 45 معرضاً فنياً محلياً ودولياً، وكانت هذه التجارب محطات مهمة في مسيرته الفنية، حيث تعرف على جمهور متنوع، واستلهم أفكاراً جديدة أغنت تجربته وزادت من شغفه بالتطوير.
ويرى المرزوقي المستقبل لوحة بيضاء مليئة بالفرص لتقديم المزيد من التجديد.
ويطمح لأن تصبح أعماله جسراً بين الفنون المختلفة، حيث يدمج بين التصوير الفوتوغرافي والرسم والخط العربي، ويهدف إلى نشر جماليات التراث العربي بأسلوب حديث يلامس القلوب والعقول.
تحديات
رحلة المرزوقي الفنية لم تكن سهلة، وكان التحدي الأكبر الحفاظ على أصالة الخط العربي وتقديمه بقالب حديث يواكب العصر.
ويقول: تطلبت أفكاري استخدام تقنيات ومواد غير تقليدية لتحقيق التأثيرات التي أطمح إليها، مما دفعني إلى التعلم الدائم.
وهو يحلم بأن يصبح من رواد الفن التشكيلي العربي في الساحة العالمية، وأن ينقل جماليات الخط العربي إلى جماهير أوسع.