تامر عبد الحميد (أبوظبي)
تميّز عدد من المخرجين الإماراتيين في صناعة الأفلام القصيرة، وحققوا من خلالها نجاحاً لافتاً، على الصعيدين المحلي والعالمي، حيث شاركوا بأفلامهم في عدد من المهرجانات الدولية وحصدوا جوائز عدة، بفضل السرد الدرامي الاحترافي والتصوير المتميز والقصص المتنوعة.
وفي الآونة الأخيرة قرر العديد منهم خوض أولى تجاربهم في عالم تنفيذ الأفلام الروائية الطويلة، والتي عُرضت في صالات السينما، محققة مراكز متقدمة في شباك التذاكر.
«ثلاثة»
بعد رحلة طويلة في صناعة الأفلام القصيرة التي نفذتها خلال الأعوام الماضية، وحققت من خلالها صيتاً نقدياً واحتفاءً فنياً، حاصدة العديد من الجوائز في مهرجانات عالمية، بأفلام مثل «الجارة»، «الظل»، «عربانة»، «حيوان»، و«ملل»، وسواها من الإنتاجات اللافتة بصرياً وسردياً، خاضت نايلة الخاجة أولى تجاربها الإخراجية في عالم الأفلام الروائية الطويلة من خلال فيلم «ثلاثة». وهو من نوعية أفلام الرعب، صوِّر بين الإمارات وتايلاند، وعُرض في صالات السينما المحلية، وصدر مدبلجاً إلى الصينية بلغة «الماندرين».
وحول انتقالها من صناعة الأفلام القصيرة إلى الطويلة، والفوارق التي لمستها أثناء إخراجها «ثلاثة» مقارنة بأفلامها السابقة، قالت الخاجة، إن الفيلم القصير مرتبط أكثر بالمهرجانات السينمائية المتخصصة، لذلك فإن الفوارق كبيرة بين النوعين، فالفيلم الطويل يحتوي على تفاصيل متشعبة ومسؤوليات تنفيذية ومتابعات دقيقة وكلفة إنتاجية عالية، كما أنه يضمن بقاء اسم المخرج في الذاكرة السينمائية، خصوصاً إذا تمكن الفيلم من صنع التوازن المطلوب بين الشكل الفني والاستقطاب الجماهيري.
وتابعت: لدينا من الإمكانات الفنية والرؤى الإخراجية والقصص والقضايا المتنوعة التي تؤهلنا للعبور نحو العالمية بأفلامنا، ولاحظت هذا الأمر حينما عُرض لي على منصة عالمية الفيلمين القصيرين «الظل» The Shadow، الذي فاز بأكثر من 12 جائزة، وشارك في أكثر من 42 مهرجاناً عالمياً وفيلم «حيوان» Animal، الذي حصد انتشاراً لافتاً، إلى جانب الصدى الكبير الذي حققه فيلم :«ثلاثة» بعد عرضه تجارياً وبمهرجانات محلية وعالمية وحصد الجوائز، وكان آخرها جائزة أفضل فيلم في مهرجان العين السينمائي الدولي في دورته السادسة ضمن مسابقة الصقر الخليجي الطويل.
انطلاقة
ميثة العوضي الحاصلة على ماجستير في صناعة الأفلام في بريطانيا، أنتجت أكثر من 10 أفلام قصيرة تستعرض قصصاً أوروبية، تعاونت فيها مع مختلف الجنسيات، كما عملت في مجالات فنية مختلفة من صوت ومونتاج وإنتاج وكتابة وتمثيل، وتولت منصب رئيس قسم الإنتاج في أكاديمية الإعلام الجديد بدبي، حيث شاركت في إحدى ورش عمل رواية القصص التي ينظمها «استوديو الفيلم العربي»، واختيرت عام 2021، لتكون مخرجة أحد الأفلام القصيرة للاحتفال بعيد الاتحاد الـ 50 لدولة الإمارات، من إنتاج «إيمج نيشن أبوظبي».
وجاءت انطلاقتها الحقيقية في المجال السينمائي، بعد فوز فيلميها القصيرين «أكس - X»، و«تشارلي» CHARLIE عام 2016، بعدد من الجوائز الدولية التي وصل عددها إلى 13، كما عُرضا في أكثر من 40 مهرجاناً حول العالم، إلى أن رشِّحت لتتولى إخراج الفيلم الروائي الطويل، الإماراتي - السعودي «العيد عيدين».
تحديات
وعن انتقالها من صناعة الأفلام القصيرة إلى الطويلة، أوضحت العوضي، أن الخطوة كانت جريئة وصعبة في آن، لاسيما أن الفيلم القصير سهل في التنفيذ، وصعب في إيصال الفكرة والرسالة للمتلقي، خصوصاً أن مدة الفيلم لا تتعدى الـ 20 دقيقة، إنما في الفيلم الطويل، تكون كلفة إنتاجه أعلى بفريق عمل ضخم ونص طويل، لكن مع وجود طاقم عمل مميز استطاعت أن تتغلب على التحديات.
وأوضحت العوضي، أن المرأة الإماراتية استطاعت تحقيق العديد من الإنجازات في الإخراج السينمائي خلال السنوات الماضية، بدعم الجهات الفنية المتخصصة بالدولة، التي مكنت المخرجة الإماراتية من خوض تجارب فنية مختصة بعالم صناعة المحتوى، مثل «إيمج نيشن أبوظبي» و«المختبر الإبداعي» و«استوديو الفيلم العربي»، حتى استطاعت إبراز مواهبها في تنفيذ الأفلام القصيرة، ومن ثم تشجيعها على خوض تجارب إنتاجية وإخراجية في عالم الأفلام الطويلة.
دعم
طلال محمود الذي وزع نشاطه السينمائي بين كتابة السيناريو والإخراج، نفّذ عدداً من الأعمال السينمائية المتميزة التي نالت رواجاً لافتاً، خاض عالم إخراج الأفلام الطويلة بـ B82، موضحاً أنه لولا دعم المهرجانات المحلية والجهات الفنية والفعاليات السينمائية بدولة الإمارات في بداية مشواره الفني لما وصل إلى ما حققه اليوم، حيث عُرضت أفلامه في مهرجانات «الخليج السينمائي الدولي» و«دبي السينمائي الدولي» و«العين السينمائي الدولي»، وحصدت العديد من الجوائز، الأمر الذي دفعه إلى تطوير مهاراته وتطويعها في خدمة «الفن السابع».
منافسة
وبعدما حقق صدى لافتاً في صناعة الأفلام القصيرة، وحصد جوائز دولية في مهرجانَي «تورنتو السينمائي الدولي» بكندا و«سيدني السينمائي» بأستراليا عن فيلمَيه القصيرين «دروب الأضواء» 2018، و«كنز المتاهة» 2021، نفّذ المخرج الإماراتي محمد العبّادي أولى تجاربه الإخراجية في عالم الأفلام الطويلة، بفيلم «مالَك صلاح»، الذي نافس به في الموسم السينمائي الصيفي لهذا العام، وهو فيلم إماراتي خليجي مصري مشترك، سيناريو وحوار شريف عادل، وبطولة إبراهيم المريسي ويحيى إبراهيم وأحمد خشبة ومصطفى بسيط ونيرمين ماهر.
مجالات مختلفة
وأوضح العبّادي، أنه بعد مشاركات عدة في أفلام قصيرة نالت إشادة في عدد من المهرجانات المحلية والدولية، ومنها «العين السينمائي الدولي»، وبعض المشاركات في أعمال روائية طويلة سابقة في مجالات متنوعة مثل المؤثرات البصرية ومخرج منفذ، كنوع من صقل الخبرات والمهارات الفنية، استطاع دخول عالم الإخراج للأفلام الطويلة من خلال فيلمه الأول «مالَك صلاح»، الذي يعتبره الانطلاقة الحقيقية له في الأفلام التجارية وشباك التذاكر.
3000 مبدع
بعدما خاضت تجربة إخراج الأفلام الوثائقية، ومنها فيلم «حجاب»، الذي شارك في عدد من المهرجانات العربية والعالمية، حققت المخرجة الإماراتية نهلة الفهد حلمها في فيلمها الإماراتي «خلف جدار الصمت»، كأول أعمالها الروائية الطويلة في عالم الإخراج السينمائي الذي عُرض على شاشات السينما، وشارك في مهرجانات عالمية حاصداً عدة جوائز، منها مهرجان «سيبتيميوس» في أمستردام.
وجاء تنفيذ الفيلم بمشاركة أكثر من 3000 مبدع ومبدعة ممن شاركوا في مبادرة التجربة الفنية الإماراتية، التي أطلقتها مدينة الشارقة للإعلام «شمس» لإنتاج أول عمل من صنع الجمهور من المواهب السينمائية على مستوى الوطن العربي، تجسيداً لرؤية وتوجيهات القيادة الرشيدة الرامية إلى دعم المواهب الشابة والمبدعين وتأهيل وتمكين الكوادر الشابة في مختلف القطاعات، لاسيما في مجالَي الإعلام والإنتاج السينمائي.